القاهرة | ثوار في الميدان، ومؤذِّن في البرلمان. مشهدان اجتمعا داخل مجلس الشعب، حيث وقف النائب السلفي ممدوح اسماعيل ليؤذِّن في النواب لصلاة العصر، في سابقة هي الأولى من نوعها، الأمر الذي خلق حالة من الهرج داخل القاعة، ونتجت منه مشادة بين النائب المذكور ورئيس المجلس، «الاخواني»، سعد الكتاتني، الذي قال له «لا تزايد علينا فأنتَ لست أكثر اسلاماً منّا ولا أحرَص على الصلاة، لكن هذا المكان هو للمناقشة وليس للأذان». ورفض الكتاتني السماح لإسماعيل بالرد عليه، واستكمل توبيخه بـ«أنت محامٍ مشهور، فهل تحتاج إلى استعراض اعلامي؟ مَن تخاطب يا رجل بهذا الفعل؟». سجال انتهى بخروج اسماعيل من القاعة غاضباً وهو يصرخ «اتقِ الله يا كتاتني، أنا لم أزايد على أحد». وبعد هذه الحادثة، واصل المجلس مناقشاته حول أحداث العنف التي تجري في محيط وزارة الداخلية وسط القاهرة، واستمع الأعضاء إلى بيان لجنة تقصي الحقائق التي شكلها البرلمان للتحقيق في ما أثاره عدد من النواب من استخدام وزارة الداخلية الخرطوش ضد المتظاهرين. وحمّل التقرير وزير الداخلية مسؤولية قتل وإصابة العشرات أمام الوزارة ومديريات الأمن في محافظات مختلفة خلال الأيام الماضية، وطالبت اللجنة بأن تتّخذ «الإجراءات اللازمة لسحب الثقة من الوزير». وناشدت اللجنة المتظاهرين العودة إلى ميدان التحرير والالتزام بسلمية التظاهر.
بدوره، دافع وزير الداخلية محمد ابراهيم عن قواته، وأكد في بيان أمام البرلمان أن «ضباط الشرطة لم يستخدموا سوى قنابل الغاز المسيل للدموع، ولم تطلق طلقة خرطوش واحدة منذ بداية الأحداث». لكنه ترك الباب مفتوحاً أمام الاتهامات، عندما أشار إلى أن «مَن يثبت استخدامه الخرطوش فسيحاسَب». وتابع ابراهيم أنّ قواته «تؤمّن فقط المنشآت وأقامت حواجز أمنية واسمنتية لمنع وصول المتظاهرين إلى تلك المنشآت». واتهم الوزير المتظاهرين باستخدام العنف مع رجال الأمن، بالاضافة إلى أسلحة الخرطوش وقنابل المولوتوف. وتحدث عن وجود مخطط للهجوم على المؤسسات الأمنية بدليل «الاصابات العديدة في صفوف قوات الأمن التي وصلت إلى 273مصاباً، بينهم مصاب بالخرطوش» على حد تعبيره.
وهاجم النواب بيان الوزير، وحمّلوه المسؤولية عن استخدام الخرطوش سواء من قبل قوات الأمن أو المتظاهرين. وفي السياق، قال النائب عمرو الشوبكي إن أي تظاهره تعبّر عن مطلب ما، «ومن حق أي شخص أن يتظاهر ما دام لا يتعرض للمنشآت العامة». أما النائب عصام سلطان، فرأى أن «من الواضح أن الوزير لا يعرف ما يدور داخل وزارته». في المقابل، اتهم النائب زياد العليمي، المجلس العسكري الحاكم بإثارة الفوضى على قاعدة أن «من مصلحة المجلس العسكري أن تنتشر الفوضى حتى يستمر في منصبه».
بدورها، أعلنت وزارة الصحة عن ارتفاع عدد حالات الوفيات في أحداث وزارة الداخلية وأحداث محافظة السويس إلى 15 حالة، بعدما توفي أمس شخصان جديدان نتيجة الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين «أحدهم نتيجة إصابته بطلق خرطوش».
وسادت حالة من الهدوء الحذر ميدان التحرير أمس، بعد توقف قوات الأمن عن التحرش بالمتظاهرين، الأمر الذي فسره عدد من المراقبين بأن وزير الداخلية طلب وقف الاشتباكات حتى لا يتعرض لموقف محرج في البرلمان، وسط تصاعد الدعوات للبدء بإضراب عام وعصيان مدني في 11 شباط الجاري بمناسبة ذكرى خلع حسني مبارك. وعن هذا الموضوع، أكدت معظم الاتحادات الطلابية والمواقع العمالية و«الاتحاد المصري للنقابات المستقلة» فضلاً عن عدد من الحركات السياسية، مشاركتها في الإضراب المفتوح حتى تسليم السلطة إلى مدنيين.