الرباط | بعد مخاض عسير دام أكثر من شهر، أبصرت الحكومة المغربية النور أمس، بتعيين الملك المغربي محمد السادس أعضاء الحكومة الجديدة التي تحمل الرقم 30 في تاريخ حكومات المملكة، وتتكون من 27 حقيبة ووزارة دولة من دون حقيبة. وشهدت اللائحة النهائية لأول حكومة يقودها الإسلاميون في المغرب مفاجآت من العيار الثقيل، بعد ظهور أسماء لم تكن متوقعة، لتبقي الجدل قائماً حول مدى تدخل القصر في فرض أسماء مرشحيه على حكومة زعيم حزب «العدالة والتنمية»، عبد الاله بنكيران. وقد طغى تهميش النساء على تركيبة الحكومة الجديدة، بوجود امرأة واحدة فقط في منصب وزيرة، هي بسيمة الحقاوي عن «العدالة والتنمية»، لتشغل وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية. وحصل الحزب الاسلامي الفائز في انتخابات 25 تشرين الثاني الماضي «العدالة والتنمية» على عشر حقائب، مقابل ست لحزب «الاستقلال»، وأربع لحزبي «التقدم والاشتراكية» و«الحركة الشعبية»، فيما ضمت الحكومة أربع شخصيات مستقلة. وحصل الأمين العام للحزب الاسلامي الفائز، امحند العنصر، على منصب وزير الداخلية كأول وزير غير عسكري يتولى هذا المنصب. غير أن المراقبين يرون أن الرجل الأقوى في إدارة الملفات الأمنية الحساسة سيكون رجل النظام القوي الشرقي اضريس، الذي سيشغل منصب وزير منتدب لدى وزير الداخلية، بينما آلت وزارة الخارجية للقيادي البارز في «العدالة والتنمية» سعد الدين العثماني، المسنود هو الآخر بيوسف العمراني الرجل الخبير في كواليس الشؤون الخارجية كوزير منتدب. أما وزارة العدل والحريات، فذهبت لرجل «العدالة والتنمية» أيضاً، مصطفى الرميد، الذي ترددت خلال الأيام الماضية معلومات أن تعيينه في المنصب قوبل برفض من القصر خوفاً من إبدائه الدعم لـ«حركة 20 فبراير» المعارضة، ودفاعه عن المعتقلين السياسيين، بالتالي خشية تعامله بمرونة مع عدد من الملفات القضائية الحساسة، وهو ما دفع بإسلاميي المغرب إلى التلويح بورقة العودة إلى صفوف المعارضة إذا لم تحترم مضامين الدستور واختيارات الحزب في انتقاء أسماء وزرائه. أما حقيبة المال والاقتصاد، فقد نالها في النهاية حزب «الاستقلال» ممثلاً بنزار بركة. من جهة أخرى، احتفظ عزيز أخنوش بوزارة الفلاحة والصيد البحري بعدما قدم استقالته من حزب «التجمع الوطني للأحرار» الذي اختار البقاء في صفوف المعارضة قبل يومين فقط من إعلان تشكيل الحكومة. في المقابل، حظي أحمد التوفيق بثقة الملك الذي زكّاه في منصب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهو منصب يحتفظ به الملك بموجب العرف، كما استمر ادريس الضحاك أميناً عاماً للحكومة، فيما أسندت مهمة إدارة الدفاع الوطني لعبد اللطيف لوديي. وفي أول تصريح له عقب التعيين، قال بنكيران إن الحكومة الجديدة تنبثق عن إرادة حقيقية للإصلاح، وستظل وفية لكافة الالتزمات التي عقدتها الدولة. وشدد على أن «كافة أعضاء الحكومة الجديدة سيعملون من أجل أن يكون برنامجها منسجماً مع طموحات الملك وإرادته وفي إطار الإرادة الجماعية لأحزاب الأغلبية». أما رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية»، عبد العزيز العماري، فرأى أن «تشكيل الحكومة ما هو إلا بداية للعمل وليس غاية بحد ذاته»، مشيراً إلى أن «على الحكومة الآن أن تفي بما قطعته على نفسها من عهود مع الشعب».