القاهرة | من دون توضيح الأسباب، وبصورة فجائية، ألغي المؤتمر الصحافي الذي كان مقرراً أن يعقده رئيس الوزراء، وزير خارجية قطر، حمد بن جاسم آل جبر، والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، في ختام اجتماعات مجلس الجامعة العربية المتعلقة بسوريا في القاهرة، غير أن مصادر أشارت إلى أن قرار الإلغاء جاء بسبب شعور المسؤولين العربيين بالإجهاد الشديد نظراً إلى مشاركتهما في أربعة اجتماعات متتالية. وقررت الجامعة العربية، في ختام اجتماعها الوزاري في القاهرة، إنهاء عمل بعثة المراقبين العرب الحالية ودعوة مجلس الأمن الى إصدار قرار بتشكيل «قوات حفظ سلام عربية أممية مشتركة»، للإشراف على تنفيذ وقف لإطلاق النار في سوريا. وقالت الجامعة في بيانها الختامي إنها قررت «دعوة مجلس الأمن إلى إصدار قرار بتشكيل قوات حفظ سلام عربية أممية مشتركة للإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار» في سوريا. كما جاء في البيان الختامي أن الجامعة قررت «فتح قنوات اتصال مع المعارضة السورية وتوفير كل أشكال الدعم السياسي والمادي لها، ودعوتها إلى توحيد صفوفها والدخول في حوار جاد يحفظ لها تماسكها وفعاليتها».
ولم يتأخر الرد السوري، إذ أعلن السفير السوري في مصر ولدى الجامعة العربية، يوسف أحمد، في بيان بعد أقل من ساعة على انتهاء الاجتماع، أن سوريا «ترفض قرار جامعة الدول العربية الصادر اليوم جملة وتفصيلاً، وهي قد أكدت منذ البداية أنها غير معنيّة بأي قرار يصدر عن جامعة الدول العربية في غيابها». ورأى أن قرارات المجلس الوزاري العربي الأحد «تعكس بشكلٍ فاضح حقيقة اختطاف العمل العربي المشترك وقرارات الجامعة وتزييف الإرادة العربية الجماعية من قبل حكومات دول عربية تتزعمها كل من قطر والسعودية».
وكشفت مصادر شاركت في الاجتماعات أن القرارات الصادرة عنها واجهت انتقادات داخل مجلس الجامعة العربية، على اعتبار أن هذه القرارات تمت صياغتها داخل اجتماع مجلس التعاون الخليجي، الذي عقد صباح يوم أمس. وأوضحت المصادر أن القرارات التي أعدها مجلس التعاون الخليجي في اجتماعه كانت تنص على الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي، لكنه قوبل بالرفض من عدد من الدول باعتبار ذلك قراراً سيادياً، ومن شأنه استعداء النظام السوري، ودفعه إلى رفض التعاون مع مبادرات الجامعة العربية ويعطيه المبرر لذلك باعتبار أن ذلك يمثل انحيازاً لجانب دون آخر. وأشارت المصادر إلى أن الأمر نفسه انسحب على المطالبه بسحب السفراء العرب من دمشق وطرد سفراء سوريا من البلدان العربية، باعتباره أمراً سيادياً خالصاً.
وسادت حالة من اللغط لعدم صدور بيان ختامي عن اجتماع مجلس الجامعة، والاكتفاء بصدور البيان معنوناً بأنه «مشروع بيان»، بالنظر إلى ما رشح عن عدم حصول إجماع عربي على القرارات الواردة في البيان. وكشف دبلوماسيون عرب أن لبنان سجّل تحفّظاً على القرارات الواردة في البيان، وأن الجزائر تحفّظت على بندين في البيان، هما «الدعوة لتشكيل قوة حفظ سلام عربية أممية مشتركة وإيفادها إلى سوريا»، و«دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى عقد اجتماع لبحث الأزمة السورية».
وجاء أيضاً في البيان أن الجامعة قررت «إنهاء مهمة بعثة مراقبي الجامعة العربية المشكّلة بموجب البروتوكول الموقّع عليه بين الحكومة السورية والأمانة العامة للجامعة بتاريخ التاسع عشر من كانون الأول 2011»، وذلك بعدما كان رئيس فريق المراقبين أحمد الدابي قد قدم استقالته، التي قبلتها الجامعة. وقررت الجامعة «وقف جميع أشكال التعاون الدبلوماسي مع ممثلي النظام السوري في الدول والهيئات الدولية ودعوة كل الدول الحريصة على أرواح الشعب السوري الى مواكبة الإجراءات العربية في هذا الشأن». وأكدت كذلك «سريان إجراءات المقاطعة الاقتصادية ووقف التعاملات التجارية مع النظام السوري، ما عدا تلك التي لها مساس مباشر بالمواطنين السوريين بموجب القرارات الصادرة عن مجلس الجامعة حيال هذه المسألة».
وأكدت الجامعة أيضاً التزامها «بالتنفيذ الكامل لكل قرارات مجلس الجامعة بشأن خطة خريطة الحل السلمي للأزمة السورية وحثّ الحكومة السورية على الوفاء باستحقاقاتها والتجاوب الجدي السريع مع الجهود العربية لإيجاد مخرج سلمي للأزمة في سوريا، الأمر الذي يجنبها مغبة التدخل العسكري كما شدّد المجلس على ذلك مراراً».
واعتبر البيان الختامي ايضاً ان «استخدام العنف ضد المدنيين السوريين بهذه القسوة البالغة بما في ذلك استهداف النساء والأطفال يقع تحت طائلة القانون الجنائي الدولي ويستوجب معاقبة مرتكبيه».
بدوره، قال وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور، في مداخلة له أمام مؤتمر وزراء الخارجية العرب، «كنا نلاحظ منذ بداية الأحداث، وقلنا ذلك أكثر من مناسبة، أن القرارات كانت تحمّل المسؤولية لطرف واحد وتغضّ النظر عن الأطراف المعارضة الأخرى التي تملك السلاح وتقوم بعمليات عسكرية تعترف بها علناً، وخصوصاً أن هناك سلاحاً بكميات كبيرة يتدفق إلى الداخل السوري».
وسأل منصور المجتمعين: «لنقل بصراحة ما الذي نريده فعلاً من سوريا؟ هل نريد تغيير النظام أم نريد حلاً سياسياً؟ إن هذا القرار الصادر يشدد العقوبات الاقتصادية على سوريا، فهل هذه العقوبات تفيد بشيء أم ذلك سيؤثر على الشعب السوري؟ كذلك يشير القرار إلى الدعم السياسي والمادي للمعارضة، فهل هذا سيجلب الاستقرار لسوريا؟».
إلى ذلك، أعلن رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري، أنه تقرر عقد «المؤتمر الدولي لأصدقاء سوريا» في تونس في 24 شباط الجاري. وقال، في تصريح مقتضب، إن «اقتراح عقد المؤتمر لقي ترحيباً كبيراً».