القاهرة | انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تكررت في معظم التظاهرات التي ينظمها أنصار جماعة الإخوان المسلمين في مصر، والتي تفرقها السلطات المصرية لأنها لم تحصل على ترخيص بحسب قانون التظاهر، إذ غالباً ما يقوم أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بحرق سيارات ومدرعات الجيش والشرطة التي تحاول فض تظاهراتهم. وهذا التكتيك الذي يتّبعه المتظاهرون هو استجابة لدعوات أطلقها ناشطون من «الإخوان» على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، للتصدي لـ«القمع الأمني» و«عنف الداخلية» من خلال ما سمّوه «العنف السلمي» أو «سلمية اللاعنف» الذي يتمثل في حرق مركبات الجيش والشرطة التي تحاول تفرقة تظاهراتهم ووضع المسامير أمام عجلاتها، وقذف الطلاء على زجاجها، ورمي أفرادهم بالحجارة وبنوع متطور من الألعاب النارية يُحدث إصابات «غير مميتة»!
ويبدو أن هذه الدعوات تلقى صدى سريعاً، إذ وصل عدد سيارات الجيش والشرطة التي أُحرقت الأسبوع الماضي وحده إلى نحو 15 سيارة، بعضها أُحرق خلال نقل مباشر من بعض القنوات المؤيدة للإخوان.
ووفقاً للناشط الإخواني عبد الرحمن سليمان، فإن الأثر الإعلامي والنفسي لصورة سيارة شرطة تشتعل فيها النيران يعادل الأثر نفسه الذي تحدثه مسيرة من 10 آلاف متظاهر. وأوضح لـ«الأخبار» أن تجربة حرق السيارات استلهمها الشبان من أحداث الثورة الإيرانية التي يعكفون على دراستها واستخلاص العبر والنتائج منها ومن عدد آخر من الثورات في تاريخنا المعاصر.
ولم تتوقف دعوات نشطاء الإخوان عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عند إحراق مركبات الأمن، بل تعدّتها
إلى التصدي للداخلية بـ«الشماريخ»، وهي نوع متطور من الألعاب النارية له قوة دفع كبيرة وقادر على إصابة من يقع عليه ببعض الجروح والإصابات غير المميتة، ويطلق على مواقع تمركز القوات، وبالقذف المتواصل بالحجارة للمجندين، وإعاقة سيارات الشرطة بوضع «مسامير» أمام عجلاتها، وقذف أكياس الطلاء على زجاج السيارات لإعاقة تحركاتها، وحرق مدرعات الشرطة بعد إخلائها من المجندين وفق مصطلح شامل يضم كل هذه التحركات ويطلق عليه «الجلاشة».
وانسحبت الشرطة في ثلاثة جموع متوالية من شوارع «حلوان» في جنوب القاهرة، بعد تطبيق «الجلاشة» من قبل المتظاهرين في حلوان، ونزول الجيش لمساعدتها وتغطيتها أثناء انسحابها، كما استطاع متظاهرو حلوان الضغط على الداخلية وإخلاء سبيل من تم احتجازه منهم من خلال تهديدها بحرق أقسام الشرطة في المنطقة.
كذلك يتبع مناصرو مرسي تكتيكاً جديداً في مواجهة الداخلية لـ«إرهاق وتشتيت» أفرادها، تمثل في الدعوة إلى التظاهر أمام منازل بعض رموز القوى السياسية المناوئة للتحالف الإخواني، بدأت بالدعوة إلى التظاهر مقابل منزل «نادر بكار»، القيادي في حزب النور ذي التوجه السلفي، وهو الحزب الإسلامي الوحيد الذي شارك في خارطة الطريق التي أعلنتها السلطات الجديدة إثر عزل مرسي في 3 تموز الماضي.
وقال الناشط الإخواني أحمد الغزالي الذي دعا إلى التظاهر أمام منزل بكار، في حديث إلى «الأخبار»، إن «الدعوة ليست مركزية أو صادرة عن الإخوان أو التحالف الوطني لدعم الشرعية، بل هي دعوة فردية من أشخاص حرصوا على عدم ربط تحركاتهم بالجماعة حتى وإن كانوا مرتبطين بها»، موضحاً «لم ننسق بشأنها مع التحالف أو الإخوان، فتحركنا فردي للغاية، بغرض إيصال رسالة إلى كل من خانوا دماء الشهداء».
أما نادر بكار فقال في تصريحات صحافية «لم نرد أن يتعرض شباب الحزب للمتظاهرين، لأن هذه ليست أخلاقنا، ولم نرد لأحد من هؤلاء الشباب أن تطاله أيدي الأمن فيقبع في السجن، ولا ليوم واحد حتى»، مضيفاً «إن هناك فارقاً كبيراً بين تربية الدعوة السلفية لأبنائها وبين تربية غيرها».