الإفراج عن ترابين: السيسي يبحث عن رضى إسرائيل... اقتصادياً

  • 0
  • ض
  • ض

بعد 15 سنة قضاها خلف القضبان، أفرجت السلطات المصرية أمس، عن الجاسوس عودة الترابين الذي غادر من الفور إلى تل أبيب. في المقابل أفرجت إسرائيل عن أسيرين مصريين لديها، في خطوة مترافقة مع التقارب المصري ــ الإسرائيلي الذي شوش عليه الخلاف على صفقة الغاز

من دون أي سابق إنذار وبصورة مفاجئة وببيانات مقتضبة، جرت أمس عملية تبادل بين القاهرة وتل أبيب، أفرجت بموجبها السلطات المصرية عن الجاسوس لإسرائيل عودة الترابين من سجن طره، بعدما أمضى 15 عاما هي مدة عقوبته التي قضت بها المحكمة العسكرية عقب إدانته بنقل أخبار عن المنشآت العسكرية المصرية إلى إسرائيل (قبل أسبوعين من انتهاء عقوبته)، في مقابل إفراج تل أبيب عن أسيرين مصريين قضيا مدة حبسهما دون الكشف عن هويتهما، فيما أعلن التلفزيون المصري إمكانية إطلاق أسيرين آخرين. وفيما أكد مصدر مصري مطلع أن القاهرة وافقت على الصفقة، فإن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، نفى وجود صفقة، مشيرا إلى أن إطلاق الأسيرين جاء بعد إنهائهما محكوميتهما. «الصفقة لم تعلن تفاصيلها كاملة لأنه ليس فيها ما يضر بعد قضاء عودة مدة حبسه، بل على العكس كسبنا بذلك اثنين من أبنائنا العائدين من سجون تل أبيب» يقول المصدر، مضيفا أن «التزام القانون كان يحتم على السلطات المصرية الإفراج عن عودة فور انتهاء عقوبته، ولكن المخاوف على حياته وصعوبة أن يعيش في ظروف طبيعية داخل مصر بجنسيته الإسرائيلية وقضيته الشهيرة جعلت من المناسب الموافقة على سفره إلى تل أبيب باعتباره مواطنا إسرائيليا لضمان سلامته».

اتخذ النظام إجراءات عدة تدعم العلاقات بقوة مع إسرائيل
وقال المصدر لـ«الأخبار» إنه لو أخلي سبيل الجاسوس بصورة طبيعية «كان سيسافر إلى إسرائيل لاستحالة إقامته في مصر مستقبلاً»، مشيراً إلى أن «التنسيق بين السلطات المصرية والإسرائيلية في هذه القضية جرى منذ مدة عبر الجهات الأمنية وسفارة تل أبيب لدى القاهرة». لكن لا يبدو أن إبرام صفقة عودة الترابين كان يمكن أن تكون بعيداً عن حالة التناغم في العلاقات المصرية ــ الإسرائيلية منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى الرئاسة. وصحيح أن مستوى التمثيل في الزيارات للقاهرة لم يتغير منذ «ثورة 25 يناير»، ولكن عدة متغيرات في الأشهر الأخيرة تحديداً عكست تفاهما غير مسبوق منذ إطاحة نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك في 2011. التحفظ الشعبي على العلاقات مع تل أبيب يرغم الجانب المصري على مراعاة ما يصدر عنه إعلامياً في هذا السياق، وهو ما يبرر حالة التنسيق الأمني الكبيرة والترتيبات التي تصاحب وصول وفود إسرائيلية إلى القاهرة من حين إلى آخر لعقد لقاءات سرية لا يكشف عن تفاصيلها مع مسؤولي الأجهزة المصرية. واتخذ نظام السيسي إجراءات تدعم العلاقات بقوة مع إسرائيل، فإعادة افتتاح السفارة الإسرائيلية بعد ثلاثة أعوام من إغلاقها، وتعيين سفير لمصر في تل أبيب قبل شهور، والتصويت المصري لمصلحة إسرائيل في الأمم المتحدة، كلها تعبر بقوة عن حجم التنسيق الذي يجري في الاجتماعات المغلقة. ويرى المسؤولون المصريون أن الواقع الجديد يفرض تنسيق وترتيبات لم تقم من قبل، وخاصة أن السيسي يولي مكافحة الإرهاب أهمية، وتحديداً في سيناء، ويعرف أن ضمان السيطرة على سيناء يتطلب التنسيق مع الإسرائيليين على المستوى المعلوماتي وتبادل ما ترصده الشبكات الإسرائيلية من تواصل بين العناصر المسلحة. الواقع الجديد مرتبط أيضاً بقوة إسرائيل ونفوذها في المنطقة الملتهبة نتيجة الصراعات في عدد من الدول، فضلاً عما يخلقه التنسيق مع تل أبيب من توافق مع واشنطن يعوض الاضطرابات التي تحدث نتيجة نمو العلاقات بين القاهرة وموسكو، وهي اعتبارات يضعها الجانب المصري في توثيق علاقته المذكورة على عدة مستويات. والمؤكد أن النظام المصري وافق على دفع ثمن تعزيز الشراكة أمنياً مع تل أبيب، فاتفاقية «الكويز» التي سيجري بموجبها مشاركة الخامات الإسرائيلية في المنتجات المصرية ليجري تصديرها للولايات المتحدة بتسهيلات جمركية في طريقها للتوسع، وستشمل تصنيع المنتجات الغذائية. وتنتظر الحكومة المصرية طلبات عدة من شركات إسرائيلية تسعى إلى الانضمام، بعدما كانت تقتصر على صناعة المنسوجات في مجملها وشهدت تراجعا كبيرا خلال المدة التي سبقت وصول السيسي للحكم. في هذا الإطار، كشفت «الإذاعة العامة الإسرائيلية ـ ريشيت بيت» أن إسرائيل اشترطت إطلاق ترابين قبل عقد أي صفقة تجارية مع مصر، الأمر الذي مثّل ضغطا على السيسي وأجبره على الموافقة، كما انعكس التعاون الأمني على الجانب الاقتصادي في قضية صفقات استيراد غاز إسرائيلي إلى مصر جرى الاتفاق المبدئي عليها، في ظل سعي إسرائيلي لتحويل القاهرة إلى محطة عبور لغاز إسرائيل إلى أوروبا قريبا، وهي الاتفاقات التي تعثرت أخيراً مع صدور حكم تغريم الجانب المصري 1.7 مليار دولار لمصلحة تل أبيب نتيجة وقف إمدادات الغاز المصري.

  • السيسي يعرف أن ضمان السيطرة على سيناء يتطلب التنسيق مع الإسرائيليين

    السيسي يعرف أن ضمان السيطرة على سيناء يتطلب التنسيق مع الإسرائيليين (أي بي أيه )

0 تعليق

التعليقات