تونس | من المنتظر أن تصدر في هذا الأسبوع قائمة اسمية جديدة تتعلق بالعفو عما يناهز 3000 سجين، وفقاً لقرار العفو الصادر عن الرئيس المؤقت، والذي شمل 8844 سجيناً، بمناسبة الذكرى الأولى للثورة التونسية يوم 14كانون الثاني المنصرم. ورأى المراقبون أن العدد الذي شمله العفو غير مسبوق، وقد تضمنت القائمة الأولية مساجين مدانين بجرائم القتل والاغتصاب والمخدرات، اضافة الى 23 سجيناً محكومين بالإعدام، و 12سجيناً مغربياً، كما استُبدلت عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد لـ122 سجيناً. ويرى كثيرون من داخل الجهاز القضائي أن هذا العفو يمسّ صلاحيات الجهاز، وخصوصاً مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات، الجهة المخولة بالنظر في مطالب «السراح الشرطي» في الجرائم التي يبلغ الحكم فيها 8 أشهر.في غضون ذلك، شكّلت وزارة العدل، التي يرأسها نور الدين البحيري (الصورة) عن حركة «النهضة»، لجنتين خاصتين للنظر في مطالب العفو والسراح الشرطي المقدّمة لها من قبل عائلات المساجين، غير أنّ الدفعة الأولى التي أُعلن عنها أثارت ردود فعل كبيرة، بسبب ما اعتبرته العديد من العائلات إجحافاً في حق بعض المساجين ومحاباة لعدد آخر. ولعل إطلاق سراح شقيق وزير العدل، المتهم بالاعتداء الجنسي على صبي، هو الذي أجج الاحتجاجات، خاصة في مدينة جبنيانة في محافظة صفاقس (جنوب)، موطن شقيق الوزير المُفرج عنه. وقد امتدت هذه الاحتجاجات لتصل الى مبنى الوزارة، حتى بلغ الأمر بإحدى المتظاهرات محاولة سكب البنزين على جسدها، وهو ربما ما دفع الوزارة الى فتح أبوابها لعائلات المساجين والتفاوض معهم على مدى أسبوع، ووعدهم بإطلاق دفعة جديدة من المحكوم عليهم.
كذلك أثار تصرف وزارة العدل مخاوف لدى الشارع التونسي، وخصوصاً أن الكثير من المسجونين، ممن عرفوا بالإجرام باتوا يندسّون في احتجاجات وتحركات المعطلين من العمل والمواطنين الذين يطالبون الحكومة بتحسين ظروف عيشهم وتمكينهم من حق الشغل أساساً، فضلاً عن مخاوف الجهاز القضائي من التدخل في أحكامه وتغليب السياسي والأخلاقي على حساب منظومة العقوبات القانونية، ولاسيما أنّ وزارة العدل تُعدّ وزارة سيادة في حكومة ائتلافية، لا تزال تضع أولى خطواتها في مسار الانتقال الديموقراطي.
وتجدر الاشارة الى أن بعض القنوات الإعلامية دخلت، ولأول مرة، بطريقة مباشرة وطويلة إلى زنازين بعض السجون التونسية، وأجرت العديد من التحقيقات المصورة، خاصة مع السجينات اللواتي يقضين عقوباتهن بالسجن المدني للنساء في محافظة منوبة المتاخمة للعاصمة.
وقد لاحظ العديد من المراقبين اختلاف الأحكام في القضايا نفسها تقريباً واستفحال ظاهرة الرشى في المحاكم التونسية طوال فترة النظام السابق، مما جعل العديد من الأبرياء يقبعون وراء القضبان. ورغم براءتهم، فإنّهم لم يتمتعوا بالعفو أو بالسراح الشرطي.
ويبقى السؤال الذي يُطرح الآن أمام قبول وزارة العدل بإضافة قائمة جديدة للمفرج عنهم بعدما نفذت عائلاتهم العديد من الوقفات الاحتجاجية، هو هل ستُقدم الوزارة على هذه الخطوة تحت ضغط الشارع أم لاقتناعها بنقصان القائمة الأولى التي أعلنتها؟