القاهرة | من جديد، وضعت قضايا اليمن والمخاطر المحدقة به على طاولة البحث. وبعدما استضافت بيروت، قبل أيام، فعاليات «المؤتمر الوطني: اليمن الذي نريد»، كانت القاهرة، أمس، على موعد مع انطلاق أعمال مؤتمر «اليمن إلى أين: نحو رؤية معاصرة لبناء اليمن الجديد»، بدعوة من مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان والمنظمة العربية لحقوق الإنسان. توقيت انعقاد المؤتمر، الذي يمتد ليومين، واضح لا لبس فيه من وجهة نظر مدير مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان عز الدين الأصبحي. فهو «يأتي للاحتفال بمرور عام على انطلاق شرارة الثورة» ومحاولة للإجابة عن «تساؤلات المستقبل»، نظراً إلى أن اليمن على مفترق طريق يجعل من الضروري إجراء تقويم للأحداث التي مرّ بها العام الماضي، والعمل على عدم انزلاق اليمن إلى دائرة العنف. ولذلك شدد الأصبحي على أهمية تكافل جميع اليمنيين ووضع رؤية واضحة للمستقبل «لإعادة الكرامة لشعب يستحق الحياة». موقف مماثل أكد عليه محمد فائق، من المجلس الوطني لحقوق الإنسان المصري، محذراً من محاولات أعداء الثورة الالتفاف عليها ومقاومة البناء الثوري. كذلك ركز فائق في حديثه على خصوصية الثورة اليمنية بين الثورات العربية بوصفها الأكثر سلمية، على الرغم من الاستفزازات، ومن كون اليمن أكبر مخزن سلاح سعى مواطنوه إلى تجنب استخدامه في معركتهم في التغيير.
من جهته، لفت نائب رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، راجي الصوراني، إلى أن اليمنيين باتوا على أعتاب حصد نتائج جهدهم الذي بذلوه طوال الأشهر الماضية، بعدما صمدوا في الساحات متمسكين بمطلب إسقاط النظام.
كذلك تحدث عن أصابع سوداء كثيرة، إقليمية ودولية، تحاول التدخل في شؤون اليمن وثورته، مطالباً بالتنبه لخطورة المرحلة وإيجاد الحلول للتغلب عليها وتغليب الوحدة اليمنية على أي اعتبار آخر. واستشهد الصوراني، الذي يرأس أيضاً المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بالضرر الذي ألحقه الانقسام الفلسطيني بالقضية الفلسطينية.
أما الناشطة الحقوقية التونسية، نبيلة حمزة، فركزت على إفرازات الثورة التونسية بإيجابياتها وسلبياتها، مشددةً على أن أحد أهم إنجازات الثورة أنها أسقطت جدار الصمت والخوف. وأبرز دليل على ذلك يتجسد في الحراك السياسي والاجتماعي في تونس ومختلف الدول التي تشهد حركات احتجاجات، بينها اليمن أيضاً.
من جهته، قدم الرئيس اليمني السابق، علي ناصر محمد، مداخلة أكد فيها أنه لم يعد هناك شيء يمكُنه إيقاف عجلة التغيير في اليمن، داعياً إلى ضرورة «تحقيق كامل أهداف الثورة واستحقاقات التغيير» وليس الاكتفاء بإسقاط رأس النظام. وبعدما أكد على أهمية «وضع رؤية لمعالجة القضايا الكبيرة والمعقدة والمركبة التي تخص اليمن»، أكد أن «أولى هذه المهمات حل القضية الجنوبية العادلة بوصفها المدخل لحل كل قضايا اليمن». واتهم الرئيس اليمني السابق، المؤيد لخيار الفدرالية، نظام علي عبد الله صالح بأنه «حوّل حلم الوحدة الجميل إلى كابوس مفزع، وأشاع روح الفرقة والتشرذم حينما كرس أزمته الأخلاقية وطريقته في الحكم بالوصاية والتفرد»، الأمر الذي ساهم في «انطلاق الحراك الجنوبي السلمي الشعبي».
وفيما أقرّ بأن التغيير في اليمن «ليس بإرادة شعبية فقط، بل بإرادة خارجية أيضاً»، دعا علي ناصر محمد إلى «التوصل إلى أفضل الوسائل التي تبلور حلاً عادلاً ومنصفاً للقضية الجنوبية»، مشدداً على أن «اليمن ليس بحاجة فقط إلى مصالحة تنطلق بإرادة حقيقية، بل إلى مصالحة تؤدي إلى المشاركة الفعلية في السلطة والثروة، عملاً بمبدأ التصالح والتسامح الذي يجب أن يعم البلاد كلها. وهو ما يتطلب من وجهة نظره الاعتراف بالأخطاء التي وقعت رسمياً، وترك العفو لأصحابه لأن يبادروا إلى منحه، لا فرضه».