اللاذقية | أرخى حدث وصول جثمان الملازم الشهيد جواد مهنّا، الذي قضى على يد زميل له منشق في ريف بانياس، بظلاله على اللاذقية ومحيطها. الخطر المجهول القادم من المدينة الواقعة جنوباً يقضّ مضجع أهل المنطقة. تعود بانياس إلى الواجهة بين وقت وآخر، وسط خشية من امتداد الأحداث إلى وسط مدينتي اللاذقية وجبلة الهادئتَين منذ سنتين. وفيما يستاء بعض اللاذقيين من عدم تسجيل تقدم عسكري للجيش على الجبهات الشمالية الأكثر خطراً، في ظل محاولات متكررة لمسلحي «النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» للتقدم، يكتفي الجيش بالقصف المدفعي ضدّ أي تحرّك مقابل في نقاط تمركز المسلحين، إلى جانب قصف سلاح الجو وفق إحداثيات يحصل عليها تباعاً.وأكّد مصدر ميداني لـ«الأخبار» أن الجيش صدّ قبل أيام هجوماً لمسلّحي «داعش» على قمة الشيخ نبهان عبر ثلاثة محاور، وكبّد المسلحين 43 قتيلاً. قدرة الجيش على صدّ الهجوم، بحسب المصدر، كانت بسبب التثبيت العسكري المُحكَم في المرصد الاستراتيجي، الذي يكشف مناطق تمركز المسلّحين وإحداثياتهم، إضافة إلى وصول الدعم العسكري سريعاً.
ويسيطر مسلّحو «داعش» على نقطتي كنسبّا وجبل التركمان، ويتشاركون مع «النصرة» في السيطرة على مصيف سلمى، فيما يتمركز مسلّحو «الجيش الحر» في بلدة ربيعة التركمانية وحولها، ويسيطر على منطقة الروضة التي تضم أهم مستودعاته. وقد خسر اثنين منها دمّرهما قصف الطيران، إضافة إلى ثالث سيطر عليه مسلحو «النصرة» و«داعش» في الاشتباكات التي جرت أخيراً بين هذين التنظيمين و«الحر». أما نقطة التماس الأصعب مع المسلحين، ففي قريتي غمام والدغمشلية. وينتشر هؤلاء أيضاً على محوري مرج خوخة ــــ دويركة، والكرد ــــ عين قنطرة. ويمر طريق الإمداد الرئيسي لنقل السلاح والذخيرة والمقاتلين عبر قرية عطيرة (تابعة لناحية ربيعة) الواقعة في مرمى نيران الجيش، حيث استُهدفت أرتال عدة لمقاتلي المعارضة.
على مدخل اللاذقية لوحات مرورية يتحسّر أبناء المنطقة عندما يقرأون عليها أسماء مصايف كانوا يقصدونها للسياحة والترفيه، وباتت اليوم تحت إمرة أمراء الطوائف والحروب. ويتناقل سكان اللاذقية أخبار الخلافات بين قادة الكتائب المعارضة في الريف الساحلي. وبحسب مصادر مطلعة، فإن الخلاف سببه رفض مقاتلي «الحر» الانضواء تحت إمرة شخصيات إسلامية غير سورية، بسبب احتكار هؤلاء للتمويل والسلاح. وأدّى هجوم لـ«الجيش الحُر» على مستودعات للسلاح تابعة لـ«النصرة» و«داعش» على أطراف بلدة ربيعة، إلى اندلاع معارك عنيفة استدعت وساطة سعودية نجحت في تهدئة الأمور بضعة أيام. إلا أن مقتل زعيم «النصرة» في المنطقة، أبو منصور الإدلبي، ألّب الكتائب المسلّحة على قيادات «الحُر» المتّهمة باغتياله، وأعاد التوتر إلى ذروته. وبسبب الحصار الخانق الذي يعيشه الأخير، كشف مصدر أمني أن ضابطاً منشقّاً يفاوض الجيش على تسليم سلاحه مع 450 عنصراً من مجموعته، على أن يضمن الجيش السوري سلامتهم.
ويقول مصدر أمني إن سلمى هي نقطة القوة الأكبر للمسلحين الذين يتحصّنون داخلها، وينشرون أعداداً كبيرة من القناصين لمنع أي محاولة توغل بري. لكن المصدر يؤكد أن ما ينتظره جنود الجيش السوري لإطلاق العملية العسكرية في الساحل السوري هو «صدور قرار عسكري عن القيادة باقتحام هذه المناطق»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «التفرج على قيادات المسلّحين يأكل بعضهم بعضاً، أكثر متعة للضباط السوريين من التخطيط لعمل ميداني، قد تذهب ضحيته أعداد كبيرة من الجنود».