المنامة | على مدار يومين، ستحيي المعارضة البحرينية فعاليات يوم الشهيد ويوم الجلوس، بعصيان مدني وتنظيم مسيرات واحتجاجات سلمية في كافة مناطق المملكة، التي تحيي السلطة فيها اليوم ما يعرف بالعيد الوطني احتفالاً بجلوس الحاكم عيسى بن سلمان آل خليفة (والد الحاكم الحالي) على العرش، بعد الاستقلال الصوري من المستعمر البريطاني سنة 1971. في المقابل، تصر القوى المعارضة على اعتبار يوم 14 آب اليوم الوطني الحقيقي، وهو ذكرى انسحاب المستعمر البريطاني من البحرين، وهي تَعدّ يوم غد عيدا للشهداء بعد الانتفاضة الشعبية التي شهدتها البحرين في أواخر عام 1994، عقب سقوط الشهيدين هاني الوسطي وهاني خميس، أول شهداء «انتفاضة التسعينيات». الأمين العام للتجمع الديموقراطي الوحدوي فاضل عباس، أوضح لـ «الأخبار»، أن المعارضة اختارت يوم 17 كانون الاول «ليكون شاهداً على القتل الذي مارسه نظام الحكم ضد جمهور المعارضة في انتفاضة التسعينيات».
بدوره، اكد النائب المستقيل عن كتلة الوفاق البرلمانية، ورئيس دائرة الحريات وحقوق الإنسان في جمعية «الوفاق» المعارضة، هادي الموسوي، أن «الفعاليات تأتي لتثبت أن الشعب البحريني الرافض للسياسة القائمة، ليس في حساباته التراجع عن خياره النضالي التغييري، في مقابل آلة القتل التي تمارسها السلطات، بعد عامين على الثورة».
من جهته، شدد النائب المستقيل عن كتلة الوفاق البرلمانية، جواد فيروز، على أهمية إحياء ذكرى «انتفاضة الكرامة» في التسعينيات، لايصال صوت الشعب المضطهد في المملكة.
ولفت فيروز، المقيم في لندن منذ أن أسقط النظام الحاكم عنه الجنسية مع 30 ناشطاً آخرين، واعتقلته السلطات أثناء فترة السلامة الوطنية في آذار 2011، إلى أن تكتل المعارضة البحرينية في لندن بدأ بتنظيم عدة فعاليات تستمر حتى 18 كانون أول، تشمل مؤتمراً صحافياً وندوات سياسية وحقوقية واعتصامات ومسيرة احتجاجية من أحد ميادين لندن، تنتهي أمام مقر مجلس الوزراء البريطاني، للاحتجاج على دعم الحكومة البريطانية لسلطات المنامة، ودعمها بصفقات تسليح لقمع المتظاهرين.

الثورة متوهجة

بعد 1000 يوم على اندلاع ثورة 14 فبراير، واستمرار الحملة الأمنية والاعتقالات والاحكام التعسفية التي صدرت بحق شباب الثورة، تجمع قوى المعارضة على تأكيد استمرار الحراك السلمي إلى أن تتحقق اهداف الثورة.
ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير، التنظيم الميداني الذي يقود الاحتجاجات منذ بدايتها، أكد عبر احد قادته لـ «الأخبار» تمسكه بالأهداف التي نصّ عليها ميثاق اللؤلؤ، «وفي مقدمتها إسقاط كيان العدو الخليفيّ، وطرد المحتل السعوديّ، وانتزاع حقّ الشعب البحرينيّ في تقرير مصيره، واختياره لنظامه السياسيّ الذي يصون كرامة الإنسان وحريّته وسيادته على أرضه». وأضاف أنه «برغم كل أنواع الاضطهاد والظلم التي تعرّض لها الشعب البحرينيّ على مدى عامين، فإن الثورة مستمرة إلى أن تتحقق غاياتها».
بدوره، شدد الأمين العام لجمعية المنبر الديموقراطي التقدمي، عبد النبي سلمان، على أنه «رغم الحرب الإعلامية التي يمارسها النظام، وتغييب الكثير من المعارضين والنشطاء الحقوقيين والأطباء والطواقم الطبية والنقابيين في السجون لسنوات وبأحكام قاسية، الا أن كل ذلك لم يغير من القضية شيئاً، بل زادها توهجاً مع استمرار زخم الحراك المطلبي في الداخل والخارج، الذي أوصل إلى العالم مظلومية الشعب البحرينيّ». ولفت سلمان، أحد المشاركين في حوار التوافق الوطني بين المعارضة والسلطة، في تصريح لـ «الأخبار»، إلى أن تعنت النظام ورفضه تطبيق توصيات لجنة «بسيوني»، «جعلا النظام الحاكم في مواجهة مع أبرز حلفائه، ومنهم الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، الذين دانوا تقاعسه عن تطبيق ما التزم تنفيذه، كما طالبوه بالتزام تعهداته، وأن يدخل في حوار جاد وذي مغزى مع قوى المعارضة السياسية، لإخراج البلاد من أزمتها المستفحلة».

ظروف أفضل

يلفت فاضل عباس إلى أن «يوم الشهيد هذا العام يأتي في ظروف اقليمية ودولية أفضل، وأكثر تفاؤلاً من السابق، ويبدو أن لحظة الحساب مع النظام قد اقتربت، وخاصة بعد اتفاق جنيف حول ملف إيران النووي». فبحسب عباس، جاء الاتفاق ليثبت فشل الولايات المتحدة في استخدام الملف البحريني للمساومة مع إيران في مقابل الملف السوري، مشيراً إلى أن «الاتفاق نافذة نحو تعزيز الدور الإيراني في المنطقة، وتراجع الدور السعودي الذي فشل في سوريا، ويترقب فشله في البحرين». وأشار عباس إلى أن النظام البحريني «يعيش حالة من القلق بسبب التراجع الأميركي في المنطقة، وخاصة في سوريا، وهو ما يمثل بداية التغيير داخل البحرين، وهذا ما عبر عنه أكثر من مسؤول بحريني، من خلال انزعاجه من هذه التغييرات والموقف الأميركي الجديد، وكان آخرهم ولي عهد البحرين، وإن نُفي التصريح لاحقاً، لكنه يعبر عن حالة القلق لدى النظام، والخوف من اجباره على الاصلاحات السياسية والدستورية».
بدوره، رأى الناطق باسم تحالف شباب التغيير جعفر المُساعد، أن الثورة في البحرين، وبعد مرور أكثر من 1000 يوم على انطلاقها، تزامنت مع تطورات إقليمية لم تشهدها المنطقة لعقود.
ويضيف المساعد، بعدما مرت تجربة تغيير أمير قطر السابق مع رئيس وزرائه بسلام، «نعتقد أن البحرين ستحذو حذو قطر كمحاولة أخيرة لإخماد الثورة المتصاعدة. وحيث إن أيام رئيس الوزراء خليفة آل خليفة باتت معدودة، يتوقع تحالف شباب التغيير أن لا يقف التغيير عند رئيس الوزراء، بل أن يمتد ليشمل الحاكم حمد بن عيسى آل خليفة نفسه. وقد بدأ هذا الحديث يدور في الأوساط الشعبية، فضلاً عن السياسية، وكذلك عن احتمال اجراء استفتاء ما لإضفاء الشرعية على التغييرات المتوقعة».
وشدد المُساعد على أن «تحالف شباب التغيير» يرفض «مبدأ الاستفتاء على رموز نظام متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، كما وثق مركز البحرين لحقوق الانسان، الذي تشمل لائحة المتهمين التي أعدها جميع رموز النظام، بمن فيهم الملك، وولي عهده سلمان».

السلطة عرقلت الحوار

على الرغم من موافقة المعارضة بكل أطيافها على الدخول في حوار مع السلطة في 10 شباط الماضي، لم يقدم الحوار الذي استمر أكثر من تسعة شهور جديداً يذكر، وهو ما اضطر المعارضة إلى تعليق مشاركتها في الحوار، وإلى مطالبة النظام بالتحلّي بالجدية وامتلاك الشجاعة والإرادة السياسية للتغلب على صراعاته الداخلية، واللجوء إلى الحوار الجاد، وطرح مشروع سياسي شامل للحل الدائم، بعدما أبدت قوى المعارضة كل ما تمتلك من خطاب وقدرات ومحاولات تفهمها العالم.

«الاتحاد الخليجي» مصلحة للنظام

نقلت مصادر القيادي في تيار العمل الإسلامي جواد عبد الوهاب، عنه قوله إن «العائلة الحاكمة فقدت السيطرة على مقاليد الأمور في المملكة». وأضاف عبد الوهاب، بحسب المصادر نفسها، إن «تأييد العائلة الحاكمة في المملكة لفكرة الاتحاد التي طرحتها السعودية على دول مجلس التعاون الخليجي، ورفضتها سلطنة عمان وتحفظت عليها باقي الدول، هو هروب من استحقاقات الثورة، ودليل واضح على أن هذه العائلة لا تريد أن تعطي شعب البحرين أي مكسب، وخاصة أن الثورة أحبطت كل المخططات الأمنية والعسكرية التي استخدمتها السلطة لإخمادها».
وأوضح أن خيار «الاتحاد» مع بقية الدول الخليجية أضحى أفضل الخيارات في هذه المرحلة بالنسبة إلى آل خليفة، فهو من جهة يقضي على الانقسام في داخل العائلة، الذي أخذ في التوسع داخل العائلة الحاكمة حول طريقة حل الأزمة، ولأن خياراتها باتت محدودة، ولا سيّما بعد التحولات الدولية والإقليمية على صعيد التفاهمات بين الايرانيين والغرب، ويقضي على الثورة ومطالبها من جهة أخرى، التي لا تستطيع العائلة تلبيتها.




انعدام الخيارات

أكدت المعارضة البحرينية أنه لا خيار أمام النظام الا الاستجابة للمطالب التحررية لشعب البحرين في التحول الديمقراطي واقامة دولة العدل والمساواة والمواطنة المتساوية. وقالت المعارضة، في البيان الختامي للمسيرة التي نظمتها أمس بمناسبة مرور أكثر من 1000 يوم على انطلاق الثورة البحرينية تحت عنوان «عزيمة لا تلين»، إن «الرهانات على الاستمرار في الحلول الأمنية، هي رهانات خاسرة لم تعد تنفع شيئاً في ظل العزيمة والارادة والاصرار الشعبي على تحقيق مطالب شعب البحرين في التحول الديمقراطي».
وأكدت المعارضة أن «الثورة البحرينية حققت انتصاراً كبيراً على آلة القمع، واستمرت في ظروف قاهرة ولم تنكسر، وهو ما يجعلها اكثر إصرارا على الاستمرار والعزيمة أقوى». ودعت قوى المعارضة النظام إلى الاستجابة الفورية لمطالب الشعب البحريني المشروعة تفويتاً للخسائر الفادحة للوطن التي تخلفها استمرار الأزمة، والاستجابة والتفاعل الايجابي مع المبادرات التي تقدمها المعارضة، واثبات حرصها على الوطن.