رغم إدراك إسرائيل أن دائرة التهديدات المحدقة بها تتسع يوماً بعد آخر، إلّا أن للتهديد السايبيري (هجمات عبر الشبكة العنكبوتية) وقعه الخاص في الوسط الإسرائيلي، لكونه يتجاوز الحدود التي كانت تضعها الدولة العبرية لسقف التطور الذي قد يبلغه أعداؤها في المنطقة. فخوض أعدائها غمار السايبر أثار قلقاً إسرائيلياً من نوع خاص، كانت استخباراتها قد حذَّرت منه في السابق. وها هي الدولة العبرية تجد نفسها مضطرة إلى البحث عن حلول في مواجهته، بعدما كانت تظن حتى أيام خلت أنه تهديد نظري أكثر من كونه يعبّر عن حقيقة واقعية.
هذا الاضطرار دفع بالقادة الإسرائيليين إلى الخروج على الملأ للتحذير من المس بسيادة إسرائيل الإلكترونية، واعتباره بمثابة إعلان حرب، كما جاء على لسان نائب وزير الخارجية داني أيالون، وصولاً إلى التهديد بالرد بالمثل على أي اعتداء إلكتروني، والتعامل معه كأي «عملية إرهابية»، فيما وصفه آخرون بـ«الإرهاب التكنولوجي».
وفي مقاربة مختلفة، لكنها تؤكد المخاوف نفسها، رأى وزير البنى التحتية الإسرائيلية عوزي لانداو أن الهاكر السعودي، الذي كشف تفاصيل عشرات آلاف بطاقات الائتمان، صنع معروفاً للحكومة الإسرائيلية، بكشفه عن هذه الثغرة الكبيرة القائمة من أجل تحديد قواعد الحفاظ على أمن الهيئات التي تعمل في الإنترنت.
ورغم أن أقوال المسؤولين الإسرائيليين أتت في أعقاب الهجمات الأخيرة، إلّا أنها أتت تتويجاً لمسار تراكمي أسهم في تأجيج المخاوف الإسرائيلية، كما لفتت إلى ذلك صحيفة «يديعوت أحرونوت»، وتحديداً بعد سيطرة إيران على طائرة «آر . كيو 170»، وإهباطها في الأراضي الإيرانية، وما انطوت عليه من كشف لحقيقة امتلاك إيران قدرات تمكّنها من الدخول إلى نظام الاتصال العملياتي للطائرات الأميركية من دون طيار، ما يعني عملياً امتلاكها أيضاً القدرة الفعلية على الدخول إلى الجهاز العملياتي لسلاح الجو الأميركي في العالم كله، خاصةً إذا لم يُدمّر نظام اتصالات الطائرة الأميركية.
كذلك كشفت الصحيفة عن هجوم سايبيري نفذته إيران، خلال شهري حزيران وآب الماضيين، على شركة «ديغينوتار» المختصة بالتصديق على هويات في شبكة الإنترنت، الأمر الذي ألحق أضراراً في العديد من المواقع الإسرائيلية قبل أن تلجأ إلى إعلان الإفلاس في أيلول الماضي، لأنها لم تكن مستعدة لاستعمال منتجاتها، وجرى تعريفها بأنها «غير آمنة». كذلك لمّحت الصحيفة إلى إمكان أن تكون مواقع عسكرية على الإنترنت، تابعة للجيش، قد تضررت أيضاً، من دون الإفصاح المباشر عن ذلكّ تجنّباً لقيد الرقابة العسكرية.