حزمة مهمة من أسرار سياسية لا تخلو من النكهة الشخصية، وجدت طريقها إلى شاشات إحدى القنوات التلفزيونية العراقية عبر برنامج يحمل عنوان «شهادات للتاريخ». البرنامج، الذي يعدّه ويقدمه الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور حميد عبد الله، بُثَّ خلال السنة الماضية، لكنه لم يصبح في متناول قطاع واسع من الجمهور العراقي إلا منذ فترة قصيرة، حين عمد مهتمون إلى إعادة بثه على شكل أجزاء على مواقع التواصل الاجتماعي كموقع «يوتيوب» والصحافة الإلكترونية.
الشيخ خلف العليان، الضابط الكبير في جيش النظام السابق، وشيخ عشيرة عربية سنية في محافظة الأنبار، كان «بطلاً» لعدة حلقات من البرنامج المذكور. الشيخ العليان تحدث في «شهاداته للتاريخ» بصفته رئيساً لـ«مجلس الحوار الوطني»، أحد المكونات السياسية الرئيسية لـ«جبهة التوافق» سابقاً، وكان صريحاً ولاذعاً في آن. من الأسرار والحيثيات الكثيرة التي أدلى بها في البرنامج المذكور، والتي توقف عندها المراقبون، نذكر الأمثلة التالية:
يروي الشيخ العليان أنه كان في الحج قبل أربع سنوات، حين بلغه أنّ زميله طارق الهاشمي، القيادي في الحزب الإسلامي وجبهة التوافق آنذاك، وقع على اتفاقية سياسية مع الزعيمين الكرديين مسعود البرزاني وجلال الطالباني سُمِّيَت «اتفاقية دوكان»، وأنه طلب من مرافقيه الانتظار حتى العودة والاطلاع على حيثيات الاتفاقية، فإن كانت الاتفاقية جيدة «سنصفق للهاشمي وإلا فسنقف ضده وضدها» على حد تعبيره. يضيف العليان أنه اطلع ومعه عدد من قياديي «مجلس الحوار»، بعد عودته من الحج، على تفاصيل اتفاقية «دوكان». وأنهم فوجئوا بأنّ الهاشمي اتفق مع البرزاني والطالباني على أمور خطيرة منها: تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم. الأول كردي تضاف إليه محافظة كركوك الغنية بالنفط، ومناطق أخرى يسميها الدستور الذي كتب في عهد الاحتلال «مناطق متنازع عليها». وتشكيل جيش كردي من ميليشيات البيشمركة يكون مؤلفاً من 12 فرقة مسلحة من قبل المركز بالطائرات والدبابات والمدفعية، على أن تكون قيادته كردية وتابعة لزعامة الإقليم، وأن تكون عقود النفط في المناطق الكردية، استخراجاً وتصديراً، بيد الأكراد وليس بغداد. هذا إلى جانب إقامة إقليم شيعي من تسع محافظات في الوسط والجنوب، وإقليم ثالث من المحافظات المتبقية وذات الغالبية العربية السنية تُناط زعامته بحزب طارق الهاشمي. يضيف العليان أنه ومَن معه، ثاروا ضدّ تلك الاتفاقية، ويبدو أنهم نجحوا بتحويلها إلى الأرشيف بعد إجهاضها سياسياً، فلم يُسْمَع عنها شيء لاحقاً. وردّاً على تقاربه وتأييده لرئيس الوزراء نوري المالكي في تلك السنة، وزيارته له في مكتبه، الأمر الذي أخذه عليه مقدم البرنامج بمفردات حادة، أجاب العليان مبرراً أنه زار المالكي بعدما لاحظ الجميع أنه «تغيّر سياسياً في الاتجاه الوطني المدافع عن وحدة العراق». ويمضي العليان قائلاً «في الوقت الذي اطلعنا فيه على تفاصيل اتفاقية دوكان بين الهاشمي والزعماء الأكراد، كان المالكي يقف ليعلن رفضه للأقاليم الاتحادية» الفيدرالية، وتأكيده أن العراق وطن واحد، وأن كركوك عراقية، وأن قوات البيشمركة «ميليشيات كردية» يجب أن تنسحب من المناطق المختلف عليها. ورغم أن المالكي كان في أضعف حالته آنذاك، «فهو قاد الجيش العراقي بنفسه، وقاتل الميليشيات الشيعية والسنية وجعلنا نستطيع المشي بطولنا بكامل قامتنا في العراق»، على حدّ تعبيره. العليان أضاف معلومة ستُحرج، كما يتوقّع مراقبون، نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك، مفادها أن المطلك كان معه عضواً في الوفد الذي زار المالكي في مكتبه، لكنه، بعدما انتهى اللقاء وخرجوا من المكتب وأحاط بهم الصحافيون والمصورون، حاول المطلك أن يختفي بين أعضاء الوفد بخفض قامته ثم تسلّل من الوفد بطريقة غريبة. محللون فسروا تصرُّف المطلك هذا بأنه لم يكن يريد أن تلتقط له صورة كعضو في الوفد الذي زار المالكي، وتسجَّل عليه كموقف في ما بعد.
وبخصوص المطلك أيضاً، يروي العليان أنه هو من جاء به ليكون عضواً في «مجلس الحوار الوطني» بعد تأسيس المجلس بسبعة أشهر، وأن عدداً من أعضاء المجلس لم يكونوا مرحّبين به ومنهم ابن عمه، وهو ضابط أيضاً في جيش النظام السابق وبرتبة عميد، حامد عبيد المطلك، الذي كان يقود آنذاك أحد فصائل المقاومة وهو «الجيش الوطني لتحرير العراق». لكن العليان كما قال، تمكن من إقناع الجميع بقبوله عضواً عادياً في «المجلس»، وبعدها حاول المطلك القيام باتصالات مع أعضاء آخرين بهدف تشكيل زعامة له. ويتابع روايته بأنه حين فشل في مسعاه، انشق هو وعدد من مؤيديه عن «مجلس الحوار»، وأسس كيانه السياسي الخاص وأطلق عليه «جبهة الحوار الوطني».
وعن الأجواء التي سبقت الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2010، يروي العليان أنّ «مجلس الحوار» حاول الدخول في ائتلاف مع «جبهة الحوار» بقيادة المطلك، فوافق الأخير ليس على التحالف بل على ما هو أكثر من ذلك، أي على الاندماج بين الطرفين ولكن بشرطين: الأول انسحاب «مجلس الحوار» الذي يقوده العليان من «جبهة التوافق»، ومهاجمة الهاشمي وحزبه في الإعلام، والثاني فك أي ارتباط بالمالكي ومهاجمته في الإعلام. هذان الشرطان، يواصل العليان روايته، كررهما اياد علاوي حين زاره العليان للتعزية بوفاة عمه بعد فترة. ويستأنف العليان قصته فيقول: فاجأني علاوي ونحن في مجلس العزاء بقوله إنه سجل علي بعض المآخذ، ويريد أن أتخلص منها قبل الدخول في أي تحالف أو ائتلاف، ثم كرر شرطَي المطلك حرفياً، وهما قطع العلاقة بالهاشمي وحزبه والمالكي وحزبه، وفضح الطرفين في الإعلام. العليان اعترف بأن رده كان قاسياً وحاداً على علاوي، إذ بدأ بتذكيره بأنه هو ومجلسه من يهاجم الهاشمي وحزبه منذ عدة أشهر، وهذا معروف ولا جديد فيه، أما المالكي، يضيف العليان، «فقد هاجمته أيضاً مراراً وتكراراً، ولم تنتقدوه أنتم أي انتقاد علني طوال سنوات. أما الآن، وحين ينتهج المالكي نهجاً وطنياً وتوحيدياً ومناوئاً للطائفية، فليس من الصحيح مهاجمته». يستمر العليان في إدلاء شهادته فيقول إنه اعتبر أمام الجميع أن دخول علاوي في ائتلاف معه ومع مجلس الحوار «يزيدكَ (علاوي) شرفاً لأننا وطنيون منذ الولادة وأنت عميل، وأنا لا أتهمك بذلك ولكنك قلت بلسانك لوسائل الإعلام: أنا تعاملت مع ستة عشرة مخابرات أجنبية، لهذا فوجودك معنا في أي ائتلاف يزيدنا مهانة ومذلة ووجودنا معك يزيدك شرفاً». ويتابع العليان في شهادته التلفزيونية تلك أنه قال لعلاوي «أنتَ ارتكبتَ جرمين كبيرين بحق العراق: الأول هو أنك، وبسبب خلاف شخصي بينك وبين صدام حسين، سعيت من أجل أن تحتل أميركا العراق وتدمّره. والجرم الثاني، هو أنك حين استلمت الحكم، وكنتَ أنت وجماعتك منفردين فيه، فغازي الياور كان رئيساً للجمهورية، وفلاح النقيب وزيراً للداخلية، وحازم الشعلان للدفاع، ومحمد الشهواني للاستخبارات، وهؤلاء كلهم من حلفائك وأصدقائك، ولم تكن هناك طائفية ولا مجازر ولكنك أتيت بكل هذا وتلهيت بقضايا جانبية حتى ضاع العراق».
(يمكن مشاهدة الأجزاء الثلاثة للمقابلة مع العليان على الوصلات التالية:
http://www.youtube.com/watch?v=wfm4i23W3pI&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=tOW1Ub6T5Ns&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=nTLBLYJw_tw&feature=related
في حلقة أخرى من البرنامج التلفزيوني نفسه، استضاف مقدمه نائب رئيس الوزراء السابق سلام الزوبعي، القيادي أيضاً في «جبهة التوافق» في حينها. الزوبعي فجَّر بدوره قنبلة سياسية من العيار الثقيل حين كشف أن «جبهة التوافق» قامت ببيع منصب وزير الدفاع الذي كان من حصتها في وزارة المالكي الأولى، إلى تاجرَين عراقيين يقيمان ويعملان في العاصمة الأردنية عمّان، وبدورهما أسنداه إلى عبد القادر العبيدي، وزير الدفاع السابق، مشيراً إلى أن التاجرين دفعا لجبهة التوافق مبلغ عشرة ملايين دولار لقاء ذلك المنصب. ويختم الزوبعي أنه «حين انسحبت جبهة التوافق من حكومة المالكي احتجاجاً، رفض العبيدي الانسحاب ومعه وزير التخطيط علي بابان، فكفّرتهما جبهة التوافق واعتبرتهما مرتدّين» (انظر الرابط التالي: http://www.youtube.com/watch?v=rbfuQddab-E).




تركيا تجمع سنّة وشيعة العراق في إسطنبول!


كشفت صحيفة «صباح» التركية، أمس، أنّ أنقرة بصدد إنجاز استعداداتها لاستضافة القيادات العراقية العربية الشيعية والسنية المتنازعة، وذلك مؤتمر مصالحة في شباط الجاري في اسطنبول «لاحتواء التدهور الطائفي والمذهبي» الذي يضرب العراق. وأشارت «صباح» إلى أن وزارة الخارجية التركية بدأت بالفعل استعداداتها اللوجستية والسياسية لإتمام المؤتمر، ولفتت إلى أن المرجع الشيعي علي السيستاني (الصورة) وافق على إرسال ممثلين عنه سيرأسون الوفد الشيعي، على أن يكتفي الأتراك، ممثلين برئيس «إدارة الشؤون الدينية» التركية، محمد غورميز، بإدارة الحوار. وأوضحت الصحيفة أن تركيا «تنوي إرساء آلية دائمة للحوار بين الشيعة والسنة، مع تأسيس منظمة إقليمية تُعنى بجمع كافة الأطياف في مجتمعات المنطقة».
(الأخبار)