دمشق | منذ بداية الاحتجاجات في سوريا كانت صفحة «الثورة السورية» الملتقى الأساسي للمعارضين في الداخل والخارج، والمنطلق في تسمية أيام الجمعة بشكل منفرد واعتمادها في شعارات التظاهرات. في المرحلة الأخيرة، بدأ يظهر اعتراض في صفوف المعارضة على الطريقة التي يتم فيها اختيار التسمية، فطرحت الصفحة عدة أسماء ويتم اختيار الاسم بحسب نسبة التصويت. لكن الأمور لم تتوقف هنا، فقد قامت الصفحة بحسب أحد المعارضين بطرح الأسماء في الشكل، ولكنها تقوم بتجهيز اسم وشعار يوم التظاهر ودفع المشاركين بالتصويت نحو خيار محدد تختاره بنفسها.
تحديد الاسم من جهة والإدارة التي تقوم بتوجيه هذه الصفحة أثار رد فعل، فالإدارة كما هو متعارف عليه مرتبطة بالمسؤول عنها، فداء السيد، من السويد وحركة الإخوان المسلمين، هذان الأمران دفعا شباباً من المعارضة إلى «العمل على تصحيح مسار الثورة كما يسمونها». فقد أنشئت صفحة تحت اسم «تسمية أيام الثورة في سوريا»، وفي تعريفها كتب «بسبب القمع الذي تمارسه صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» ارتأينا أن تقوم جهة مستقلة بالعمل من أجل أن تبقى الثورة هي ثورة الشعب السوري».
وكان هناك نقاش طويل بين المعارضين لهذه الصفحة والمؤيدين لعملها. المعارضون سجلوا أن هذه الطريقة «تعد خدمة للنظام» وطالبوا من لديه اعتراض على عمل صفحة «الثورة السورية» بأن يقدّم اقتراحه في التسمية على الصفحة، ويطالب بحقه في الاختيار، ولا يكون تصحيح الأداء بإنشاء صفحة مقابلة للأولى، أما المؤيدون فمنهم من جاء تأييدهم، حسب قولهم، لأن الصفحة أصبحت تحت سيطرة الإخوان المسلمين ويجب إعادة الثورة إلى الشعب، وليس بسيطرة فئة عليها، بالإضافة إلى أن معظم التسميات كانت من منطلق عاطفي غير مدروس.
في موقع «مدونون لأجل سوريا»، تم شرح كيفية اختيار اسم «جمعة معتقلي الثورة»، وأشار إلى أن الصفحة اختارت طرح اسم «تدويل الملف السوري»، فطرح ناشطون من المعترضين على عمل الصفحة اسم «جمعة معتقلي الثورة»، انطلاقاً من دعم المعتقلين في السجون منذ اندلاع الأحداث، وقد عبر الداعمون لهذه التسمية أنها «نظرة توافقية تعبر عن اكبر شريحة من الشعب السوري..». وفي منتصف ليل الأربعاء، يوم انتهاء التصويت الذي تحدده الصفحة على فايسبوك، تم حصد 12500 صوت داعم لهذه التسمية. يتابع الموقع شرحه لما حصل من بعد اعتماد هذه التسمية، فقد أطلقت اللوغو ومكتوب عليه «جمعة معتقلي الثورة» وكتب في أسفلها «ويبقى التدويل مطلبنا»، هذا ما أثار رد فعل منتقداً هذا التصرف، ما دفع الإدارة إلى حذف السطر الأخير والإبقاء على الاسم العام.
السجال الذي دار حول التسمية أثار اعتراض الكثير من الناشطين، الذين رأوا أن الأمور بدأت تدخل في دهاليز جانبية بعيدة عن الهدف الحقيقي للحراك، متهمين بشكل غير مباشر من يريد الاستفادة من الأوضاع وتجييرها لصالحه، سواء عبر التسميات أو الشعارات. وأشاروا إلى أن مثل هذه السجالات تحرف الحراك عن أهدافه الرئيسة.
الأمر نفسه حدث الأسبوع الماضي، بعدما كانت المنافسة بين تسميتي «الدولة المدنية» و«الدفاع عن النفس»، التصويت الأولي كان باتجاه اختيار هاتين التسميتين، ووقع الاختيار في النهاية على تسمية «الدفاع عن النفس». ولم يخف بعض الشباب، على الرغم من قبولهم بنتائج التصويت، استمرار دعمهم لاسم الدولة المدنية لأنه أكثر من مجرد شعار يرفع، بقدر ما هو توجه وهدف يجب أن يحدده الحراك المعارض.
وقدّم خالد الحاج صالح، الباحث في مركز الإحصاء والبحوث في هيئة التأمين الهولندية، دراسة عن كيفية التصويت في الأسبوع الفائت معتمداً على معايير وأدوات محددة وخاصة في طريقة الإحصاء، ومن الملاحظ تضمين البحث أن هناك مشاركين موالين للنظام في التصويت على الصفحة من خلال عودة الباحث إلى صفحاتهم الشخصية، وهم شكلوا 28% من المشاركين في التصويت. وأوصى الباحث، في دراسته، «القائمين على التصويت بترك طريقة التصويت كما هي، ولكن مع كل تصويت إجراء دراسة إحصائية مشابهه لإدراك عامل التصحيح، ونشره مع النتيجة النهائية المصححة، وليس القبول بما تم على الفايسبوك مباشرة».
ما يريده المعارضين من طرح فكرة التسمية هو وجه من وجوه التحديات الذي يسمونها «ضرورة صيانة الثورة»، فمن التحديات المطروحة عدم سيطرة فئة معينة والاستثمار للوصول إلى أهداف سياسية خاصة. منذ أسبوعين تظهر هذه المشكلة حيث تم طرح العلم السوري القديم الذي ترفعه إحدى التنسيقيات ومكتوب عليه شعار ديني، وتدعو إلى المشاركة في إبداء الرأي حول إمكانية اعتماده، وتبادل المشاركين في النقاش بين مؤيد ومعارض لهذا العلم.