كشفت الكلمات التي ألقاها كل من رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما، وغيرهما من المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين، عن المسافة التي تفصل بين رؤية وموقف كل من واشنطن وتل أبيب، تجاه إمكانية التوصل إلى تسوية مقبولة على المسار الفلسطيني.
فبعدما رسم أوباما إطاراً عاماً لحلٍ للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في كلمته أمام منتدى سابان قبل يومين، وبالرغم من تبني الإدارة الأميركية للموقف الإسرائيلي إزاء الترتيبات الأمنية، حاول نتنياهو إيجاد ربط نزاع بين تحول إيران إلى دولة نووية، وفرص التوصل إلى تسوية إسرائيلية فلسطينية، متهماً الجمهورية الإسلامية بأنها تعمل على « تقويض جهود السلام».
وشدد نتنياهو، في كلمة متلفزة أمام منتدى سابان، على أن «لب النزاع المتواصل هو الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية في حدودها الحالية»، وأن على «الفلسطينيين الاعتراف بحق الشعب اليهودي في تقرير مصيره في بلده»، بحسب تعبيره. واستدل نتنياهو بأن النزاع لم يبدأ من «منعنا الفلسطينيين من إقامة دولة، وإنما وافقنا على ذلك حتى في فترة الخلاف»، لافتاً إلى أن «الفلسطينيين هم الذين رفضوا في العقدين السابقين منذ اتفاقات أوسلو في كل مرة اقترحنا فيها دولة فلسطينية إلى جانب دولة يهودية». ورفض نتنياهو مقولة أن عدم التوصل إلى اتفاق يعود إلى أن إسرائيل لم تبد ما يكفي من المرونة، مشيراً إلى أن إسرائيل «أظهرت في ظل عدد من الحكومات مرونة واستعداداً لتنازلات مؤلمة»، ومعرباً عن استعداده للنقاش حول المستوطنات والحدود.
ولجهة تبرير المطالب الأمنية الواسعة التي يطالب بها، أوضح نتنياهو أنه يعلم بأنه عندما سيوقّع على اتفاق سلام، سيكون ذلك بداية «سلام بارد» «سيفرض مواجهة الإرهاب والقوى التي تدعمها إيران، ونتيجة ذلك ينبغي أن يتضمن الاتفاق تمكين إسرائيل من الدفاع عن نفسها». وأضاف إن «هناك حاجة الى ترتيبات أمنية صلبة تسمح لإسرائيل بالدفاع عن نفسها، وبقواتها العسكرية، ضد أي تهديد ممكن، وينبغي أن ترتكز هذه الترتيبات الأمنية على قوات إسرائيلية، والتي ليس لها بديل».
وفي مقابل الرؤية الأميركية التي تربط بين إدارتها وترتيبها للوضع في المنطقة، وبين القضية الفلسطينية، اعتبر نتنياهو أن «النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ليس مصدر المشاكل في المنطقة، والواقع أثبت أن الأمر ليس كذلك»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «السلام مع الفلسطينيين أمر حيوي من أجل إسرائيل».
وكما هو الخطاب الرسمي الإسرائيلي التقليدي، أعلن نتنياهو أن «تحقيق سلام قابل للحياة هو هدف استراتيجي» لإسرائيل والحكومة. ومن دون أي التزامات تفصيلية تشكل عقبة أمام التوصل إلى اتفاق، أعرب نتنياهو عن استعداده «لاتخاذ قرارات قاسية إضافية من أجل تحقيق السلام، وأنا آمل أن يكون أبو مازن مستعداً لذلك».
من جهته، وبعد مرور 20 سنة على اتفاق أوسلو المرحلي، دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما الفلسطينيين إلى إعادة خوض غمار اتفاق مرحلي جديد، في ظل المواقف الإسرائيلية المتصلبة في مختلف قضايا الوضع النهائي. وأوضح أن «هذا الاتفاق سيقتصر على الضفة الغربية بهدف تشكيل نموذج للفلسطينيين في غزة، عندما يتم التخلي عن تهديد إسرائيل». وبدلاً من ممارسة الضغوط على إسرائيل، اختار أوباما توجيه الضغوط على قيادة السلطة في رام الله، معلناً أن على الفلسطينيين أن يفهموا أنه «ستكون هناك مرحلة انتقالية»، مبرراً ذلك بأن «الجمهور الإسرائيلي يريد أن لا يتم تكرار غزة في الضفة».
كذلك أعرب أوباما عن اعتقاده بإمكانية «التوصل إلى اتفاق إطار خلال عدة أشهر، لا يعالج كل التفاصيل، ولكن سيدفعنا جميعاً إلى النقطة التي نعي من خلالها أن من الأفضل التقدم بدلاً من التراجع إلى الخلف».
وفي موقف يعكس ويبرّر التبنّي الأميركي للمطالب الإسرائيلية الأمنية، اعتبر أوباما أننا «لا نستطيع الإملاء على إسرائيل ما هي حاجاتها الأمنية، ولكن نحن نحاول أن نفهم» ذلك.
وتركت مواقف الرئيس الأميركي ردود فعل متباينة في الساحة الإسرائيلية، حيث اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في كلمة له أمام منتدى سابان أن فرص تحقيق تقدم في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، منخفضة، مشدداً على أنه «من دون بناء ثقة بين الأطراف، سيكون الاتفاق مع الفلسطينيين مهمة غير ممكنة». ورأى وزير الدفاع موشيه يعلون أنه «لا يوجد شريك في المفاوضات، وأن هذه المشكلة غير قابلة للحل».