كان خروج رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي من مجلس النواب، أمس، مختلفاً عن المرة السابقة حين قدّم تشكيلته الوزارية الأولى. قبل نحو أسبوعين، لاقى تشكيل العبادي حكومة تكنوقراط، ترحيباً من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، الذي أنهى يومها اعتصامه في «المنطقة الخضراء» واعتصام أنصاره أمامها. أما أمس، فقد قوبل العبادي باعتصام من نواب «كتلة الأحرار» التابعة للصدر، اعتراضاً منها على التشكيلة الجديدة بحجة أنه جرى الاعتماد فيها على مبدأ المحاصصة. أمر يفتح الباب على خطوات تصعيدية جديدة كان قد هدّد الصدر بالقيام بها، في حال عدم حصول تشكيلة التكنوقراط على ثقة البرلمان.
وكان من المقرر أن يناقش المجلس، بحضور العبادي، أسماء 14 مرشحاً قدمهم الأخير، من دون وزراء الدفاع والداخلية. وبحسب ما نقلته مواقع عراقية عدة، فقد ضمت اللائحة: نافع أوسي وزيراً للإعمار، وفالح الفياض لوزارة الخارجية، وموسى جواد الموسوي وزيراً للتعليم العالي، وعلاء عبد القادر العبادي وزيراً للشباب، وجبار علي مرشحاً لوزارة النفط، ويوسف علي الأسدي وزيراً للنقل، وعلاء غني حسين لوزارة الصحة، وحسن الجنابي وزيراً للمورد المائية، وصلاح رشيد محارب وزيراً للكهرباء، وأمل سهام القاضي وزيراً للتربية، ووفاء جعفر المهداوي وزيراً للتخطيط، ونزار ناصر العتابي مرشحاً لوزارة العمل، وأوميد أحمد محمد وزيراً للتجارة، ومحمد جاسم محمد وزيراً للعدل. ولم تشمل القائمة الجديدة منصبي وزارة الداخلية والدفاع.
الجلسة التي شهدت فوضى واحتجاجات، تخللتها أيضاً مشادات كلامية وتوقيع عدد كبير من النواب على وثيقة تطالب باستبدال الرؤساء الثلاثة، ثم استكملها نواب «الأحرار» باعتصام في مجلس النواب. وفي السياق، قال النائب عن الكتلة رسول صباح الطائي، إن الاعتصام مستمرّ لحين تغيير الرئاسات الثلاث، وتشكيل حكومة التكنوقراط والقضاء على المحاصصة الحزبية. وأضاف الطائي أن «أعضاء مجلس النواب جمعوا أكثر من 150 توقيعاً من نواب الكتل السياسية الذين اعتصموا داخل مبنى مجلس النواب، تضامناً مع المعتصمين ممن كانوا أمام بوابة المنطقة الخضراء». وأوضح أن «المعتصمين يطالبون رئاسة مجلس النواب بعقد جلسة استثنائية، يوم غد (اليوم)، للتصويت على الكابينة التكنوقراط والقضاء على المحاصصة الحزبية التي تسيطر على مؤسسات الدولة».
من جهته، صرح النائب عقيل عبد الحسين من «التيار الصدري»، للصحافيين، قائلاً: «للأسف، انتهى اجتماع رئاسة مجلس النواب ورؤساء الكتل مع الرئيس، ولم يُثمر ما يتطلع إليه الشعب العراقي بولادة حكومة تكنوقرط مستقلين». وأضاف: «ما زالت المحاصصة وتدخلات الكتل السياسية مستمرة في تشكل الحكومة».
وكان وزراء «كتلة الأحرار» قد أعلنوا، أول من أمس، تقديم استقالاتهم إلى العبادي، والامتناع عن الحضور إلى مقارّ وزاراتهم، وعزوا ذلك إلى عدم رغبة الكتل والأحزاب في التخلي عن «المصالح الضيقة» والإصرار على ترشيح وزراء الحكومة الجديدة، فيما عدّوا أن البقاء في حكومة «محاصصة جديدة» هو عملية إنتاج لـ«الفساد والفشل مرة أخرى».
في غضون ذلك، أعلن قائد العمليات الخاصة الثالثة التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب، اللواء الركن سامي كاظم العارضي، تحرير أحياء الزهور والقادسية والشهداء في مدينة هيت. وقال العارضي إن «قوات الجهاز تواصل عمليات تحرير هيت»، مشيراً إلى أنه «لم يبقَ إلا عدد من الأحياء في ثلاث مناطق في الجزء الشمالي الشرقي من المدينة».
إلى ذلك، أكدت قيادة «الحشد الشعبي» في محافظة الأنبار قرب انطلاق عمليات تحرير مدينة الفلوجة (62 كم غربي بغداد)، وكشفت أن العملية ستجري بمشاركة أكثر من أربعة آلاف مقاتل. وقال آمر لواء كرمة الفلوجة لـ«الحشد الشعبي العشائري» العقيد جمعة فزع الجميلي إن «الاستعدادات النهائية لعملية تطهير الفلوجة مستمرة»، موضحاً أن «أكثر من أربعة آلاف مقاتل سيشاركون في عملية اقتحام المدينة وتطهيرها بمساندة طيران التحالف الدولي».
وأضاف الجميلي أن «الأيام القليلة المقبلة ستشهد انطلاق عملية تطهير المدينة، بعد انهيار التنظيم في الرمادي وهيت وتكبده خسائر فادحة بالعناصر والعجلات وقطع خطوط إمداده من المناطق الغربية».