أنهت لجنة الخمسين المكلفة بتعديل الدستور، أمس، التصويت على المسودة النهائية المؤلفة من 247 مادة، والتي سيكون إقرارها خطوةً أولى في عملية الانتقال الديموقراطي المتضمنة في خارطة المستقبل التي أعلنها الجيش عقب عزل الرئيس محمد مرسي، على أن يُسلم الدستور لرئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور في موعد أقصاه 3 كانون الحالي، حيث يتعيّن على الأخير الدعوة إلى استفتاء شعبي عليه خلال شهر على الأكثر من تسلمه إياه رسمياً. وشهدت جلسة اللجنة أمس مفاجأة في اللحظة الأخيرة، تمثلت في رفض الأعضاء للمادة 230 التي تسمح بإجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية، الأمر الذي سيؤدي إلى تعديل في خطة خارطة المستقبل.
وقالت صحيفة «المصري اليوم» إن الاتجاه الأغلب داخل اللجنة في ما يتعلق بالمادة «230» انصبّ على تعديل خارطة الطريق، إما بالنص على إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، أو بوضع صياغة تسمح للرئيس المؤقت بأن يجري هذا التعديل. أما في ما يتعلق بالمادة «229»، الخاصة بإجراء انتخابات مجلس النواب بالنظام المختلط بنسبة الثلثين للفردي والثلث للقوائم، فقد تركزت المداولات على أحد خيارين: إما إجراء الانتخابات بالنظام الفردي فقط، أو ترك الأمر للقانون لتحديد النظام. أما المادة الانتقالية الخاصة بتمثيل العمال والفلاحين «تمثيلاً ملائماً» فستُعَّدل، وفقاً للمناقشات، بحيث تنص على نسبة بحدود 30 في المئة.
ووافقت اللجنة على 243 مادة، أغلبها بالإجماع، وأقرّت إعادة مناقشة 4 مواد لعدم حصولها على 75 في المئة من عدد الأصوات، إضافة إلى مناقشة مادة مقترحة لم يعلن عن نصها.
وتضمنت أهم المواد التي جرت الموافقة عليها المادة التي تقول إن «مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع»، وأيضاً تلك التي تنص على حظر الأحزاب الدينية وتقول «لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي، أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني». كذلك أقرّت المادة التي تجيز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري في بعض الحالات، بعد أن حصلت المادة المثيرة للجدل على تأييد 41 عضواً في اللجنة.
ونصت المادة على أن «القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، ويختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن في حكمهم، والجرائم المرتكبة من أفراد الاستخبارات العامة أثناء وبسبب الخدمة، ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشراً على منشآت القوات المسلحة أو معسكراتها أو ما في حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية أو الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشراً على ضباطها أو أفرادها بسبب تأديه أعمالهم الوظيفية».
وكان دستور 2012 الذي تم تعطيله بعد عزل مرسي في 3 تموز الماضي يجيز كذلك محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، ولكنه كان أكثر عمومية، إذ أتاح إحالة المدنيين على محاكم عسكرية في الجرائم التي «تضرّ» بالقوات المسلحة من دون أي تحديد لطبيعتها.
ولم يحدد الدستور الجديد أي حصة للمسيحيين الذين يمثّلون نحو 10% من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 83 مليون نسمة، إلا أن ممثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في اللجنة، الأنبا بولا، قال إن «الكنيسة سعيدة بالنسخة النهائية للدستور»، معتبراً أن «الكوتا تعبير سيّئ السمعة، ونحن لا نرضاه على الأقباط لأنه يظهرهم كطائفة مهمّشة».
كذلك لم يتضمن الدستور الجديد نسبة الـ50% المخصصة للعمال والفلاحين في مجلس الشعب المصري، لكنه نص في مادة انتقالية تحمل الرقم 234 على الآتي: «تعمل الدولة على تمثيل العمال والفلاحين تمثيلاً ملائماً في أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور».
دولياً، اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الجيش المصري بالوقوف وراء «الاختفاء القسري» لخمسة من المسؤولين السابقين الذين كانوا مقرّبين من مرسي، مؤكدة أنهم محتجزون في مكان سري منذ إطاحته.
واتهمت المنظمة الحكومة المصرية بالقيام بـ«حملة قمعية ممنهجة بحق الإخوان المسلمين»، مضيفة أن الشرطة أوقفت «الآلاف من قادة التنظيم، وأفراده، ومن تتصور أنهم يتعاطفون معه».
من جهته، أعرب وزير الدفاع الأميركي، تشاك هاغل، عن «قلق بلاده إزاء سن قانون التظاهر»، معتبراً أن «استجابة الحكومة المصرية لحرية التعبير والتظاهر ستحدد التزامها بتحول ديموقراطي غير عنيف وشامل ومستدام». وأسف في مكالمة مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي لوفاة جنود مصريين في سيناء أخيراً، مشيداً بجهود الجيش المصري المستمرة في مكافحة الإرهاب.
بدورها، أعربت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، عن «قلقها من انتهاكات حقوق الإنسان وتطبيق قانون التظاهر الجديد في مصر». ورأت في بيان أن «استخدام القوة والأحكام القاسية تعيق انتقال البلاد إلى الديموقراطية».
إلى ذلك، فرّقت الشرطة بواسطة قنابل الغاز المسيلة للدموع قرابة ثلاثة آلاف طالب من مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، في أول تظاهرة لهم في ميدان التحرير منذ عزله، وهو ما اعتبره المتظاهرون انتصاراً كبيراً.
من جهة ثانية، أفرجت السلطات المصرية أمس عن مؤسس حركة «6 إبريل» أحمد ماهر، المتهم بتنظيم تظاهرة غير قانونية، فيما جددت حبس الناشط علاء عبد الفتاح 15 يوماً، المتهم بالتجمهر والاعتداء على موظف عام أثناء أداء عمله، والتحريض على التظاهر.
وحددت محكمتان في الاسكندرية السبت المقبل موعداًً للنظر في استئناف قدمته 21 امرأة من مناصري جماعة الإخوان صدرت أحكام «قاسية» بحقهن لمشاركتهن في تظاهرة تخللتها أعمال عنف.
(أ ف ب، الأخبار)