على وقع التحضيرات لـ«جنيف 2»، يتحرّك الميدان السوري. كان يُفترض أن يزور رئيس الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان العاصمة الروسية، وفي جعبته تقدّم رجاله في المعارضة السورية، في منطقة الغوطة الشرقية والقلمون. لكن الواقع الميداني خذله. من موسكو، اعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن الرئيس فلاديمير بوتين وبندر «تبادلا وجهات النظر حول الوضع في سوريا ولا سيما من منظار الاستعدادات لمؤتمر جنيف 2». تبادل لوجهات النظر يقابل تبادل النيران على الأرض السورية، في ريف دمشق الشرقي والشمالي. خلال الأسابيع الأربعة الماضية، كانت السعودية تنتظر تقدماً لقوات المعارضة في منطقة القلمون، وفي الغوطة الشرقية. فرضت «جبهة النصرة» وبعض المجموعات الأخرى التابعة لـ«القاعدة» او السعودية، معركة في القلمون، لكنها لم تستطع الاحتفاظ بأي منطقة دخلتها. على العكس من ذلك، خسرت بلدتي قارة والنبك، بعد عجزها عن الاحتفاظ بصدد ومهين ودير عطية. إنجازها الميداني الوحيد كان احتلال بلدة معلولا، واختطاف 12 راهبة أرثوذكسية. بالتأكيد، سيكون من الصعب على بندر تسويق هذه العملية ــ كإنجاز ــ في «عاصمة الأرثوذكس» في العالم. اما في الغوطة الشرقية، فيواصل الجيش السوري مواجهاته مع المسلحين، في كل من دير سلمان والنشابية وقيسا والبلالية، بينما أحرز تقدّماً من خلال بسط سيطرته على بلدة العتيبة ومحيطها التي سبق أن دخل المسلحون إلى جزء من أحيائها، بعد الهجوم الذي شنوه على دفعات خلال الأيام الـ12 الماضية.
وبحسب مصادر من الطرفين المتقاتلين، فإن المسلحين الذين أرادوا من الهجوم الذي شنوه ابتداءً من يوم 22 تشرين الثاني الماضي، فك الحصار عن الغوطة من خلال السيطرة على بلدة العتيبة، تلقوا ضربة قاسية في الهجمات المضادة التي شنتها عليهم قوات الجيش السوري وحزب الله. وقالت المصادر إن مسلحي المعارضة نعوا حتى اليوم أكثر من 500 مقاتل قضوا في هذه المعارك خلال الأيام الـ12 الماضية. وأكّدت مصادر رسمية سورية أن مسلحي المعارضة ظنوا في البداية ان تحقيق هدفهم سيكون سهلاً، لكنهم فوجئوا بالهجمات المعاكسة التي شُنّت عليهم، وأدت على سبيل المثال إلى إخراجهم من العتيبة ومحيطها خلال أقل من 12 ساعة من المعارك.

الراهبات المخطوفات

على صعيد آخر، لا يزال الغموض يلفّ مصير راهبات دير مار تقلا في معلولا المخطوفات من قبل مسلحي المعارضة الذي سيطروا على البلدة اول من أمس.
وأكد مصدر في «الجيش الحر» لـ«الأخبار» أنّ «معارك عنيفة شهدتها البلدة»، مشيراً إلى أنّ «خراباً كبيراً قد أصابها». واستصرخ بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي في نداء «الضمير البشري كله وكل ذوي النيات الحسنة لإطلاق راهباتنا المحتجزات واليتامى». وناشد «بذرة الضمير التي زرعها الله في كل البشر، بمن فيهم الخاطفون، لإطلاق أخواتنا سالمات».
من جهته، قال مبعوث الفاتيكان في دمشق، ماريو زيناري، إنّ «12 راهبة نقلن من معلولا إلى بلدة يبرود التي تقع على مسافة 20 كيلومتراً إلى الشمال». وفي حديث مع وكالة «رويترز»، شرح زيناري أنّ «المسلحين أجبروا الراهبات على اخلاء المكان وعلى أن يتبعنهم إلى يبرود. في الوقت الراهن لا يمكننا القول إن كان هذا خطفاً أم إجلاء». وأضاف: «سمعت أنه يجري قتال بالغ الشراسة في معلولا».
بدورها، طالبت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، «بوقف الهجمات الإرهابية على دور العبادة ورجال الدين في سوريا». كذلك أعربت الخارجية الفرنسية عن قلقها في ظلّ «المعلومات التي تحدثت عن خطف 12 راهبة ارثوذكسية سورية ولبنانية أو ارغامهن على مغادرة دير معلولا. نطلب، إذا تبيّن ذلك، الافراج عنهن فوراً».

انتحاري في دمشق

من جهة أخرى، استشهد 4 مواطنين وأصيب أكثر من 17 أمس، إثر هجوم انتحاري على مكتب لوزارة الدفاع السورية وسط العاصمة دمشق يقصده أهالي شهداء الجيش لتسوية اوضاع عائلاتهم المالية. وفي حمص، أحكم الجيش سيطرته الكاملة على جبال الشومرية وتلول الهوى والجبال المحيطة بقرية أم صهريج في المخرم في ريف حمص الشرقي، بعد القضاء على آخر تجمعات المسلحين فيها.

اخفاق «غزوة الفتح»

وفي حلب (باسل ديوب)، تراجعت حدة المعارك بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة في المدينة وريفها، بعدما فشلت «غزوة الفتح» في إحراز تقدم يذكر على جبهة الشيخ سعيد. وتبادلت المجموعات المعارضة الاتهامات حول مسؤولية الاخفاق في الغزوة التي أطلقتها «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وشاركتها فيها «حركة أحرار الشام الإسلامية» وعدة مجموعات أخرى، أبرزها «صقور العز». وحمّل قادة في «الدولة» حركة «أحرار الشام» مسوؤلية الاخفاق ومقتل عشرة من مقاتليها ومقاتلي «صقور العز» نتيجة عدم التزامها بتنفيذ الخطة المتفق عليها، في حين ردّ «أحرار الشام» التهمة بتأكيد أنّ مسلحي «الدولة» هم أول من انسحب من المعركة فتبعهم الآخرون، حسب بيان لهم.
(الأخبار)