رام الله | منذ انطلاق أحاديث المصالحة الفلسطينية، أعلنت إسرائيل رسمياً أن الأمر «لم يرق لها»، لكنها لم تتوقف عند هذا الحد، اذ صعّدت خلال الساعات الماضية ضد حركة المقاومة الإسلامية «حماس» باعتقالها رئيس البرلمان الفلسطيني عزيز الدويك فضلاً عن خالد الطافش، أحد أهم نواب الحركة في بيت لحم، ما يعني البدء بمرحلة جديدة من الحرب على الحركة الإسلامية، التي دعت أمس إلى وقف «المفاوضات الفاشلة» رداً على الاعتقالات.
واعتقلت قوات الاحتلال فجر أمس النائب عن كتلة التغيير والإصلاح خالد طافش (50 عاماً)، بعد مداهمة منزله في مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة قبل اقتياده إلى جهة مجهولة، ليرتفع بذلك عدد النواب المعتقلين في سجون الاحتلال إلى 24 نائباً. وكان النائب طافش قد اعتقل عدّة مرات في سجون الاحتلال بتهمة الانتماء لحركة حماس والعضوية في المجلس التشريعي الفلسطينية عن كتلة التغيير والإصلاح التابعة للحركة. وقضى ما يقارب عشرة أعوام في اعتقالات متكررة في سجون الاحتلال، بينما يعتبر من أبرز وجهاء وخطباء محافظة بيت لحم، وهو من عائلة التعامرة كبرى عائلات المحافظة.
أما رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك، فقد اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي أول من أمس على حاجز جبع العسكري الواقع إلى الشمال الشرقي لمدينة القدس، وهو الحاجز الأخير قبيل الوصول إلى حاجز قلنديا للدخول إلى مدينة رام الله.
وعلمت مصادر «الأخبار» أن قوات الاحتلال المتواجدة على الحاجز أمرت الدويك بالترجل من السيارة التي كانت تقلّه، وقامت على الفور بتكبيل يديه وربط عينيه واقتادته الى جهة مجهولة. الاعتقال، بحسب مصادر «الأخبار»، تم بعد لقاء جمع الدكتور الدويك بممثل جنوب افريقيا لدى السلطة الفلسطينية، ثم توجهه إلى مدينة نابلس، وأثناء عودته من رام الله إلى الخليل تم احتجازه برفقة أحد العاملين معه، قبل أن يطلق سراح الأخير ويبلّغ بأن الدويك معتقل رسمياً.
وعلّق ناطق بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي على نبأ الاعتقال بالقول «إن دويك اعتقل للاشتباه فيه بالضلوع في «نشاط ارهابي» لكن أي جهة سياسية في إسرائيل لم تعلق على الأمر».
أما موقف «حماس»، فعبر عنه رئيس وزراء الحكومة المقالة في غزة، اسماعيل هنية، بمطالبته بوقف المفاوضات «الفاشلة» بين السلطة الوطنية الفلسطينية واسرائيل في اطار الرد على اعتقال الدويك، فيما أكدت مصادر حمساوية في الضفة الغربية، فضلت عدم الكشف عن هويتها لـ«الأخبار»، أن حركة «حماس» وكتلة التغيير والإصلاح التابعة لها، تنظر بخطورة بالغة للاعتقالات، وأن التطورات قيد البحث الداخلي، تحسباً من قيام إسرائيل بمزيد من الاعتقالات.
وتأتي حملة الاعتقالات ضد «حماس» بالتزامن مع حملة أخرى تتهم الحركة بتلقي أسلحة متطورة، وذكر موقع «سكوب» الإسرائيلي على الانترنت، نقلاً عن مصادر أمنيّة إسرائيلية، أن حركة «حماس» تسلّمت شبكة اتصالات صينية متقدمة من إيران تشبه بدقتها وتكنولوجيتها المتطورة شبكة اتصالات حزب الله اللبناني.
وبحسب الموقع العبري فإن مصادر أخرى غربية وأميركية تتحدث عن شبكة قيادة وسيطرة يطلق عليها اسم «سيلغ» وهي من طراز شبكة الاتصالات «سي 2» المغلقة من الناحية التكنولوجية، وتمكن مستخدمها من إجراء اتصالات لا يمكن اختراقها.
ووفقاً للموقع، فإن صناعة هذه الشبكة تمت في الصين، بينما التقديرات تشير إلى تعديلات وتطويرات أدخلت عليها في إيران، كما أن شبكات مماثلة تستعمل من قبل الجيش الأميركي.
ووفقاً للمصادر العبرية، فإن عناصر حركة «حماس» في غزة، يواجهون مشكلة في استخدام هذه الشبكة حتى الآن، لأن الحركة لم تهتم في السابق بالتكنولوجيا المتقدمة وهي تنظيم مغلق، على عكس حزب الله اللبناني. وزعم الموقع الإسرائيلي على لسان مصادره، بأن تدريب كوادر حماس على استعمال هذه الشبكة، يتم على أيدي خبراء حزب الله في البقاع اللبناني.
وفي السياق نفسه، اكدت مصادر رفيعة المستوى في جهاز الامن العام الاسرائيلي (الشاباك)، ان «ايران تلعب دوراً مركزياً في عمليات تهريب السلاح الى حركتي حماس والجهاد الاسلامي في قطاع غزة، والهدف هو تحسين القدرات القتالية لدى الحركتين». وأضافت المصادر لصحيفة «يديعوت احرونوت»، امس، ان «مسار تهريب السلاح يبدأ من ايران ويمر بالسودان ومصر، وصولاً الى شبه جزيرة سيناء، ومن ثم تجري عمليات التهريب النهائية الى قطاع غزة»، واشارت الى ان «بدو سيناء هم من يقوم بمعظم عمليات التهريب، الامر الذي يعد مصدر دخلهم الاساسي».
وأكدت المصادر الاسرائيلية ان «ايران تزوّد حركة حماس بمبالغ مالية طائلة، بهدف تمويل الجيش الذي تعمل حماس على تأسيسه في القطاع، والذي يتحول يوماً بعد يوم الى جيش نظامي، بكل ما يعنيه ذلك»، مشيرة الى ان «عديد عناصر جيش حماس قد وصل بالفعل الى عشرات الآلاف من المقاتلين المدربين»، وبحسب المصادر نفسها، فإن «حماس تعمل، على نقيض من الماضي، بالإعداد لصناعة عسكرية متطورة جداً، تعتمد فيها على الآلاف من المهندسين الفلسطينيين وممن يحملون ألقاباً جامعية رفيعة في الفيزياء والكيمياء، الذين يزورون ايران بانتظام، ويتلقون فيها تدريبات تتعلق بتطوير الاسلحة واقامة البنية التحتية للصناعات العسكرية الفلسطينية». وتابعت أن «حركة حماس باتت قريبة جدا من انتاج صواريخ مضادة للدروع، اضافة الى منظومات متطورة من شأنها ان تسبب لاسرائيل خسائر في الارواح، اذ إن الصواريخ التي تعكف على تطويرها، اشد فتكاً من الصواريخ الموجودة حالياً لديها ».
إلى ذلك، لم تعلق السلطة على الحملة على «حماس»، فيما كان رئيسها محمود عباس منذ أمس في زيارة إلى العاصمة الروسية موسكو تخللها اجاء مشاورات حول اسئتناف المفاوضات. وقدّر الرئيس الفلسطيني الموقف الروسي، مشيراً إلى وجود ثبات في هذا الموقف تجاه القضية الفلسطينية ودعم مباشر وغير مباشر للشعب الفلسطيني. كذلك أعلن أن اسم الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف أطلق على أحد الشوارع الرئيسية في المدينة الفلسطينية أريحا، التي كان قد زارها الأخير في وقت سابق.
من جهته، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد لقاء عباس على ضرورة استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، استناداً إلى المرجعية الدولية والاتفاقيات التي أبرمت سابقاً بين الطرفين، مؤكداً على البيان الأخير الصادر عن الرباعية الدولية الذي ينص على وضع برامج محددة أمام الجانبين لاستئناف هذه المفاوضات.