تكثفت الجهود الإقليمية والدولية خلال اليومين الماضيين لإنقاذ اتفاق نقل السلطة في اليمن بعد تفاقم الخلافات بين الرئيس علي عبد الله صالح ونائبه عبد ربه منصور هادي، الذي هدد بالاعتكاف والتخلي عن دوره في إدارة الفترة الانتقالية. ونسبت يومية «الجمهورية» الرسمية، التي شهدت قبل أيام تغييرات في طاقمها التحريري، إلى مصادر مطلعة قولها إن الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول الاتحاد الأوروبي ودول الخليج تدخلت لوقف انهيار اتفاق نقل السلطة في اليمن، ووجهت بلاغاً شديد اللهجة إلى الرئيس اليمني بضرورة الالتزام باتفاق نقل السلطة وعدم التدخل في سلطات هادي، بعدما كشفت مصادر مقربة من الأخير أنه أبلغ وسطاء أنه قد يغادر صنعاء إذا استمرت تدخلات صالح ورموز نظامه في صلاحياته الممنوحة له بموجب اتفاق التسوية.
وجاء امتعاض هادي، الذي تلقى أمس اتصالاً من الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، وتخلله بحث سير تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة، بعد مشادات واتهامات وجهها إليه قادة في حزب المؤتمر الشعبي العام في اجتماع ترأسه صالح، وتناول قضية الاحتجاجات التي تشهدها مؤسسات الدولة للمطالبة بإقالة رموز النظام السابق، إلّا أن المتحدث باسم مكتب الرئيس اليمني قلل من أهمية التسريبات حول نية هادي الاعتكاف، مؤكداً أن التقارير التي تتحدث عن الموضوع غير صحيحة.
في المقابل، تحدثت مصادر يمنية عن وجود قلق في معكسر صالح من تأخر بت مشروع قانون الحصانة الذي قدمه حزب المؤتمر الشعبي العام لحكومة الوفاق الوطني، إلا أن هادي بدا حريصاً على التأكيد على رغبته في تسريع إقرار مشروع القانون من خلال امتناعه عن تقديم طلب ترشحه للانتخابات الرئاسية المبكرة إلى البرلمان حتى يقر مشروع قانون الحصانة، الذي حذرت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، من خطورته، مؤكدةً أن أيّ ضمان لمنح صالح الحصانة سيكون انتهاكاً للقانون الدولي، ويقوّض المبادرة الخليجية.
وفي السياق، أعلنت جماعة أنصار الله، بزعامة عبد الملك الحوثي، استمرار تحركها حتى تغيير النظام. وقال رئيس المجلس السياسي لجماعة الحوثيين، صالح هبره، «نرى أن المبادرة (الخليجية) لم تلب مطالب الشعب»، لافتاً إلى أن جماعته وقعت اتفاقاً مع ثلاثة أحزاب صغيرة، هي البعث وحق واتحاد القوى الشعبية «لتحقيق أهداف الثورة، وتتضمن إسقاط النظام، وايجاد دولة مدنية بمشاركة كل طوائف الشعب وفئاته، وتغيير الدستور».
وانتقد هبره كبرى حركات المعارضة لتوصلها إلى «تسوية سياسية وتأليف حكومة» على الرغم من مشاركة الأحزاب التي وقعت معها الجماعة الاتفاق في حكومة الوفاق الوطني. وأضاف إن «تفرد بعض الأحزاب في العمل السياسي دون بقية الشعب دفع هذه الأحزاب لإيجاد تكتل جديد في الساحة»، في وقت تجددت فيه الاشتباكات أمس في صنعاء، بين قوات الحرس الجمهوري التابعة لنجل الرئيس اليمني، أحمد على صالح، وقوات الفرقة الأولى مدرع المنشقة بقيادة اللواء علي محسن الأحمر، ما أدى الى جرح 4 مدنيين. وقال مصدر طبي إن المواجهات وقعت في منطقة القبة الخضراء في حي هائل، ولا تزال مستمرة. وقد أعيدت المتاريس التي كانت قد رفعتها اللجنة الأمنية بين الجانبين الأسبوع الماضي.
في غضون ذلك، حذر رئيس مجلس التضامن اليمني، الشيخ حسين بن عبد الله الأحمر، من أن الاصطفاف القبلي ينذر بانفجار الوضع في اليمن، في ظل استمرار التوتر في منطقة دماج في محافظة صعدة، بين الحوثيين والسلفيين.
ونقلت صحيفة «الوطن» السعودية عن الأحمر الذي توسط لإنهاء أزمة دماج تحذيره المجموعات المسلحة والقبائل التي تحتشد في كتاف لنصرة السلفيين من مواصلة القتال، مؤكداً أنه «إذا كان هدفهم حقن دماء أهالي دماج فإن القضية انتهت الآن بالصلح، والطرق فتحت والحياة عادت إلى طبيعتها بتعاون من الطرفين». وقال الأحمر «خوفنا أن هناك دعاة للحروب والمواجهات والعنف لا يرغبون في استقرار اليمن، ودعاة الحرب سيستغلون هذا الوجود المسلح في إشعال فتيل المواجهات بأي ثمن، لتكون مواجهة طائفية».
إلى ذلك، أعلن مصدر عسكري يمني أن اشتباكات اندلعت في محيط مدينة زنجبار في جنوب البلاد ليل السبت الأحد، أدت الى مقتل جندي وستة مسلحين يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم القاعدة.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)