تونس | قرّرت الحكومة التونسية المؤقتة، أول من أمس، قطع علاقتها مع النظام السوري، وطرد السفير السوري من العاصمة تونس، في خطوة اعتبرتها أحزاب وشخصيات سياسية تونسية مفاجئة ولا تستجيب للأعراف الدبلوماسية بين الدول العربية. وقد أعلن الرئيس التونسي المؤقّت، المنصف المرزوقي، تعليق كل علاقة مع سوريا، والشروع في اتخاذ الإجراءات لطرد السفير السوري، بحجة تزايد عدد القتلى في المدن السورية في الأسبوع الأخير، وفي حمص تحديداً. وطالب المرزوقي، في الوقت نفسه، جامعة الدول العربية والدول العربية الأعضاء في مجلس الأمن الدولي «بالتصدي لمناورات المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، ومحاولته المماطلة في اتخاذ القرار الأممي الذي يدين القمع السوري». قرار طرد السفير أكّده رئيس الحكومة حمادي الجبالي، وأضاف عليه مطالبة المجتمع الدولي «بقطع علاقاته الدبلوماسية بالنظام السوري»، وحث الأمم المتحدة على «مراجعة آلية حق النقض (الفيتو)». وبذلك، تكون تونس الدولة الثانية، بعد ليبيا، التي تطرد السفير السوري من أراضيها. بدوره، أوضح وزير الخارجية التونسي، رفيق عبد السلام، لـ«الأخبار»، أن قرار طرد السفير السوري كان نتيجة للتشاور بين رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الخارجية، «ويأتي في أعقاب تواصل أعمال العنف والقتل في حق الشعب السوري لغايات غير مبررة». وكشف عبد السلام أنه طُلب بالفعل من السفير السوري ومن طاقم البعثة الدبلوماسية السورية مغادرة الأراضي التونسية «في أقرب وقت»، مشيراً إلى أن هذا الإجراء «ينسجم مع جهود الجامعة العربية وقراراتها حول الانتقال الديموقراطي في سوريا». وحول ما إذا كانت هناك خطوة مقبلة تقضي بالاعتراف بـ«المجلس الوطني السوري» المعارض ممثلاً شرعياً للشعب السوري، أجاب وزير الخارجية أن هذه المسألة «قيد الدرس والنظر حالياً». وقد استنكرت نخب تونسية قرار طرد السفير السوري وقطع العلاقة مع دمشق، ورأت أنها «مرتجلة وغير مدروسة وتدخل في خانة الضغط الأميركي على سوريا». وقالت أمينة الحزب الديموقراطي التقدمي، مي الجريبي، في بيان، إن خطوة الرئاسة التونسية «تتزامن مع سعي العديد من الأطراف إلى تدويل القضية السورية والتسريع بالتدخل العسكري الأجنبي». كما انتقدت «حركة التجديد» بشدة قرار طرد السفير السوري من تونس، ولمحت إلى أن «أطرافاً عربية وخليجية بالخصوص مدعومة من بعض الدول الغربية» تقف خلفه. موقف مشابه صدر عن الأمين العام لحزب الاتحاد الديموقراطي الوحدوي أحمد الاينوبلي، الذي رأى أن هذه الخطوة «تمثل إعلاناً مكشوفاً من الحكومة التونسية بانخراطها في المشروع الاستعماري الجديد الساعي إلى إعادة تقسيم الشرق الأوسط». وفي السياق، رأى الكاتب العام السابق لوزارة الخارجية عبد الله العبيدي في حديث إلى «الأخبار» أن القرار التونسي «يؤثر مباشرة على المصالح الجيو استراتيجية لتونس، وخصوصاً أنه جاء من دون تنسيق مع دول الجوار المغاربي كالجزائر والمغرب، ويأتي بعد ضغوط مورست على السلطة الجديدة من الخارج». وتابع العبيدي إنّ هذا القرار «يعرّض صدقية تونس في محيطها الاستراتيجي للشك، وخاصة أن هذا القرار لم يأتِ بعد استشارة معمّقة للإطارات الموجودة في وزارة الخارجية».