كشفت صحيفة «هآرتس»، امس، أن لجنة الخارجية في البرلمان الفرنسي نشرت، قبل أسبوعين، تقريراً وصف ممارسات اسرائيل في تقسيم المياه في الضفة الغربية بـ«أبرتهايد جديد» (تفرقة عنصرية). وجاء في التقرير، الذي اعده النائب عن الحزب الاشتراكي الفرنسي جان غلاباني، أن «التوسع الإقليمي الإسرائيلي يبدو كاحتلال مياه، سواء بالسيطرة على الجداول أو على المياه الجوفية»، مشيرا إلى أن المياه هي مركب مميز في الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين وفي الاتفاقيات بين الجانبين، لكن تقاسم المياه ليس عادلا ولا قدرة للفلسطينيين على الوصول إلى موارد المياه. وأضاف التقرير أن «المياه أصبحت سلاحاً في خدمة الأبرتهايد الجديد». وأورد أمثلة ومعطيات عديدة لدعم استنتاجات التقرير وأن «المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية البالغ عددهم 450 ألفاً يستخدمون كميات مياه أكثر من الفلسطينيين في الضفة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وفي حالة الجفاف، ومن خلال انتهاك القانون الدولي، فإن الأفضلية تُمنح للمستوطنين في حال حصول جفاف في انتهاك للقانون الدولي».
وأشار التقرير إلى أن غالبية الفلسطينيين يعيشون في منطقة «أ» الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية أمنياً وإدارياً بموجب اتفاقيات أوسلو وفي المنطقة «ب» الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية والسيطرة الإدارية الفلسطينية، بينما مخزون المياه للفلسطينيين موجود في المنطقة «ج» الخاضعة للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية والتي تشكل مساحتها 62% من مساحة الضفة الغربية. وأضاف التقرير أن «الجيش الإسرائيلي يسمح فقط في أحيان نادرة ببناء وتطوير بنى تحتية (فلسطينية) ومنشآت كثيرة لتطهير المياه التي خططت لها وزارة المياه في السلطة الفلسطينية تمنع الإدارة المدنية (التابعة للجيش الإسرائيلي) تنفيذها».
وكتب النائب غلاباني، في التقرير الذي تبنته لجنة الخارجية في البرلمان الفرنسي، أن الإسرائيليين يستندون في ادعاءاتهم «إلى نظرية حقنا بالأرض». وأشار إلى أنه لم يفهم ما إذا كان الحديث يدور عن «الحق التوراتي على الأرض أو عن السيطرة على أراض بزعم أنه لا أصحاب لها». وأضاف أنه «من أجل حماية حقوقهم، يرفض الإسرائيليون أي اقتراح للإدارة المشتركة» لموارد المياه، وأن «إسرائيل تقترح حلولاً متنوعة وبعضها جديرة بالاهتمام، لكن جميعها ترسخ السيطرة على المياه».
واتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، يغئال بالمور، النائب غلاباني بالعداء لإسرائيل. وقال إن طاقم العمل الذي عمل إلى جانب النائب الفرنسي «تنكّر للتقرير، وضمن ذلك رئيس طاقم العمل الذي بعث برسالة رسمية إلى السفير (الإسرائيلي في باريس يوسي غال) وطلب فيه التنكر من العبارات المعادية لإسرائيل في التقرير». وأضاف أن «التقرير مليء بالدعاية السامة وبعيد عن أي نقد مهني بالإمكان مناقشته بعقلانية» وأن النائب الفرنسي أخفى حقائق كثيرة. وقال «اننا دهشون ومستاؤون لتقرير غلاباني الذي استخدم تعبيراً قوياً جداً في هذه الوثيقة في اللحظة الاخيرة من دون ان يطلع زملاءه على ذلك».
ولفتت «هآرتس» إلى أن السفارة الإسرائيلية لم تعلم بالتقرير قبل نشره ولذلك لم تحاول ولم تتمكن من تخفيف صيغته، وأبلغت وزارة الخارجية الإسرائيلية سفارتها بشأن التقرير بعد نشره بعدة أيام، وبعدما تبلغت به من طرف ثالث، ما دفع الخارجية الإسرائيلية إلى وصف الأمر بأنه «خلل سياسي خطير» في عمل الدبلوماسية الإسرائيلية.
( يو بي آي، أ ف ب)