في موازاة الحراك الدبلوماسي في مجلس الأمن الدولي، اتخذت جامعة الدول العربية أول من أمس قراراً بوقفٍ مؤقت لعمل مراقبي البعثة في سوريا، مثيرةً تساؤلات سورية وروسية حول توقيت الخطوة، فيما أعلن نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد بن حلي، أن وزراء الخارجية العرب سيجتمعون في الخامس من الشهر المقبل لمناقشة الأزمة السورية. وأبلغ مسؤول من الجامعة وكالة «رويترز» أن الاجتماع سيتخلله بحث ما إذا كان سيجري سحب المراقبين العرب بشكل دائم من سوريا، وذلك بعد ساعات من اعلان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أنه قرر «وقف عمل بعثة المراقبين العرب في سوريا فوراً»، متهماً الحكومة السورية بـ«تصعيد الخيار الأمني».
من جهته، أوضح رئيس فريق المراقبين العرب، محمد أحمد مصطفى الدابي، أن القرار «يعد بمثابة وقف مؤقت وليس نهائياً لمهمة البعثة». وأضاف، في تصريحات هاتفية لموقع «بوابة الأهرام»، «أن قرار وقف مهمة البعثة اتخذ في ضوء الفتوى التي أصدرها الشيخ عدنان العرعور، المعارض السوري المقيم في السعودية، التي أهدر فيها دم أعضاء بعثة مراقبي الجامعة العربية، والتي شكلت تهديداً لأمنهم وسلامتهم، وتصاعد أعمال العنف من الجانبين، الحكومة والجماعات المسلحة، وخصوصاً خلال الأيام الأخيرة، إضافة إلى موقف المعارضة السورية الرافض تماماً للقرارات التي أصدرها مجلس الجامعة العربية في اجتماعه مساء الأحد الماضي، على مستوى وزراء الخارجية، وحثهم على نقل ملف الأزمة السورية إلى مجلس الأمن، فضلاً عن سفر وفد عربي إلى مجلس الأمن اليوم».
في المقابل، سارعت دمشق الى إعلان «أسفها واستغرابها» لصدور هذا القرار. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر مسؤول قوله إن قرار العربي جاء «تمهيداً لاجتماع مجلس الأمن الثلاثاء المقبل بناءً على طلب قطر والأمانة العامة للجامعة للتأثير السلبي وممارسة الضغوط في المداولات التي ستجرى هناك بهدف استدعاء التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية وتشجيع الجماعات المسلحة على زيادة العنف الذي تمارسه ضد المواطنين». ورأى المصدر أن قرار العربي «يتماهى مع قرار دول مجلس التعاون الخليجي بسحب مراقبيها في البعثة كرد فعل على تقرير بعثة المراقبين العرب، وليس بسبب ما ادعاه الأمين العام من استمرار استخدام العنف وتبادل القصف وإطلاق النار». وقالت مصادر عربية قريبة من دمشق إن قرار الجامعة يأتي تهرّباً من إرسال الدابي إلى مجلس الأمن للإدلاء بشهادته، وهو ما كانت طلبته موسكو. وأضاف إنه بعد وقف عمل البعثة، فإن الدابي سيكون غير ذي صفة في هذا المجال.
أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فأعرب عن رغبته في معرفة «السبب الذي يجعلهم يتعاملون مع مهمة مفيدة بهذه الطريقة»، مضيفاً «لو كنت مكانهم لأيّدت زيادة عدد المراقبين». وأكد أنه لا يدعم البلدان الغربية التي قالت إن البعثة لا طائل منها، وأن من المستحيل اجراء حوار مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وأضاف «أعتقد أن هذه تصريحات غير مسؤولة اطلاقاً، اذ إن السعي لإجهاض فرصة لتهدئة الوضع أمر لا يغتفر»، مشدداً على أن قرار سحب المراقبين الذي اتخذ في الوقت عينه مع تمديد عمل البعثة العربية يثير التساؤلات.
في غضون ذلك، أكدت السلطات السورية، على لسان وزير داخليتها محمد الشعار، أن الأجهزة الأمنية ماضية في «تطهير البلاد من رجس المارقين والخارجين عن القانون»، مشدداً على أن سوريا «ستبقى قوية بعزيمة أبنائها ودماء شهدائها». وحمل وزير الداخلية، خلال تكريم أسر قتلى قوات الأمن الداخلي، على «مجموعات تعمل على إرهاب المواطنين الأبرياء وقتلهم وسلبهم ممتلكاتهم وزعزعة أمنهم». من جهتها، نقلت صحيفة «الوطن» السورية عن مصادر قولها إن «حملة التمشيط في مدينة حماه مستمرة حتى تحقيق هدفها في تنظيف أحياء المدينة من المسلحين، وإنهاء سطوتهم عليها وعلى المدينة عموماً»، وذلك في وقتٍ أفادت فيه وكالات الأنباء العالمية عن اشتباكات واسعة النطاق في عدد من المناطق السورية بين الجيش النظامي ومسلحين ينتمون إلى الجيش السوري الحر.
وأشارت وكالة «رويترز»، نقلاً عن نشطاء، إلى أن «آلاف الجنود السوريين انتقلوا إلى ضواحٍ في دمشق سقطت في أيدي قوات معارضة». وبالتزامن، أعلن المتحدث باسم «الجيش السوري الحر»، الرائد ماهر النعيمي، في حديث لوكالة «فرانس برس»، أن «حركة الانشقاقات من الجيش النظامي السوري والاشتباكات تكثفت خلال الساعات الماضية في مناطق ريف دمشق، ويقع بعضها على بعد حوالى ثمانية كيلومترات من العاصمة، ما يدل على اقتراب المعركة من دمشق».
ويأتي كلام النعيمي بعد أيام من اعلان «المجلس الوطني السوري» المعارض، يوم الجمعة، استعداده لتقديم المال والمعدات لـ«الجيش السوري الحر» في سوريا.
في هذه الأثناء، نقلت وكالة «فرانس برس» عن المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس مقتل 66 شخصاً، وارتفاع حصيلة قتلى أول من أمس إلى 39 شخصاً، بينهم 23 عسكرياً. ووفقاً للمرصد «سقط أمس 26 عنصراً من الجيش النظامي في إدلب وريف دمشق وخمسة من عناصر الأمن قرب مدينة الزبداني». كذلك سقط، وفقاً للمرصد، 26 مدنياً في مناطق إدلب ودرعا وحمص وريف دمشق وحماه وحي جوبر في مدينة دمشق، فضلاً عن مقتل تسعة منشقين في ريف دمشق وإدلب وحماه وحمص. بدورها، أكدت وكالة «سانا» الرسمية السورية أن ستة جنود قتلوا في تفجير في جنوب غرب دمشق. كما أشارت إلى تشييع «جثامين 28 فرداً من الجيش وقوات الأمن قتلتهم جماعات إرهابية مسلحة» في حمص وحماه ودرعا ودير الزور ودمشق. كما أفادت عن «استشهاد طفل في الميدان وأم وابنها وعنصر من حفظ النظام في حمص بنيران مجموعات إرهابية مسلحة»، فضلاً عن اصابة عدد من الضباط ومن عناصر الأمن في انفجار عبوات ناسفة في عدد من المناطق.
كذلك، أشارت إلى أن أنه تم العثور في حمص «على خمس جثث، نكّلت بها المجموعات الإرهابية المسلحة، فضلاً عن احباط الجهات المختصة محاولة تسلل مجموعة إرهابية مسلحة إلى الأراضي السورية عبر الحدود التركية.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)