القاهرة | صدمة وخيبة أمل عاشهما الشارع المصري صباح أول يوم للمأساة التي شهدتها البلاد عقب مباراة كرة القدم التي جمعت بين فريقي المصري والأهلي على استاد بورسعيد، وراح ضحيتها أكثر من 70 شخصاً. الصدمة من موقف الحكومة، التي لم يتقدم أي من أعضائها باستقالته رغم فجاعة الكارثة. أما خيبة الأمل فكانت بعد الجلسة الطارئة التي عقدها مجلس الشعب، بحضور رئيس الحكومة كمال الجنزوري وستة من وزرائه، والتي لم تسفر سوى عن ضم حادثة بورسعيد إلى جدول أعمال لجنة تقصي الحقائق التي تم تشكيلها بخصوص حقوق الشهداء والمصابين، فيما فشل إعلان المجلس العسكري حالة الحداد وتنكيس الأعلام ثلاثة أيام حداداً على الضحايا في امتصاص غضب الشارع.
الجلسة الطارئة لمجلس الشعب، التي عقدت صباح أمس بطلب من رئيس المجلس محمد سعد الكتاتني، بدأت بوقفة دقيقة حداد، وتلاوة الفاتحة على أرواح القتلى، الذين أحصتهم وزارة الصحة في آخر بيان لها أمس بـ71 قتيلاً، بينما أعلنت المستشفيات التي استقبلت القتلى في بورسعيد أن إجمالي من وصلها ما بين 74 أو 76 جثة، جميعهم نتيجة الأحداث.
الجنزوري ألقى بياناً في الجلسة حاول استعطاف النواب والتهرب من المسؤولية قائلاً: «بعض الفضائيات سألت أمس أين رئيس الوزراء؟ أقول لهم إنه لم يتمكن من خلع ملابسه منذ وقوع الأحداث حتى الآن»، قبل أن يضيف أنه أجرى اتصالات واسعة بقيادات المجلس العسكري، ووزارات الصحة والداخلية والنقل وصولاً إلى اتحاد الكرة «ليطمئن إلى أن من بقي حياً من الجماهير يعود للقاهرة سالماً».
وتقمص الجنزوري دور الناصح قائلاً للنواب: «لا وقت للاختلاف لأن ما يحاك لمصر أكبر من أن نختلف». وبلهجة حاول فيها إظهار تأثره، أضاف «وأنا جالس أسمعكم حاولت أن أجمع في ذاكرتي كلمات ألقيها إليكم لكنني لم أستطع، فتعبيري عن الحزن لا يكفي، وأعلمكم بعدد من القرارات اتخذتها بخصوص حادثة أمس كقبول استقالة محافظ بورسعيد، وإقالة مجلس ادارة اتحاد الكرة واحالتهم للتحقيق، وايقاف مدير أمن ومدير مباحث بورسعيد»، وهو ما استفز النواب الذين حمّلوه المسؤولية كاملة عن الأحداث.
النائب عن حزب الكرامة، سعد عبود، وقف صارخاً في وجه الجنزوري «أنت المسؤول عن هذه الحادثة»، قبل أن تضج القاعة بالصراخ، الأمر الذي أربك الجنزوري دافعاً إياه إلى استكمال خطابه بلهجة متوترة غاضبة قائلاً «أنا مستعد أن اقابل أي جهة للتحقيق معي، لأني أعرف أنني اتحمل المسؤولية السياسية»، قبل أن ينهي خطابه سريعاً متوجهاً إلى مقعده.
رئيس مجلس الشعب، بدوره، وصف ما حدث بـ«الليلة العصيبة» التي يقف وراءها تقصير واهمال المسؤولين، يصل لحد الإخلال بالواجب الوظيفي، من جانب الأمن الذي اكتفى بالوقوف الشرفي وغياب التنظيم. واعتبر الكتاتني أن «ثورتنا في خطر عظيم وانتم نواب الشعب لحراستها». وقبل بدء المناقشة، طلب الكتاتني وقف بث الجلسة على الهواء على التلفزيون، وهو ما أدى إلى ثورة بين الأعضاء، انتهت للاحتكام الى رأي المجلس ووافقت غالبيته على البث. واتضح بعد مداخلات النواب السبب الحقيقي وراء محاولة منع البث، بعدما وجه عدد من النواب نقداً شديداً إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وطالب النائب عصام سلطان بمساءلة المجلس العسكري طبقاً للمادة 56 و57 من الاعلان الدستوري، مؤكداً أنه ما دام اعضاء المجلس بعيدين عن المساءلة فسوف تتكرر هذه المجازر مجدداً. أما النائب محمد أبو حامد فطالب باسقاط حكم العسكر والتعجيل بانتخاب رئيس مدني والقضاء على فكرة الخروج الآمن، متهماً العسكر بتنفيذ الجريمة. وأضاف «بعد أسبوع من الهتاف ضد العسكر مات 70 أو 80 مواطناً، فما بالنا اذا انتظرنا لنهاية حزيران»، في إشارة إلى الموعد الذي حدده المجلس العسكري لتسليم السلطة إلى مدنيين.
وفي الختام، وافق المجلس على طلب للنائب عصام العريان، القيادي في حزب الحرية والعدالة، يتضمن توقيع 120 نائباً يتهمون فيها وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم بالتقصير والإهمال، وتقصيره في تطهير وزارة الداخلية وعدم وضع خطط لهيكلتها.
أما المجلس العسكري فأصدر رسالة جديدة حملت عنوان «اتقوا الله في مصر»، حاول فيها الدفاع عن نفسه من تهم تورطه في الأحداث، قائلاً «ذهب البعض الآخر بخياله إلى أن المجلس الأعلى يدبر هذه الأحداث حتى يعلن الأحكام العرفية ويبقى في السلطة، وللأسف انجرف بعض السياسيين والناشطين والإعلاميين خلف هذا الخيال ولهم نقول، لا عودة للوراء ولا تراجع عن طريق الديموقراطية واتقوا الله في مصر وجيشها وشعبها». وبعدما اتهم الثوار «بإهانته والتعدي على أفراده»، نصح الشعب بالتكاتف وعدم الاستماع إلى ما يقال «لنتصدى جميعاً لهذه الفئة الضالة في المجتمع التي تثير الفزع والرعب في قلوب المصريين بأعمال البلطجة».
أما على مستوى الشارع، فأعلنت قرابة 28 حركة وحزباً وائتلافاً الاعتصام في ميدان التحرير يومي الجمعة والسبت حداداً على أرواح شهداء مجزرة بورسعيد ووفاءً لهم. و«الخروج في تظاهرات (اليوم) الجمعة، رافعين شعار الحداد على أرواح شهداء المجزرة»، مطالبين بالقصاص لهم وإنهاء حكم العسكر وتسليم السلطة.
وأمس انطلقت عشرات المسيرات، شارك فيها آلاف من مشجعي الأهلي والزمالك، وشباب الحركات السياسية، بالإضافة إلى مسيرة نسائية من أمام النادي الأهلي في منطقة الجزيرة بالزمالك، وتعددت وجهات وصولها. وتوقف عدد من المشاركين فيها في ميدان التحرير، فيما توجهت مسيرات إلى مقربة من وزارة الداخلية، وأخرى توجهت إلى محيط مجلس الشعب، ومنع عدد من النواب من الخروج من المجلس مطالبين «بمحاسبة كافة المسؤولين عن الأحداث خاصة وزارة الداخلية». ولم تنحصر التظاهرات الغاضبة في العاصمة فقط بل امتدت إلى محافظات كالغربية وكفر الشيخ، والشرقية وعدد آخر من المحافظات.



انخفاض البورصة

أغلقت بورصة القاهرة على انخفاض بنسبة 2,22%، بارتفاع عن جلسة الصباح التي سجلت فيها خسارة بنسبة 4,6% غداة المواجهات الدامية في بور سعيد.
وبلغ المؤشر المرجعي لأسهم 30 شركة 4584,39 نقطة عند انتهاء التعامل، وذلك بعد أن سجّل المؤشر تراجعاً عند الافتتاح بـ4,688 نقاط.
(أ ف ب)

الملك الأردني يعزّي طنطاوي

بعث الملك الأردني عبد الله الثاني أمس برقية تعزية إلى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، المشير حسين طنطاوي، بضحايا مأساة بور سعيد، معرباً فيها عن «تضامنه مع الشعب المصري الشقيق لتجاوز آثار هذه الأحداث المؤسفة».
(يو بي آي)

الفيفا والاتحاد الأوروبي يطالبان بالتحقيق

أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» أمس أنه طلب الحصول على تقرير كامل عن تفاصيل أعمال الشغب في بور سعيد من أجل تقييم ما حدث.
بدورها، طالبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، بفتح «تحقيق مستقل» لتحديد ملابسات هذا الحادث المأساوي.
(يو بي آي، أ ف ب)

اعتزال لاعبين في الأهلي

قرر نادي الأهلي المصري «مقاطعة كل فرقه لأي أنشطة رياضية تقام في مدينة بور سعيد لمدة خمس سنوات»، مطالباً «بعدم الاكتفاء بإقالة محافظ بور سعيد ومدير أمنها، وبضرورة التحقيق معهما في مسؤوليتيهما السياسية والجنائية عمّا حدث لجماهير الأهلي». من جهته، عاد المدير الفني لنادي الأهلي، البرتغالي مانويل جوزيه، إلى بلاده، واعتذر عن عدم استمراره بعمله بعد المأساة، فيما ذكرت إحدى القنوات الفضائية المصرية أن 4 لاعبين، هم محمد أبو تريكة ومحمد بركات وشريف اكرامي وعماد متعب أعلنوا اعتزالهم «احتجاجاً على التقصير الأمني» .
(أ ف ب، رويترز)