فيما تتواصل المشاورات في مجلس الأمن الدولي بشأن مشروع قرار جديد يتعلّق سوريا قدمه الأوروبيون ودول عربية يوم الجمعة الماضي، ويستند الى خطة التسوية التي أعدتها الجامعة العربية بعد اصطدامه بـ«خطوط حمراء» وضعتها روسيا، توجه وفدان من جامعة الدول العربية والمعارضة السورية إلى نيوريوك بهدف مواكبة المباحثات وممارسة الضغوط على روسيا لتليين موقفها المعارض للقرار. وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، من مطار القاهرة قبيل التوجه إلى نيويورك، أنه «سيعقد عدة لقاءات مع ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي للحصول على دعم المجلس وموافقته على المبادرة العربية». وسيطلع العربي، الذي سينضم إليه رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، مجلس الأمن على أحدث التطورات السورية.
وعندما سئل العربي عن عزوف الصين وروسيا عن اتخاذ خطوات جديدة بشأن سوريا، قال «إنه يأمل أن يغير البلدان موقفهما»، مضيفاً «هناك اتصالات تجرى مع الصين وروسيا بهذا الشأن وأرجو أن يتعدل موقفهما». كذلك لفت إلى أن الجزائر لم تعترض على مشروع القرار، الذي أعلن دبلوماسيون أمس أن الدول الأوروبية والعربية التي تقف وراءه تعمل على إعادة صياغة نصه بعد تعليق مهمة المراقبين العرب في هذا البلد. وأوضح العربي أن الجزائر تحفظت على الفقرة السابعة فقط، المتعلقة بعمل البعثة العربية، فيما نفى المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الجزائرية، عمار بلاني، معارضة بلاده لقرار الجامعة العربية إبلاغ مجلس الأمن الدولي بتطورات الأزمة السورية. وأوضح أن بلاده أعربت عن تحفظات على الفقرة السابعة من قرار مجلس الجامعة العربية. وأكد أن «هذه التحفظات لها ما يبررها من خلال التزامنا بالإطار الوحيد للجامعة العربية والمبادرة العربية للتوصل إلى حل للأزمة السورية، من دون أي تدويل للقضية».
من جهتها، تمسكت روسيا بموقفها الرافض لإقدام مجلس الأمن على اتخاذ أي خطوات جديدة ضد سوريا في مجلس الأمن، وبينها مشروع القرار الجديد الذي ينص في إحدى فقراته على «نقل السلطة من الرئيس وإجراء انتخابات تتسم بالشفافية والنزاهة تخضع لمراقبة عربية ودولية».
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغى لافروف، في مقابلة مع شبكة التلفزة اليابانية «ان اتش كى»، «أن بعض زملاء روسيا في مجلس الأمن يقنعون المعارضة السورية بعدم الانخراط في حوار مع السلطات السورية»، معتبراً ذلك «موقفاً خاطئاً ويشكل تحريضاً، ولا يرمي إلى السير بالقضية بمجملها إلى ضمان مصالح الشعب السوري، الذي يطالب بحياة أفضل، بل إلى استخدام الوضع الناشئ لتحقيق مصالح جيوسياسية ذاتية».
كذلك نقلت وكالة أنتر فاكس الروسية عن لافروف قوله «بالطبع سنستمع لهم (الوفد العربي)، غير أننا أوضحنا أنه يتعين علينا الاطلاع على التقرير بأنفسنا للتقدم بالمبادرة على أساسه»، وذلك بعد يوم واحد من تأكيد المندوب الروسي في الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، «أن روسيا لا تعتبر مشروع القرار (المقدم إلى مجلس الأمن) هذا قاعدة للاتفاق»، مضيفاً «هذا لا يعني أننا نرفض الحوار». وتابع «أوضحنا ما هي الخطوط الحمراء بالنسبة إلينا»، متحدثاً عن معارضة موسكو «أي إشارة الى عقوبات (...) وفرض أي نوع من الحظر على الأسلحة» المتجهة الى سوريا. كما أكد أن من غير الوارد لدى روسيا «الحكم مسبقاً على نتيجة أي حوار سياسي في سوريا» عبر طلب تنحي الرئيس الأسد، فيما علّق مصدر دبلوماسي عربي على إمكانية فرض عقوبات على سوريا بالقول «إذا راجعنا حالات مثل العراق وأماكن اخرى، أعتقد أن هذا النوع من العقوبات لم يحقق نتائج تذكر».
وفي ظل الانقسام الواضح في المواقف الغربية، وتحديداً بين روسيا وفرنسا، التي تعتبر أن «خطة الجامعة العربية هي السبيل الوحيد المعروض أمامنا بهدف تجنب الأسوأ»، بدا واضحاً خلال اليومين الماضيين سعي الدول الغربية الى ممارسة ضغوط سياسية على روسيا للتخفيف من حدة معارضتها للقرار.
وأكد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، أن «فرنسا تدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لحماية المدنيين السوريين، وفي الدرجة الأولى داخل مجلس الأمن»، موضحاً أن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه وجه رسالة الى نظيره الروسي سيرغي لافروف «للتشديد على أهمية التعاون البناء بين فرنسا وروسيا».
بدوره، طالب وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلي، أول من أمس، بتبني قرار في الأمم المتحدة بشأن سوريا بسرعة، داعياً «كل من تردد حتى الآن الى عدم الوقوف في وجه اعتماد قرار» لإدانة سياسة دمشق.
أما الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، فقال: على الرئيس السوري بشار الأسد «أولاً وقبل كل شيء أن يوقف سفك الدماء فوراً»، مضيفاً إن «القيادة السورية يجب أن تقوم بعمل حاسم في هذا الوقت لوقف هذا العنف». ورأى الأمين العام أن على الأسد كزعيم «مسؤولية مهمة لحل هذا الوضع والدخول في حوار سياسي».
في المقابل، شدد المندوب السوري في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، على أن بلاده تعارض أي مشروع قرار يقدم بشأن بلاده إلى مجلس الأمن من دون التشاور معها، بعيداً عن خطة العمل العربية المتعلقة بتوقيع البرتوكول. كذلك أشار، في تصريحات صحافية نقلتها وسائل إعلامية، إلى أن «بعض الدول العربية تنفذ خططاً خارجية للتدخل في شؤون سوريا»، لافتاً إلى «وجود مؤامرة من قبل أطراف دولية وإقليمية». كما بيّن أن «بعض الدول العربية تتلقى تعليمات خارجية لتهديد استقرار بلاده».
في هذه الأثناء، أعلن المجلس الوطني السوري المعارض أول من أمس أن وفداً برئاسة برهان غليون سيتوجه الى نيويورك «لعرض قضية الشعب السوري على مجلس الأمن ولمطالبته بتأمين الحماية الدولية للمدنيين».
(الأخبار، رويترز، أ ب، أ ف ب)