على وقع القطيعة السورية مع «المبادرة العربية الجديدة»، طلب الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي ورئيس الوزراء القطري اجتماعاً مع الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من أجل الحصول على دعم مجلس الامن الدولي للمبادرة التي تقول إنها تسعى إلى إنهاء الازمة في سوريا. وقال نائب الامين العام للجامعة العربية أحمد بن حلّي إن العربي وبن جاسم، بصفته رئيس اللجنة العربية الوزارية المعنية بالأزمة السورية، «بعثا برسالة مشتركة موقّعة من كليهما إلى الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون تتضمن عناصر الخطة العربية لحل الازمة السورية سياسياً، وطلبا عقد لقاء مشترك معه في مقر الامم المتحدة لطلب دعم مجلس الامن لهذه الخطة».

وفي تصريحات للصحافيين مساء أمس، عقب اجتماع طارئ للمندوبين الدائمين لدى جامعة الدول العربية، قال بن حلي إن «الجامعة العربية بانتظار ردّ دمشق على طلب الأمين العام للجامعة تمديد مهمة البعثة شهراً إضافياً وفقاً للبروتوكول الموقّع بين الجانبين». ومساءً ذكرت وكالة الانباء السورية سانا أن وزير الخارجية وليد المعلم بعث برسالة إلى الأمين العام للجامعة العربية يبلغه فيها موافقة الحكومة السورية على تمديد مهمة البعثة حتى 23 شباط 2012.
ورداً على سؤال بشأن تداعيات قرار دول مجلس التعاون الخليجي سحب مراقبيها من فريق المراقبين، قال بن حلّي إن «قرار إرسال مراقبين إلى سوريا أو سحبهم هو قرار سيادي لكل دولة عربية»، مشيراً إلى أن عدد مراقبي دول مجلس التعاون الخليجي في البعثة يبلغ 55 مراقباً. وأضاف أن البروتوكول الموقَّع بين سوريا والجامعة يسمح بالاستعانة بمراقبين من دول إسلامية ودول صديقة، و«لكننا قادرون على تعويض نقص المراقبين في الوقت الحالي من الدول العربية». واستطرد بأن «دول مجلس التعاون ستبقى ملتزمة بدعم بعثة المراقبين، وأنها ستفي بالتزاماتها المالية تجاهها». من جانبه، قلّل سفير قطر لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية السفير صالح عبد الله البوعينين من أي مخاوف أو آثار سلبية قد تترتّب على قرار سحب دول الخليج مراقبيها من سوريا، مؤكداً أن هذا لا يمنع الاستمرار بدعم البعثة مادياً ولوجستياً.
وكانت دول مجلس التعاون الخليجي قد أعلنت قبيل ظهر الثلاثاء أنها قررت «التجاوب» مع السعودية التي سحبت مراقبيها من بعثة الجامعة إلى سوريا، بعد «تأكدّها من استمرار نزف الدم وقتل الأبرياء». بدوره، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، عقب محادثات مع نظيره الأوسترالي في لندن، «آمل أن توضح الجامعة العربية الوضع للأمم المتحدة في الوقت المناسب، وتطلب من مجلس الأمن الدولي إصدار قرار ملائم». وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه لمحطة (كانال بلاس) «أمر مخز أن يلزم مجلس الأمن الصمت، غير أن هناك بصيصاً من الضوء. مبادرة الجامعة العربية كانت إيجابية ونحن ندعمها».
وفي موسكو، أكّدت وزارة الخارجية الروسية ثبات موقفها من ضرورة حل الأزمة السورية بطرق سياسية من دون أي تدخل خارجي، واحترام سيادة سوريا. ونقلت وسائل الإعلام الروسية عن بيان صادر عن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، عقب لقائه نائب وزيرة الخارجية الأميركية، جيفري فيلتمان، في موسكو، أنه أكد «ثبات المواقف الروسية بشأن ضرورة حلّ الأزمة السورية بطرق سياسية ودبلوماسية عبر حوار وطني شامل، من دون أي تدخل خارجي، مع احترام سيادة سوريا». وأفادت الخارجية بأن الجانب الروسي «أكد خصوصاً أن ردود فعل المجتمع الدولي على التوجهات الداخلية في بعض الدول يجب أن تكون مسؤولة ومتّزنة بأعلى درجة ممكنة، كما يجب حل المشاكل القائمة بطرق سلمية، مع احترام الدور المركزي لمجلس الأمن الدولي لضمان السلام الدولي والأمن». إلى ذلك، التقى بوغدانوف أمس أيضاً النائب الأول لوزير الخارجية التركي فريدون سينيرلي أوغلو، وأكّد له دعم موسكو لجهود الجامعة العربية الرامية إلى حل الأزمة السورية الداخلية، مشيداً بقرار الجامعة تمديد تفويض بعثة مراقبيها في سوريا.
وفي موقف لافت، أكد المكتب الصحافي لرئيس لجنة مجلس الاتحاد الروسي للشؤون الدولية ميخائيل مرغيلوف أمس أن تصريحه بأن «روسيا استنفدت كل الوسائل التي تسمح للرئيس الأسد بالمحافظة على وضعه القانوني في المحافل الدولية» والذي نشرته وكالة أنباء «رويترز»، يعود في الحقيقة إلى 23 تشرين الثاني الماضي.
بدوره، قال وزير الخارجية الإيطالي جيليو تيرسي إن بلاده تريد أن تواصل تعاونها الوثيق مع دول الخليج العربية في سعيها إلى حل الأزمة في سوريا. وأفادت وكالة أنباء (أنسا) الإيطالية أن تيرسي عبّر خلال محادثات أجراها مع نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان في روما عن «الاهتمام الكبير» بالعمل مع مجلس التعاون الخليجي في سعيه إلى حل الأزمة في سوريا. وقال الوزير الإماراتي بدوره «نأمل أن يدعم المجتمع الدولي مبادرتنا».
في هذا الوقت، أكد ممثل الولايات المتحدة الدائم في منظمة حلف شمالي الأطلسي، السفير إيفو دالدر، أن الحلف لا يخطط للتدخل في سوريا بعد رفضها مبادرة الجامعة العربية، ولا يتجه لضم أي دولة عربية إلى عضويته. من جهة ثانية، كشفت صحيفة «الوطن» السورية أن اللجنة المكلّفة بإعداد مشروع الدستور التي أُلّفت بموجب قرار جمهوري في 15 تشرين الأول «حدّدت مدة الولاية الرئاسية بـ7 سنوات، ولولايتين، ما يعني أن تجديد الولاية سيكون لمرة واحدة».
ميدانياً، أفادت لجان التنسيق المحلية بأن 43 شخصاً قتلوا أمس، بينهم 32 في حمص، 18 منهم قضوا في قصف طال حي باب تدمر، فيما أعلنت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مقتل عنصرين وإصابة اثنين آخرين من قوات حفظ النظام برصاص «مجموعات إرهابية» في خان شيخون وأريحا. كذلك ذكرت سانا أنه «جرى تشييع 16 شهيداً عسكرياً من مشفَيي تشرين وحمص العسكريين إلى مثاويهم الأخيرة». وفي حماة، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «القوات العسكرية اقتحمت حيّي باب قبلي والجراجمة وسط إطلاق نار من رشاشات ثقيلة ومتوسطة»، من دون أن يشير إلى الأضرار التي أحدثها هذا.
(الأخبار، سانا، إيتار ـ تاس،
يو بي آي، رويترز، أ ف ب)