القاهرة ــ الأخبار إنها صفقة ثلاثية الأضلاع تجمع ما بين «الإخوان المسلمين» وواشنطن والمجلس العسكري الحاكم؛ «إخوان» مصر يتخلّون عن هدف تشكيل الحكومة المقبلة، ويؤيدون إجراء الانتخابات الرئاسية قبل صياغة الدستور الجديد، وهم ينسّقون مع العسكر قصة «الخروج الآمن» من السلطة. هكذا رحّب العسكر بلقاء رئيس الوزراء كمال الجنزوري مع «الإخوان»، بانتظار زيارة مرتقبة لـ«الإخوان» إلى واشنطن لردّ الزيارات الأخيرة للمسؤولين الأميركيين، في خضم تنسيق واشنطن مع الاسلاميين والعسكر للحفاظ على مصالحها ومصالح إسرائيل. ما هي أركان الصفقة؟

جماعة «الإخوان»، من ناحيتها، لا تعترف بوجود صفقة، وتقول إن اللقاء الأخير مع الجنزوري كان مجرّد اجتماع بين وفد حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية للجماعة، كصاحب الغالبية البرلمانية التي ستقود السلطة التشريعية، مع رمز السلطة التنفيذية في البلاد. هذا رأي الجماعة في هذه النقطة شرحَه عضو الهيئة العليا لحزب «الحرية والعدالة»، صبحي صالح، الذي رأى أن كل حديث عن وجود صفقات مع «العسكر»، هو مجرد «استنتاجات إعلامية»، لأن «الإخوان» حالياً «مشغولون بالبرلمان». نفي يصر عليه صالح رغم أن اليومين الماضيين أفرزا اتفاقاً بين «الإخوان» والجنزوري ينص على عدم مزاحمة «الإخوان» على تشكيل الحكومة، وتأييد الجماعة للحكومة في قراراتها الاقتصادية، والخروج الآمن للعسكر من السلطة، والحفاظ على الميزات النسبية للقوات المسلحة في الدستور المنوي إقراره، في مقابل أن يرحّب العسكر ورئيس الحكومة برئاسة «الإخوان» للبرلمان. جميعها اتفاقات يصفها القيادي «الاخواني» صالح بأنها «طبيعية جداً»، لا بل «مشروعة»، وخصوصاً أن تشكيل الحكومة «من اختصاصات المجلس العسكري»، أضف أن الجنزوري ليس رجلاً نزل من الفضاء، فهو رجل «نحترمه وسوف ننسّق معه كسلطة تشريعية يومياً لتسيير مصالح الناس»، على حد تعبير صالح. عضو الهيئة العليا لـ«الحرية والعدالة» يشيد بالمجلس العسكري إذاً، كيف لا والمجلس «وعد فأوفى عندما أصدر المراسيم المنظمة للانتخابات، وحمى الانتخابات التي حصلنا فيها على أعلى النسب». أكثر من ذلك، كان لا بد لصالح من أن يذكّر بأن «المجلس العسكري اتفق معنا على أن يدعو البرلمان للانعقاد في 23 من الشهر الجاري»، ليتساءل «أليس هذا دليلاً على أن المجلس ملتزم بالاستحقاقات الدستورية؟». هكذا يعترف صالح بأنه يتوقع أن يسلّم المجلس العسكري السلطة «في الموعد الذي التزم به، وهذا اختبار له وسينجح فيه، دعونا إذاً نبني مصر».
أما بالنسبة إلى الشق المتعلق بالخروج الآمن للعسكر من السلطة المصرية وفق الصفقة العتيدة، فقد كتب عنه عبد المجيد عبد العزيز في صحيفة «الدستور الأصلي»، ونقل عن مصادره تأكيدها أن الصفقة بين المجلس العسكري و«الإخوان» أبرمت بالفعل، ويجري حالياً تنفيذها، وتتلخص في ترك المجلس العسكري السلطة بالتدريج ليتصدر الإخوان المشهد بعد 23 كانون الثاني الجاري، بينما يقضي مبارك فترة العقوبة في المركز الطبي العالمي، بعد إجبار أجهزة الدولة على عدم التعاون مع جهات التحقيق والسعي لتبرئة أغلب المتهمين من ضباط وقيادات وزارة الداخلية كي يحصل الرئيس المخلوع، في أسوأ الظروف، على حكم مخفَّف، ويخرج نجلاه علاء وجمال من السجن بعد انقضاء نصف فترة عقوبتهما. وتشير الصحيفة إلى أن الصفقة المذكورة تتضمن تعهداً «إخوانياً» بعدم ملاحقة أعضاء المجلس العسكري قضائياً، واحتفاظهم وعائلاتهم بثرواتهم، في مقابل منح صلاحيات «غير مسبوقة» لمجلس الشعب بقيادة «الإخوان»، إضافة إلى الحفاظ على «الوضع الخاص» للجيش في الدستور الجديد، لضمان عدم تدخل الأجهزة الرقابية «وكشف ما لا يجب كشفه».
أما المعارض الدكتور جمال زهران، النائب السابق، فقد كشف أن «الإخوان» سيردّون الزيارة لواشنطن بعد انتهاء استحقاق انتخابات مجلس الشورى، مؤكداً أن أطراف الصفقة ثلاثة، قاعدتاه «الإخوان» والعسكر، ورأسه الأميركيون، وفق كلام زهران الذي يشير إلى أن اللقاءات الأخيرة بين الأطراف الثلاثة في الأيام الماضية تهدف إلى تنسيق أكثر تماسكاً بينهم، وخصوصاً أن «العسكر يريدون استمرار نظام حسني مبارك، وأن يبقى الجيش مؤسسة فوق الدولة، وأن يحقق لهم الإخوان الخروج الآمن من السلطة، بينما الإخوان يريدون الوصول للسلطة بدعم من الجيش، والأميركيون يرتكزون على الطرفين للحفاظ على مصالحهم القديمة والحفاظ على تفوق إسرائيل في المنطقة واستمرار عمل اتفاقية كامب دايفيد».
بدوره، فإن القيادي في حزب «التحالف الاشتراكي»، عبد الغفار شكر، يؤيد كلام زهران، لكنه يشدد على أن نجاح هذه الصفقة مرهون بالشارع، فـ«المد والجزر في حركة الجماهير يوم 25 كانون الجاري (ذكرى انطلاق ثورة النيل) هما اللذان يحددان الرابحين والخاسرين».