في الفترة التي يسعى فيها "الائتلاف الحاكم"، بقيادة القطبين "نداء تونس" و"حركة النهضة"، إلى تكريس التوازن السياسي الذي بناه، أعلن، أمس، القيادي المنشق عن «النداء»، محسن مرزوق، تأسيس حزبه الجديد، «مشروع حركة تونس».
وقال مرزوق في كلمة ألقاها أمام أنصاره في تونس العاصمة، إنّ «البلاد بحاجة إلى مشروع حقيقي»، داعياً الحكومة إلى «المجازفة واتخاذ قرارات حاسمة». ويضم حزب مرزوق الجديد نواباً من البرلمان ينتمون إلى كتلة «الحرة»، إضافة إلى شخصيات سياسية بارزة، أهمها أحد وزراء زين العابدين بن علي، الصادق شعبان.
السبسي: صالح بن يوسف كان ركيزة من ركائز الحزب الحر الدستوري

ويهدف الحزب وفق "ميثاقه التأسيسي" إلى "استكمال المشروع الوطني العصري" استناداً بالخصوص إلى "فكر الزعيم (الراحل) الحبيب بورقيبة". كما يهدف إلى "تمكين المرأة من فرص القيادة بالمساواة مع الرجل" و"فسح المجال أمام الشباب لتحمل المسؤوليات والمشاركة في التسيير" و"الحفاظ على الهوية التونسية للشعب التونسي وقيمه الحضارية، وبرعاية الدولة للدين ودور العبادة، وفصل الديني عن السياسي".
وفي مؤتمر صحافي، وجّه محسن مرزوق "رسالة إلى كل الأحزاب السياسية الأخرى القريبة"، قائلاً "تعالوا نعمل مع بعضنا. و(إلى) إخوتنا في الحزب القديم... تفضلوا معنا". ورداً على سؤال حول احتمال مشاركة حزبه مستقبلاً في ائتلاف حكومي يضم "حركة النهضة"، قال مرزوق إنّ "مشروعنا ومشروع هذه الجماعة (النهضة) متمايز ومختلف، لذلك نريد أن ننافسهم ونريد أن ننتصر عليهم بطريقة ديموقراطية وفي إطار الانتخابات وفي إطار الدستور، ونريد أن نحكم وحدنا حتى ننفذ مشروعنا العصري".
وأضاف "لدينا اختلافات كثيرة مع حركة النهضة، وخصوصاً في الفصل بين الديني والسياسي... ونعتبر أنّ العلاقة بين الديني والسياسي هي التي تخلق قاعدة وشروط التطرف الإسلامي الجهادي". وتابع قائلاً: "وجّهنا اليوم نداءً الى الأحزاب الوطنية الحداثية، ودعونا الى خلق أغلبية جمهورية في البرلمان وخارجه" لمنافسة "حركة النهضة".
جدير بالذكر أنّ مرزوق انفصل أواخر عام 2015 عن حزب «النداء» عقب استقالته من الأمانة العام للحزب، وذلك بسبب نشوب خلاف حاد حول زعامة الحزب بين فريق يدعمه، وآخر يساند نجل الرئيس التونسي، حافظ قائد السبسي.
ولم يتأخر رد "النداء" على خطوة مرزوق، إذ قال رئيس الهيئة السياسية في الحزب، رضا بلحاج، إن "الحزب حقق التوازن في المشهد السياسي في البلاد حتى لا تسيطر عليه قوة حزبية واحدة"، داعياً الحزب إلى التوحد مجدداً. وفي كلمة أمام أنصار الحزب لمناسبة إحياء الذكرى 60 للاستقلال عن فرنسا، أضاف بلحاج أنه "بغياب نداء تونس سنفقد كل المكتسبات التي تحققت للبلاد، لذلك لا بد أن يعود نداء تونس قوياً ويسترجع كل طاقاته''.
وفيما من شأن إعلان مرزوق أن يفتح على صراع جدي على السلطة في البلاد، وخصوصاً أنّ عدد نواب "النداء" في البرلمان كان قد تقلص بفعل انشقاق مرزوق وعدد آخر من شخصيات الحزب، إلا أنّ "النهضة" (التي أصبحت كتلتها الأولى في البرلمان) لا تزال متمسكة بالتحالف مع زعيم "نداء تونس"، الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي.
وكان الباجي قد دعا أمس، في خطاب ألقاه لمناسبة ذكرى الاستقلال، التونسيين إلى "الوحدة الوطنية" لمجابهة "التحديات" الكبيرة التي تواجهها البلاد، وفي مقدمها "الارهاب". وفي نقطة مهمة، حاول الرئيس التونسي رأب صدع قديم في البلاد يعود إلى حقبة إنشاء الجمهورية أيام بورقيبة، حين قال إنّ "صالح بن يوسف كان ركيزة من ركائز الحزب الحر الدستوري التونسي، وهو اليوم ضمن العائلة الدستورية، بعد 55 عاماً". وذكر أنه "وقف في صف (بورقيبة) في الخلاف الذي كان بينه وبين صالح بن يوسف"، مقدماً هذا الخلاف على أنه "تعلق بالأساس بطريقة الحصول على الاستقلال".
في سياق متصل، قال السبسي إنّ قرار "إعادة النصب التذكاري للرئيس الراحل، الحبيب بورقيبة، إلى الشارع الرمز بالعاصمة والذي يحمل اسمه، جاء ليؤكد أن تونس تحررت من جميع القيود وأصبحت دولة حرة مستقلة".
(الأخبار، أ ف ب)