أكدت دمشق أمس أنها مصمّمة على «تحقيق الأمن والسلام» رغم قرار للجامعة العربية التي دعت مجلس الأمن إلى إنشاء قوات مشتركة من الجامعة العربية والأمم المتحدة للإشراف على تنفيذ وقف لإطلاق النار. وأعلنت المفوضة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي أن القوات السورية ارتكبت «على الأرجح» جرائم ضد الإنسانية خلال قمعها للحركة الاحتجاجية في سوريا. وقالت بيلاي، في كلمتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، إن «إخفاق مجلس الأمن في التوافق على تحرك مشترك وحازم شجّع النظام السوري على شن هجوم شامل (على حمص) في مسعى لسحق المعارضين بالقوة القصوى». وقالت إن «أكثر من 300 شخص قتلوا في مدينة حمص منذ بدء الهجوم على هذه المدينة قبل عشرة أيام، غالبيتهم نتيجة القصف». وردّ الجعفري على كلام بيلاي، مشيراً إلى أن المفوضة السامية استندت إلى تقارير وليس إلى نتائج على الأرض، من خلال زيارات وحوارات وتعاون مع اللجنة الوطنية التي أنشأتها الحكومة السورية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان». وذكّر الجعفري بدور تنظيم القاعدة في العنف الذي يدور في سوريا، مشيراً إلى تصريح زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في هذا الخصوص. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن طلب الجامعة العربية إرسال قوات حفظ سلام عربية أممية مشتركة للمراقبة إلى سوريا، يحتاج إلى موافقة من مجلس الأمن.
ومن المقرر أن تعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعاً اليوم، مخصصاً لبحث الوضع في سوريا. واعترض السفير السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري على قانونية عقد هذه الجلسة. وقال «يبدو واضحاً أن رئيس الجمعية العامة (القطري ناصر عبد العزيز النصر) قد انطلق من تنظيمه لهذا الاجتماع من خلفية سياسية. إلا أن رئيس الجمعية العامة قرر المضي في عقد الجلسة لعدم اعتراض الدول الأعضاء».
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر مسؤول، لم تسمّه، أن قرار الجامعة العربية «وغيره لن (يثنيا) الحكومة السورية عن متابعة مسؤولياتها في حماية مواطنيها وتحقيق الأمن والاستقرار لشعبها».
وأكد وزير الإعلام الدكتور عدنان محمود خلال لقائه وفد المفكرين والأكاديميين والكتّاب الروس أن المواقف الروسية الداعمة لسورية وموقفها الأخير فى مجلس الأمن إلى جانب الصين تؤسس لبناء نظام عالمي جديد يقوم على التوازن والعدل ويتكرس فيه دور روسيا في حفظ مبادئ القانون الدولي.
ووصف محمود قرار الجامعة العربية الأخير بأنه قرار عدائي ضد سوريا وشعبها، جاء استجابةً للإملاءات الغربية والأميركية وتنفيذاً لمخططها باستهدافها، مؤكداً أن ما نشهده اليوم من ممارسات بعض الدول العربية، ولا سيما السعودية وقطر، يفضح تحالف هذه الدول مع الإرهاب والقوى الظلامية والمجموعات المسلحة التي ترتكب أفظع الجرائم بحق الشعب السوري.
وصرّح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس قائلاً «ندرس المبادرة العربية وننتظر من أصدقائنا في الدول العربية توضيح بعض النقاط. لنشر قوة لحفظ السلام يجب الحصول على موافقة الطرف الذي يستقبلها». وأضاف «نحتاج إلى شيء يشبه وقفاً لإطلاق النار، لكن المأساة أن الجماعات المسلحة التي تواجه قوات النظام لا تتبع لأحد ولا تخضع للسيطرة». وقال إنه يجب على معارضي الأسد التوقف عن المطالبة برحيله والموافقة على إجراء حوار سياسي يقوده من الجانب الحكومي نائب الرئيس فاروق الشرع. وأضاف أن الأسد أبلغ الوفد الروسي أن الشرع يمتلك الصلاحيات الكاملة لإجراء حوار مع المعارضين. وقال لافروف «أعتقد أنه سيكون من الضروري الاستفادة من هذا التحرك.. قد لا يكون تحرّكاً كبيراً، لكنه مع ذلك يتيح فرصة لبدء مثل هذا الحوار. الآن الكرة في ملعب المعارضة».
ونقلت وسائل الإعلام الروسية عن وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان قوله، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، إن «الإمارات مستعدة لاستئناف الاتصال مع القيادة السورية في حال وقف العنف في البلاد».
من جهتها، دعت الصين مجدداً، أمس، إلى وقف أعمال العنف في سوريا عبر «الحوار» و«الوساطة السياسية»، وامتنعت عن تأييد الدعم المادي الذي تريد الجامعة العربية تقديمه للمعارضة السورية وإنشاء قوة دولية عربية.
بدوره، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يدعم مبادرة الجامعة العربية، بينما قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن لندن «ستناقش على نحو عاجل» مع شركائها الاقتراح. وقال الوزير البريطاني، في مؤتمر صحافي خلال زيارة لجنوب أفريقيا، «لا أعتقد أن مشاركة غربية ميدانية، بما في ذلك في إطار قوة سلام، طريق صائب في سوريا». وأضاف «لكن بالتأكيد إذا كانت هذه الفكرة قابلة للتطبيق، فسندعمها بكل الطرق المعهودة». كذلك رحّبت ألمانيا بالدور «المهم جداً» الذي تمارسه الجامعة العربية بهدف «تسوية الأزمة السورية».
بدوره، حذر وزير الخارجية الفرنسي، ألان جوبيه، من «أي تدخل عسكري خارجي» بعد اقتراح الجامعة العربية. ورداً على سؤال، خلال مؤتمر صحافي بشأن احتمال إرسال فرنسا قبعات زرق إلى سوريا، قال «نعتقد اليوم أن أي تدخل عسكري خارجي سيسهم في تفاقم الوضع، ما دام لا يوجد بعد قرار من مجلس الأمن الذي يعدّ الهيئة الوحيدة المخوّلة إجازة أي تدخل عسكري».
من جهته، قال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، إنه على الرغم من سحب السفير الفرنسي في دمشق «من غير المطروح في هذه المرحلة إغلاق سفارتنا في دمشق التي تضطلع بدور مهم في السياق الحالي. لقد أوقفنا التعاون مع النظام، ولكننا نواصل الحوار مع المجتمع المدني».
وعبّرت إيطاليا عن دعمها الواضح لإرسال «قوة لحفظ السلام مشتركة من الجامعة العربية والأمم المتحدة» إلى سوريا، كما قال وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرزي. وفي ختام زيارته للجزائر، قال الرئيس التونسي المنصف المرزوقي إن «هناك توافقاً تاماً في الرؤى (بين البلدين) بشأن القضية السورية، الرئيس (عبد العزيز) بوتفليقة متألم جداً ممّا يحدث في سوريا، ووجدت لديه تعاطفاً كبيراً مع الشعب السوري».
(الأخبار، سانا، رويترز،
أ ف ب، يو بي آي)