استبعدت صحيفة «هآرتس» ان تقدم اسرائيل على القيام برد، في اعقاب محاولة التفجير التي طاولت دبلوماسييها في الهند وجورجيا، وشددت على ان «قواعد اللعبة لا تزال مضبوطة، على الرغم من أن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان توعد في أعقاب العمليتين بأن إسرائيل لن تمر مرور الكرام عليهما»، مشيرة الى أنه «يبدو أنه لا ينبغي التخوف من اشتعال المنطقة بسبب أحداث أمس». ورأت أن «الإيرانيين، من جهتهم، يلعبون وفقاً للقواعد غير المكتوبة لنفس اللعبة التي كانت إسرائيل هي البادئة بها، وحتى أن أسلوب الاعتداء الذي وقع في العاصمة الهندية، كان تقليداً دقيقاً للغاية، لعمليات اغتيال طاولت العلماء النوويين في طهران».
مع ذلك، حذرت الصحيفة من أن «اسرائيل أوضحت في عدة مناسبات من أنها قد ترد بشدة بهجوم شامل في لبنان على اعتداء ينفذه حزب الله ضد هدف إسرائيلي في العالم، ولأنه يبدو أن إيران لا تبحث الآن عن مواجهة واسعة، في الوقت الراهن، فإنه يوجد فرق بين اعتداء ضد دبلوماسي أو عامل في السفارة وبين محاولة إسقاط طائرة ركاب أو التسبب بانهيار سفارة».
وكتب آفي يسسخروف، في «هآرتس»، أن محاولات حزب الله المتكررة على امتداد أربعة أعوام، للثأر لمقتل مغنية، فشلت بمعظمها بسبب إحباطها من قبل أجهزة الاستخبارات في إسرائيل والعالم، ويجب القول إن محاولة تنفيذ عمليتين بشكل متزامن في الهند وجورجيا، من شأنهما ان تشيرا الى دقة وقدرات كبيرة، رغم فشلهما في تحقيق اهدافهما. وبحسب يسسخروف، فإن الضرر من العمليتين كان محدوداً، لكن المتوقع هو ان تتواصل المحاولات. وأضاف «لا يُستبعد أن تعزز الإخفاقات الاخيرة حافزية حزب الله على الاستمرار والإثبات أنه لم ينس رئيس اركانه عماد مغنية». واشار الى انه «في هذا الإطار يمكن فهم الكلام المفاجئ لـ(الامين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله الأسبوع الماضي، الذي قال لجمهوره إن إيران لا تعطي أوامر لحزبه، اذ يمكن التقدير بأنه كان يعلم بالعمليات المزمع تنفيذها، ولذلك لمّح أمام جمهوره بما يحاول أن يسوقه منذ فترة طويلة، وهو أن حزب الله يعمل بشكل مستقل عن إيران».
وتحت عنوان «الخشية من ان تكون البداية»، كتب ايلي بردنشتاين، في صحيفة «معاريف»، معلقاً على تفجيري نيودلهي وتبيليسي، أول من امس، مشيراً الى أن «العمليتين، اللتين لم تكونا ناجحتين كما توقع المنفذون، الا انهما رسالة واضحة لاسرائيل، بأن الانتقام والثأر رداً على اغتيال (القائد العسكري لحزب الله) عماد مغنية، اضافة الى الرد على الخبراء النوويين الايرانيين، آت لا محالة». واضاف أن «العمليتين، تأتيان في سياق الحرب السرية بعيداً عن حدود اسرائيل، بين اجهزة الامن الاسرائيلية، والحرس الثوري الايراني، بمشاركة من حزب الله».
من جهته، أكد يؤاف ليمور، في مقالة في صحيفة «اسرائيل اليوم»، أن «الفرضية التي سادت امس في اعقاب الاعتداءين، هي ان الاعتداءات الارهابية ضد الاهداف الاسرائيلية لم تنته، بل ان ما حدث في الهند وجورجيا، هو جزء من الجهود الواسعة المبذولة اخيراً، والعابرة للقارات والمتشعبة الأبعاد، بهدف منح حزب الله وإيران إنجازاً ثلاثياً: انتقام جزئي ومتأخر رداً على اغتيال عماد مغنية، وانتقام صغير وغير متناسب رداً على اغتيال العلماء النووين في ايران، اضافة الى ردع اسرائيل».
اضاف ليمور أن «العمليتين، قد تكونان لبتا رغبات طهران وبيروت، لكنهما لم تكونا متناسبتين مع سلسلة الاغتيالات المنسوبة لاسرائيل، الامر الذي يعني ان الاعتداءات ضدها ستتواصل، وستعمل الاجهزة الخاصة بحزب الله للبحث عن أهداف لضربها»، مشيراً الى انه «يكفي النظر إلى خريطة محاولات الاعتداء التي نفذت في السنوات الأخيرة، كي نعاين مستوى الجرأة ومن قوة انتشار إيران وأتباعها، من تايلاند إلى جورجيا، من أذربيجان إلى الهند، ومن تركيا وإلى عمق الغابات الواقعة في أميركا الجنوبية».
وتابع ليمور يقول انه «إذا تم ايقاف موجة الاعتداءات على اسرائيل، والعودة الى حالة التهدئة، فإن الغليان سيبقى قائماً تحت سطح الارض، لأن الحرب السرية القائمة ضد المشروع النووي الإيراني، والمنسوبة لإسرائيل، تحتم العمل على اتخاذ خطوات وقائية وحماية كبيرة، ولهذا السبب وجه رئيس الحكومة ووزير الخارجية، الاتهام الفوري لايران، لأن المؤشرات تشير اليها». واضاف «حتى لو كان هذا الكلام قد قيل بلا أدلة، الا أن الهدف واضح وهو التركيز على إيران، الأمر الذي من شأنه أن يشعل النار، وهو ما يدركه رئيس هيئة الاركان، بني غانتس، الذي ينهي عامه الاول في المنصب، وهو يعلم بأن الشر سيأتي من الشمال».
وكتب محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت احرونوت»، رون بن يشاي، ان «التفجيرين، ورغم انهما لم ينجحا ولم يحققا اهدافهما كما اراد المنفذون، لكنهما يدلان في المقابل، على اهمال من جانب الاجهزة الامنية الاسرائيلية، وعلى لا مبالاة في اجراءات الحماية المتبعة من قبلها».
محلل الشؤون السياسية في القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي، اودي سيغل، اشار الى ان مسارعة رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى اتهام ايران بالتفجيرين، تشير الى ان تل ابيب ترى أن الايرانيين مصرون وجديون في توجيه ضربة الى اسرائيل، رداً على اغتيال العلماء النوويين الايرانيين، وقال ان «اسراع رئيس الحكومة باتهام ايران بعد دقائق فقط من وقوع التفجيرين في الهند وجورجيا، يوحي بأن الحرب الصامتة التي دارت طويلاً بين الجانبين، لم تعد صامتة وباتت صاخبة، وما تخشاه اسرائيل في هذه المرحلة، هو أن تكون العمليتان مجرد بداية لموجة عالمية من الاعتداءات تطاول الاهداف الاسرائيلية في الخارج».
اما محلل الشؤون العسكرية في القناة نفسها، روني دانيئيل، فأشار الى ان التفجيرين ليسا في اطار الرد على اغتيال مغنية، اذ ان حزب الله يبحث طوال الوقت عن هدف يتناسب مع حجم مسؤوله العسكري، اي عن اهداف اسرائيلية مدوية، وقال ان «التفجيرين الصغيرين لا يتناسبان مع القوة والهيبة التي يتمتع بهما حزب الله، لذا فإن الرد الموعود سيكون اكبر بكثير مما يظنه الاسرائيليون، خصوصاً ان الرد يتعلق بشخص كبير جداً، كعماد مغنية».