دخل الزعيم العراقي مقتدى الصدر على خط الأزمة البحرينية علناً أمس، موجّهاً تحذيرات إلى السلطة من المس بالمرجع البحريني عيسى قاسم الذي تلقّى أكثر من مرّة تهديدات واتهامات من قبل النظام بتأجيج التوتر. ويأتي هذا الخطاب الحادّ تزامناً مع تصعيد مماثل على الأرض، حيث توعّد المحتجون باستعادة انتفاضتهم المسلوبة مع اقتراب الذكرى الأولى لها، فيما أُعلن أمس عن مقتل 4 متظاهرين برصاص الأمن. وأعلن الناشط الحقوقي نبيل رجب لـ«الأخبار» مقتل 4 متظاهرين على الأقل، أول من أمس، مشيراً إلى أنّ الأوضاع على الأرض سيئة جداً والاشتباكات متواصلة. وأوضح أن أحد المتظاهرين، ويدعى منتظر سعيد فخر، اعتقله رجال الأمن وضربوه، ثم اقتيد إلى مركز الاعتقال، لتعلن الشرطة لاحقاً أنه مات. وأضاف أن المتظاهرين الآخرين قتلوا بواسطة الدهس والتعذيب ورصاص الشوزن والاختناق جرّاء قنابل الغاز، وهم: الحاج سعيد علي السكري، عباس جعفر الشيخ، منتظر سعيد فخر، ومحمد إبراهيم علي يعقوب.
وأشار رجب إلى أن هذا التصعيد في الشارع ناجم عن تسلّط السلطة واستمرارها باستخدام العنف، وهو ما دفع الشارع إلى اليأس واللجوء إلى أساليب عنفية. واستبعد بنحو قاطع أن يكون خطاب المرجع الديني عيسى قاسم قد سبّب هذا التأجيج في الشارع، كما زعمت السلطات، وقال إن خطاب قاسم يوم الجمعة كان مرتباً، وقد سبق أن طلب في خطاباته السابقة حماية النساء من الاعتداء، ولم يحمل خطابه الأخير أي جديد، لكن السلطة اعتادت أن تتذرع بالشيخ قاسم.
وكانت المعارضة قد أشارت، في بيان، إلى مقتل المواطن «محمد إبراهيم يعقوب، أحد المتظاهرين من منطقة سترة، الذي لقي حتفه بسبب التعذيب داخل السجن». وأكّدت جمعيات حقوقية بحرينية أنّ المتظاهر تعرّض للتعذيب على أيدي القوى الأمنية.
ومع احتدام التوترات الأهلية، علت أصوات نيابية موالية تطالب بالتهدئة والمصالحة الوطنية. وقال النائب حمد المهندي، من كتلة «الأصالة» السلفية بمجلس النواب، على حسابه على «تويتر»، «لن يكون في البحرين عدالة أو إصلاح حتى يتوافق الشعب بطائفتيه ويقبل كل منهما الآخر ويقتنع الجميع بمبدأ التعايش ويتخلص من الثأر التاريخي».
وعلى المستوى الإقليمي، كان بارزاً تحذير زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحكومة البحرينية من الإقدام على اعتقال المرجع الديني عيسى قاسم، داعياً المتظاهرين إلى مواصلة حراكهم حتى الانتصار. وقال الصدر، في بيان، «بلغنا من الإخوة المجاهدين في البحرين الحبيبة أن هناك تحركاً أو قراراً حكومياً ضد المرجع عيسى قاسم، وتعتزم (الحكومة) اعتقاله»، محذراً الحكومة من «الإقدام على هذه الخطوة». ورأى أن «المساس بالشيخ عيسى قاسم أو اعتقاله هو مساس بنا وبالمذهب والإسلام، ومخالف لكل الأعراف الدينية والسياسية»، و«أننا لن نسكت على ذلك وسنقف مع الشعب البحريني ومراجعه بما أوتينا من قوة».
كذلك أبدى الزعيم الشاب استعداده «لزيارة كل المراجع في البحرين المظلومة في أي وقت إن كان ذلك ينفعهم ويقوّي من موقفهم البطولي، ولا سيما موقف المرجع عيسى قاسم من المجاهدين ودعمهم والوقوف بحزم وشجاعة ضد المعتدين على النساء والأعراض ونحن معه ونؤيّده»، داعياً شباب البحرين وشعبها إلى «الاستمرار بالتظاهر، فأنتم المنتصرون ونحن من خلفكم نناصركم ونؤيّدكم وندعمكم بالثبات والانتصار، وأن يكون الفرج قريباً».
في سياق متصل، ذكرت وكالة أنباء البحرين أن رئيس اللجنة البحرينية المستقلة لتقصّي الحقائق، محمود شريف بسيوني، سيزور البحرين في شهر شباط، للوقوف على آليات متابعة تنفيذ توصيات اللجنة التي خرجت بها أخيراً والمستجدات الحكومية المتعلقة بهذه التوصيات، وما اتخذته من خطوات لتحقيقها على أرض الواقع.