كيوسك | تتالت الأخبار في الايام الأخيرة حول اتصالات واجتماعات بين الاسلاميين في مصر وبعض المسؤولين الأميركيين في الإدارة الحالية. الجانبان متفائلان ومتعاونان مع بعضهما في المواضيع «الأساسية» التي تهمّ السياسة الخارجية الأميركية. الإعلام الأميركي لم يغب عن هذه «الظاهرة الجديدة» وواكبها بدهشة وترقّب وبعض الأسئلة حول المستقبل.«هو تبدّل تاريخي في السياسة الخارجية الأميركية»، هكذا وصف مقال دايفيد كيركباتريك وستيفن لي مايرز في صحيفة «نيويورك تايمز» انفتاح الادارة الاميركية على حركة الاخوان المسلمين في مصر. «إدارة أوباما بدأت تعكس اتجاه عقود من قلة الثقة والعدائية مع إحدى الجهات التي كانت تعتبر ضد المصالح الأميركية»، يضيف الكاتبان. كيف يفسَّر ذلك؟ يشرح مقال الـ«تايمز» أن هذا الانفتاح الاميركي هو «اعتراف من قبل الولايات المتحدة بواقع سياسي إسلامي جديد فرض نفسه على المنطقة وعلى كل من يريد التعامل معها».
ومن جهة أخرى، يضيف المقال، هو «قبول أميركي وثقة تدريجية بوعود الاخوان المسلمين المتعلقة بإرساء الديموقراطية، واحترام الحريات الفردية وفتح السوق والالتزام بالمعاهدات الدولية بما فيها معاهدة السلام مع إسرائيل».
لكنه أيضاً تعبير عن عدم رضى جزئي عن أداء العسكر في السلطة لغاية الآن، يشير المقال مع التذكير بأن واشنطن لم تقطع علاقاتها بالمجلس العسكري ولم تهدد لغاية الآن بوقف الدعم المالي لهم.
«أن لا نتعامل مع الاخوان المسلمين هو أمر غير عملي إطلاقاً، وخصوصاً لجهة الحفاظ على أمن الولايات المتحدة ومصالحها في مصر والمنطقة» يقول أحد مهندسي السياسة الخارجية الاميركية من دون ذكر اسمه لـ«التايمز». ويشير المصدر إلى أن انفتاح الادارة الاميركية على إسلاميي مصر هو نموذج قد يعتمد مع كل الاحزاب الاسلامية التي بدأت تتسلم الحكم في أكثر من بلد عربي.
لكن ماذا عن الاخوان؟ كيف سيديرون شؤون البلد والسياسة الخارجية المصرية؟
يتحدّث توماس فريدمان، في مقالة، عن تحديات كبيرة تواجه الاسلاميين، وخصوصاً الاخوان في إدارتهم المقبلة لمصر. وأبرز تلك التحديات هو اقتصاد بلد لا يملك نفطاً. فريدمان يشرح من القاهرة أن الاخوان المسلمين حافظوا على «نقاوتهم» السياسية على مدى عقود لأنهم كانوا خارج السلطة، لكن ماذا بعد تسلمهم الحكم وتولّي إدارة الشؤون الاقتصادية والتنموية والتعليمية
وغيرها؟
يستشهد الصحافي الاميركي بأقوال أبرز قادة الاخوان والسلفيين التي تعد بعمل جدّي لتحسين الاوضاع الاقتصادية المصرية، وخصوصاً في حلّ المشاكل الحياتية كالفقر والطاقة والمياه.
فريدمان يقارن بين المملكة السعودية وإيران كدولتين يحكمهما الدين وبين مصر الاسلامية، فيقول إن المملكة العربية السعودية تضيّق الحريات على نسائها وتحكم بالدين وتطبق تعاليمه بحزم على المصارف والتعليم والمجتمع كما إيران، لكنهما في المقابل يوفران لمواطنيهما مستويات معيشية جيدة ومقاييس حياة عالية المستوى، كل ذلك بفضل النفط، بينما مصر لا تملك هذا الترف.
لذا، يردف الكاتب، «على مصر الاسلامية الانفتاح على العالم وتقبّل العولمة والتطور، ويبدو أن الاخوان فهموا ذلك وباشروا بخطة انفتاحهم تلك». «هم لا يريدون الفشل في الحكم وتفويت الفرصة عليهم، وفي نفس الوقت لا يريدون مخالفة الاسس الدينية التي يؤمنون بها، فهل سينجحون في ذلك؟ الايام المقبلة كفيلة بالإجابة»، يخلص فريدمان.