تساءلت صحيفة «هآرتس»، أمس، عن الأسباب التي تدفع المؤسسة الأمنية في إسرائيل إلى التأكيد المتواصل لموعد اقتراب سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأشارت إلى أن الخطاب الرابع للأسد، أول من أمس، يشهد على أنه «يقرأ واقع سوريا بنحو مختلف عن قراءة خبراء الأجهزة الاستخبارية في إسرائيل». ورأت الصحيفة أن الخطاب وما تضمنه من مواقف وخطط عمل «تجعل من الصعوبة تثبيت الادعاء الإسرائيلي أن سلطة الأسد آيلة إلى السقوط، وخاصة أن التدخل العسكري الخارجي مستبعد وغير مطروح، لا في واشنطن ولا في أنقرة ولا في أي عاصمة عربية». وردت «هآرتس» على ادعاء الاستخبارات الإسرائيلية وعدد آخر من الخبراء والمحللين في الدولة العبرية، لافتة إلى أن «ظاهرة الفرار واللاجئين التي يجري الحديث عنها، تتعلق ببعض الأفراد السنّة والمسيحيين، سبق أن فرّ عدد منهم إلى لبنان وتركيا، لكن في الوقت نفسه لا تشهد هذه الأعداد على وجود ظاهرة».
وتحدثت الصحيفة عما يوصف بـ«بالانشقاق في الجيش»، كإشارة دالة على سقوط النظام، وأكدت أن «الانشقاقات عن المؤسسة العسكرية لا تمثّل تهديداً للجيش السوري، إذ من بين نحو 220 ألف جندي نظامي، و280 ألف جندي احتياط، انشق حتى الآن ما يقرب من 15 ألف جندي وضابط بحسب مصادر المعارضة السورية نفسها».
أما بالنسبة إلى مهمة مراقبي جامعة الدول العربية، فقد شددت الصحيفة على أن «عمل المراقبين يعاني مشكلتين اثنتين: تتمثل الاولى في أن المراقبين خاضعون لتصديق مسبق من الاستخبارات السورية حيال حراكهم وآلية عملهم، وفي الوقت نفسه، لدى المراقبين خلافات بشأن وصف وتفسير ما يُعايَن ميدانياً». وتابعت الصحيفة قائلة إن «التقرير الذي رُفع إلى الجامعة العربية يوم السبت الماضي تضمن أوصافاً سيّالة ومضللة جعلت عدداً من المراقبين يقولون إنهم غير راضين عنه، حتى إنهم هددوا بالانسحاب من لجنة المراقبين».
وعن استمرار «الإساءة» إلى المراقبين، رأت «هآرتس» أنه «قد يؤدي إلى النتيجة التي يطمح إليها الأسد، وذلك بأن تكون الجامعة العربية هي الجهة التي توقف عمل المراقبين، أي إنه سيتمكن من التنصل من التهمة عندها، إلا أن الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي نفى هذا الاحتمال. لكن حيال الخطر على حياتهم، من المحتمل أن يقرر المراقبون أنفسهم مغادرة سوريا».
وفي السياق، توقعت «هآرتس» أن تكون مهمة المراقبين المرحلة الأخيرة قبل أن يستقر رأي الجامعة العربية على نقل الموضوع السوري إلى الأمم المتحدة، لكنها شددت في المقابل على أن «الرئيس السوري لا يخشى تدويل الأزمة؛ لأن روسيا ستقف إلى جانبه وستمنع صدور أي قرار فعال ضده». وتوقفت الصحيفة العبرية عند تعليق المعارضة على خطاب الأسد، فوصفتها بأنها «لا تزال غير قادرة على إيجاد بديل للحكم السوري. كذلك إن الجيش السوري الحر الذي يعتمد على منشقين من الجيش ومواطنين انضموا إلى صفوفه، قادر على شن حرب عصابات، لكنه غير قادر على إحداث انقلاب».
وكانت القناة الثانية الإسرائيلية قد بثت تقريراً تحليلياً لخطاب الأسد، شددت فيه على التناقض بينه وبين التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية، مشيرة إلى أن «هناك عدم تلاؤم بين نبرة الأسد ونبرة المؤسسة الأمنية في إسرائيل التي تتحدث عن أسابيع تفصل النظام عن سقوطه». ووفق تقرير القناة المذكورة، فإن «المعارضة السورية نفسها لا تعتقد بسقوط النظام»، وأضافت أن «خطاب الأسد كان خطاب نصف انتصار؛ إذ أكد فيه أنه يسيطر على الدولة بكاملها وأنه لا يواجه أزمة، وأن السيف غير مصلت عليه، أي إنه نظام قادر على القتال لمدة طويلة».
وعن الموضوع نفسه، كتب الباحث والخبير في شؤون الشرق الأوسط من جامعة بار إيلان، الدكتور يهودا بالانغا، أن «الواقع في سوريا يشير إلى أننا بعيدون عن اللحظة التي نرى فيها سقوط الأسد». وفي حديث للفضائية الإسرائيلية، رأى بالانغا أن «النظام السوري مستقر، ولديه تأييد شعبي واسع في كل من دمشق وحلب، بل هو ينجح أيضاً في إخراج الجماهير بتظاهرات كبيرة مؤيدة له، وهو ما يشير إلى أنه بعيد عن السقوط». وتابع أن «ما يسمى ظاهرة فرار الضباط السوريين من الجيش النظامي، لا تغير من المسألة شيئاً، وخاصة أن الحديث عنها يتواصل منذ فترة طويلة بلا نتائج، ومن السابق لأوانه القول إن الجيش السوري ينهار؛ لأن الضباط الفارين لا يمثلون الزعامة العسكرية للجيش». وعن العقوبات المفروضة على سوريا، خلص الخبير الإسرائيلي إلى أن «العقوبات الصادرة عن جامعة الدول العربية، التي فرضت على سوريا قبل نحو شهر، لا تزال غير جوهرية ولم تؤدِّ إلى نتيجة، وما دامت العقوبات لا تصدر عن مجلس الأمن، ولا تحظى برضى روسيا، فإنها لن تؤدي إلى نتائج».
إلى ذلك، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن مسؤولين ومحللين إسرائيليين تأكيدهم أن «انهيار النظام في سوريا سيمثّل منفعة كبيرة لإسرائيل، رغم عدم معرفتنا بهوية من سيتولى السلطة بعد انهيار النظام». انهيار سيمثّل، بحسب الصحيفة الأميركية، «ضربة قاضية لمحور التطرف الذي يضم إيران وحزب الله والجماعات الفلسطينية المسلحة مثل حركة حماس». ونشرت الصحيفة تقديرات لمسؤولين إسرائيليين جزموا بأنه «في إسرائيل، لن يذرفوا دمعة واحدة في حالة مقتل الرئيس السوري بشار الأسد أو زواله». وكان رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بني غانتز، قد أوضح أن كلامه أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست في موضوع «لجوء العلويين من سوريا، لم يُفهم مثلما ينبغي، وأنا لم أوجه الدعوة إلى اللاجئين السوريين للقدوم إلى إسرائيل». بدوره، شدد الناطق باسم جيش الاحتلال، يوآف مردخاي، على أن «الصحافيين أخرجوا كلام غانتز من مضمونه». وشرح ملابسات التصريح على النحو الآتي: أحد أعضاء لجنة الخارجية والأمن توجه بسؤال إلى الجنرال غانتز عن جهوزيتنا لوضع يهرب فيه لاجئون علويون إلى البلاد، فأجاب بأننا جاهزون حتى لسيناريو كهذا، على حد تعبير مردخاي.



قبرص تفرج عن سفينة روسية بعد تغيير وجهتها

قالت السلطات القبرصية، أمس، إن سفينة تشير تقارير إلى أنها تحمل ذخيرة متجهة إلى سوريا سيسمح لها بمغادرة الجزيرة بعد تقديم تطمينات بأنها ستغيّر وجهتها. وقالت تقارير إعلامية إن سفينة الشحن التي غادرت سان بطرسبورغ في روسيا في التاسع من كانون الأول تحمل 60 طناً من الذخيرة، وكانت متجهة إلى مدينة اللاذقية السورية. ورست في قبرص أول من أمس بسبب ارتفاع مستوى الأمواج. وقال ستيفانوس ستيفانو المتحدث باسم حكومة قبرص، «تقرر الإفراج عن السفينة بعد أن قررت تغيير وجهتها، ولن تذهب إلى سوريا».
(رويترز)

مطران حلب يريد «إعطاء الأسد فرصته»

صرح مطران حلب للروم الملكيين الكاثوليك يوحنا جنبرت، في مقابلة مع صحيفة فرنسية نشرت أمس، بأنه «قلق جداً من انعكاسات احتمال سقوط النظام» على المسيحيين في سوريا. وأكد ضرورة إعطاء الرئيس السوري بشار الأسد «فرصته». وقال المطران جنبرت «نحن قلقون جداً من انعكاسات سقوط النظام، حيث سيدفع ذلك عدداً كبيراً من المؤمنين إلى الهجرة كما حدث في العراق منذ سقوط صدام حسين». وأضاف أن «المسيحيين لا يثقون بسلطة سنيّة متطرفة، ونخشى هيمنة إخوان مسلمين دغمائيين». وتابع «على الرغم من العنف، يجب إعطاء الأسد فرصته». وأكد رجل الدين المسيحي أن الدستور الجديد الذي أعلن عنه الرئيس السوري يتضمن «نقاطاً مهمة في المحافظة على العلمانية مثلاً».
وقال جنبرت إن «النظام يتمتع بدعم الأقليات. وبجمع العلويين والمسيحيين والأكراد والدروز والإسماعيليين وأعضاء حزب البعث و«التجار السنّة في دمشق وحلب (...) تتجاوز النسبة على الأرجح خمسين في المئة يقفون خلف بشار الأسد». وأضاف «لا نريد أن نكون مثل العراق (...) والعملية الانتقالية في مصر وتونس لا تطمئننا، وكل هذا يقوّي النظام، وإن كان يقمع كثيرين آخرين». واتهم رجل الدين المسيحي المعارضة برفض «أي حوار» مع السلطة، مؤكداً أن صفتها التمثيلية «ضعيفة».
(أ ف ب)