دمشق ــ الأخبار ينام الإعلام في سوريا على مجزرة عدرا. هجوم مقاتلي جبهة النصرة و«جيش الإسلام» على البلدة الواقعة شمال شرق العاصمة دمشق، والمجزرة التي ارتكبها المقاتلون بحق مدنيين لم يجد طريقه إلى الشاشات والصحف.
لم يهتم أحد بخبر إعدام عشرات المدنيين، بينهم موظف في مستوصف عدرا، قُطع رأسه وعلّق في السوق. موظفٌ آخر في مخبز عدرا العمّالي، الذي خرج عن الخدمة، قطع رأسه أيضاً وعُلّق على شجرة، وسط تهليل المقاتلين الذين أتوا من دوما واجتاحوا مساكن عدرا العمالية، القريبة من طريق دمشق ــ حمص. وكان في رفقة هؤلاء مخبرون دلوهم على منازل الموالين للدولة والموظفين الحكوميين لإحراقها. سوء الأحوال الجوية مكّن المسلحين من السيطرة سريعاً على المنطقة الآمنة، معتمدين عنصر المفاجأة، للسيطرة على الدوائر الرسمية في المدينة، واستخدام مخبز المدينة لخدمة مسلحي المعارضة. وفيما تؤكد وسائل الإعلام أن عدد ضحايا المجازر المرتكبة بحق المدنيين العزل يتجاوز 50 شخصاً، تذكر مصادر ميدانية أن العدد يتجاوز أضعاف الرقم المذكور. ففي مخبز المدينة وحده، لقي أفراد سبع عائلات مصرعهم حرقاً، بحسب المصادر.
مأساة «عدرا العمالية»، التي تبعد عن العاصمة السورية مسافة 30 كلم إلى الشمال الشرقي، لا تختلف عن سائر مآسي المناطق السورية، إذ تمركز القناصون سريعاً على أسطح المباني العالية، لمنع أي محاولة للجيش لإرسال تعزيزاته. وصول قوات برية من نخبة الجيش السوري إلى المنطقة أشعل المواجهات، بالتزامن مع قصف متقطع من سلاح الجو لإحداثيات محددة، وسط محاولات لجوء للمسلحين نحو قرية حفير التحتا، التي تضم بدورها أعداداً كبيرة من النازحين. وبحسب مصدر ميداني، فإن نوايا الجيش في المنطقة تشرحها استعداداته الدقيقة التي توحي بمعارك عنيفة متوقعة خلال الساعات القادمة.
في المقابل، قال ناشطون معارضون على صفحات مواقع «التواصل الاجتماعي» إن مسلحين اسلاميين قتلوا ما لا يقل عن 15 مدنياً في بلدة عدرا في اليومين الماضيين. وقال ناشط من ضواحي دمشق لـ«رويترز»: «(قائد «جيش الإسلام») زهران علوش ارتكب مجزرة». وذكر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ان بعض السكان فروا من المدينة بينما اختبأ آخرون في اقبية منازلهم، علماً بأن المنطقة تضم عشرات آلاف النازحين الذين هربوا للعيش بأمان في مساكن «عدرا العمالية».
وقال مصدر عسكري لوكالة «سانا» الاخبارية، «إن الإرهابيين اعتدوا على السكان المدنيين العزل في منازلهم حيث وردت معلومات تفيد بأن الإرهابيين ارتكبوا مجزرة بحق المدنيين». واضاف المصدر «أن وحدات من الجيش توجهت على الفور إلى المنطقة وباشرت بتنفيذ مهامها لتخليص المدنيين وإعادة الأمن إلى المدينة».
في موازاة ذلك، استهدفت وحدات من الجيش مجموعات مسلحة في دوما ومزارع ريما ويبرود وخان الشيح وحي برزة في عمليات مركزة أسفرت عن تدمير كميات كبيرة من أسلحتهم وذخيرتهم، حسبما نقلت وكالة «سانا». وفي درعا، اشتبكت وحدة من الجيش مع مجموعة مسلحة حاولت الاعتداء على نقطة عسكرية على مدخل قرية زمرين في ريف درعا، وقتل فيها 17 مسلّحاً بحسب ما افادت «سانا».
وفي حلب، يبدو ان النزاع الكبير بين «حركة احرار الشام» و«الدولة الاسلامية في العراق والشام» في بلدة مسكنة في ريف حلب، وُضِع على سكة الحل، بعد أن دعا امير «الدولة الاسلامية» في المدينة الشيخ يوسف الاحمد، في تسجيل صوتي، الى «حل الخلاف بين الاخوة المسلمين». وقد وافقت «الجبهة الاسلامية» على مبادرة الاحمد، والتي تقضي بالإفراج عن جميع المخطوفين من الطرفين ورد الأسلحة والمقار. واكّدت «احرار الشام» الافراج عن جميع عناصر «الدولة» وأمهلت التنظيم الاخير حتى ظهر اليوم للافراج عن معتقليها. وتُعد «احرار الشام» إحدى المكونات الرئيسية لـ «الجبهة الإسلامية»، وهي حركة سلفية يقول ناشطون معارضون إنها تتلقى تمويلاً من قطر، ومن جمعيات سلفية كويتية. ونشب قتال عنيف بين «الحركة» و«الدولة»، اوقع عدداً من القتلى ونتجت عنه عمليات خطف متبادل. وكان الطرفان قد حاولا شن هجوم مشترك قبل نحو 10 أيام على القوات الحكومية المتمركزة في حي الشيخ سعيد في مدينة حلب. وبعد فشل الهجوم، ألقى كل منهما باللائمة على الآخر، متهماً إياه بالفرار من ساحة المعركة من دون التنسيق مع
الآخر.
وفي سياق متصل، أفاد «لواء الأبابيل» عن اختفاء قائده أمين سر «الجيش السوري الحر»، عمار الواوي، مع 3 من مرافقيه بعد دخوله الأراضي السورية من تركيا.