جدَّدت اسرائيل حديثها المعتاد منذ اشهر بأن نظام الرئيس السوري بشار الاسد آيل الى السقوط، وكررت تأكيدها على الفوائد الاستراتيجية التي ستترتب على رحيله، لجهة التصدع الذي سيصيب محور المقاومة من طهران الى حزب الله في لبنان والمقاومة في فلسطين، عبر قطع حلقة الوصل بينها واسقاط عمقها الاقليمي في دمشق. وبعد مضي اشهر على التقدير السابق، الذي اكده مسؤولون رسميون اسرائيليون ازاء سقوط الاسد خلال الاشهر المقبلة، كرر رئيس أركان الجيش بني غانتس، امام لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، التقديرات المتبناة من القيادتين السياسية والعسكرية في تل ابيب، عن أن الاسد «لن يتمكن من البقاء على رأس السلطة»، مؤكداً ما سبق وبشَّر به وزير الدفاع ايهود باراك من أن «سقوطه سوف يؤدي الى إحداث تصدع في المحور الراديكالي».
وكما في الكثير من المحطات التي وجدت اسرائيل نفسها، أمام واقع متداخل ومتشابك، تضطر فيه من اجل التخلص من الواقع الاخطر على امنها، الى الرهان على سيناريوهات بديلة حتى لو كانت محفوفة بمخاطر من نوع آخر، حذر غانتس من تداعيات تدهور الوضع وصولاً الى نشوب حرب اهلية جراء سقوط النظام في دمشق الذي سيؤثر بالضرورة على اسرائيل بنحو غير متوقع، مذكراً بالوضع الذي آلت اليه سيناء، التي تحولت «الى منطقة جبهة، تتطور فيها خلايا ارهابية». وهو ما يدفع الجيش الى متابعة التطورات في المنطقة. وفي ما يمكن ان يشكل دلالة على منشأ التقديرات الاسرائيلية بشأن حتمية سقوط النظام السوري خلال السنة الجارية، كان لافتاً استعانة غانتس بالتحليل النفسي لشخصية الرئيس الاسد، بحسب نظرة الاستخبارات، للقول إنه «ليس من النموذج الذي يقاتل حتى الرصاصة الاخيرة كما فعل (العقيد الليبي الراحل معمر) القذافي»، وهو ما قد يفسر احد السيناريوهات التي تحدثت عنها اروقة الاستخبارات الاسرائيلية، من إمكانية تكرار نموذج اليمن في الساحة السورية.
ولجهة التداعيات الداخلية، لفت تركيز قائد المؤسسة العسكرية في الدولة العبرية إلى الصراع الطائفي الحاد الذي سينشب في سوريا جراء «انهيار النظام السوري»، بحسب تقدير الاستخبارات في تل ابيب، مشيراً إلى أن «إسرائيل مستعدة لاستيعاب اللاجئين في هضبة الجولان»، وعندما وجَّه إليه أحد أعضاء اللجنة سؤالاً عما اذا كان ذلك سيشمل العلويين، رد غانتس بأن اسرائيل مستعدة لسيناريو من هذا النوع، رغم تأكيده ان ذلك «لن يحصل على الاراضي الاسرائيلية»، بحسب ما اوضح مصدر عسكري اسرائيلي. وفي الاطار نفسه، اكد غانتس أن حالات الفرار متواصلة من الجيش السوري، إلا انه عاد وأقرّ بأنها «مقتصرة على الرتب المنخفضة».
الى ذلك، عبَّر رئيس أركان الجيش عن مخاوف القيادة في تل ابيب من أنه «في ظروف معينة، يمكن للاسد أن يعمل ضدنا، كخشبة خلاص»، ومن «انزلاق الوسائل القتالية من سوريا الى لبنان»، لكنه عاد ولفت الى وجود رهان اسرائيلي على ان لا يسمح ضغط الاحداث الداخلية للاسد وللقيادة السورية «بالعمل ضدنا»، مشدداً على ضرورة الاخذ بالحسبان «منظومات النار المتطورة في سوريا»، التي من ضمنها صواريخ ياخونت الروسية، اضافة الى المنظومة المتطورة، صواريخ سام 17، التي تشكل تحدياً لسلاح الجو الاسرائيلي، معرباً عن عدم ثقته باستمرار الهدوء على هضبة الجولان.
وفي ما يتعلق بالمشهد العام في المنطقة، أقر رئيس اركان الجيش بأن «الاخطار تتغلب على الفرص»، لافتاً الى ان «العام 2012 سيكون انتقالياً في ما يتعلق بالتغيير»، ونتيجة لذلك، فإن «جزءاً من النظام الاقليمي سيستقر، فيما سيصمد جزء آخر في مواجهة التغيير».
وفيما اكد غانتس ان الضغوط الدولية المتزايدة على ايران «ستؤثر على القيادة الايرانية»، اكد في المقابل ان اسرائيل «لم تشخّص مؤشرات تفيد بأن هذه الضغوط ستؤدي الى دفعها للتراجع عن برنامجها النووي العسكري».