أعرب المسؤولون الاسرائيليون عن انزعاجهم الشديد، من التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الأميركيون المحذرة من تداعيات ضربة عسكرية اسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية ومن التقارير الإعلامية التي تناولت في الفترة الأخيرة إمكانية أن تبادر تل أبيب إلى خطوة كهذه. وعبّر كل من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك، أمام مستشار الأمن القومي الاميركي، طوم دونيلون الذي زار اسرائيل في اليومين الأخيرين، عن قلقهما مما قد يفهمه الإيرانيون من التصريحات المتوالية حول ضرورة امتناع اسرائيل عن القيام بأي ضربة عسكرية، في هذه المرحلة، على خلفية أن هذا المسار «يخدم ايران».
وحذّر مسؤول اسرائيلي، مطّلع على تفاصيل المحادثات التي أجراها دونيلون في اسرائيل، من حقيقة أن الايرانيين «يراقبون الخلافات بين الولايات المتحدة واسرائيل» وسيجدون في المعارضة الأميركية لعملية عسكرية تخفيفاً للضغط عنهم». كذلك عبرَّ عن «استيائه» من كلام رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتين دمبسي، لشبكة «سي أن أن»، نهاية الأسبوع الماضي، والذي قال فيها انه «ليس من الحكمة مهاجمة اسرائيل لايران في هذه النقطة»، مؤكداً أن ذلك سيؤدي الى «زعزعة الاستقرار في المنطقة». ولفتت التقارير الإعلامية إلى أن أكثر ما أغضب نتنياهو من أي تقرير أو موقف آخر، كان ما نشرته شبكة NBC قبل اسبوعين، وأكدت أن اسرائيل ستهاجم المنشآت النووية الايرانية عبر صواريخ «اريحا» وقوات كوماندو وطائرات 15I- F.
الى ذلك، التقى دونيلون مع طاقم خبراء اسرائيلي، شمل كافة وزارات الحكومة والاجهزة الاستخبارية، برئاسة مستشار الأمن القومي اللواء احتياط يعقوب عميدرور، المسؤول عن تنسيق الملف الايراني. هذا فضلاً عن لقائه بكل من رئيس الموساد تامير باردو ورئيس أركان الجيش بني غانتس ورئيس جهاز الأمن العسكري «آمان» افيف كوخافي.
وبحسب ما كشف المسؤول الاسرائيلي نفسه، أن الرسالة التي اكد عليها كافة المسؤولين الذين التقاهم مستشار الأمن القومي الأميركي، في تل أبيب، تركزت على ضرورة تعزيز العقوبات والضغط على ايران، خاصة إذا ما كانت واشنطن مهتمة بالامتناع عن الوضع الذي يكون فيه هناك حاجة الى تنفيذ عملية عسكرية ضد ايران، مضيفاً «لقد اوضحنا أنه اذا لم يتم تعزيز الضغوط على الايرانيين الآن، فمن الممكن أن نصل الى الوضع الذي تتحول فيه مسألة كيف حققت ايران سلاحاً نووياً الى قضية يتناولها المعلقون والمؤرخون».
في المقابل، ذكرت مصادر أميركية في واشنطن، أن دونيلون «نقل تقدير الادارة الى اسرائيل والذي شدد فيه على أن التهديد الايراني ليس فورياً، وأن أي هجوم اسرائيلي سيؤدي فقط الى تأخير البرنامج النووي الايراني»، فيما توقعت تقارير أخرى أن تبلغ محاولة اقناع الولايات المتحدة لاسرائيل مرحلة الذروة خلال اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي باراك اوباما ونتنياهو في الخامس من آذار المقبل في البيت الابيض، وفقاً للدعوة الرسمية التي سلمه اياها دونيلون.
ويتوقع المسؤولون في اسرائيل أن يكون لقاء نتنياهو ــ أوباما، محطة اضافية في المساعي الأميركية لثني قادة تل أبيب عن قرار كهذا، في حال وجوده، في المستقبل القريب، على أن يتم التوصل الى تفاهمات مشتركة تتعلق بالخطوط الحمراء المتصلة بالبرنامج النووي الايراني. وقد أكد المسؤول السابق في الادارة الاميركية، لاهارون ميلر، أن أي هجوم اسرائيلي سيكون مثل «قطع العشب»، شارحاً ذلك بالقول «سينبت من جديد، وهذه المرة مع شرعية ونشاط مكثف سيستخدمه الايرانيون من اجل تسريع برنامجهم النووي». بموازاة ذلك، رأى مصدر اسرائيلي رسمي رفيع ان الضغوط على اسرائيل تأتي من كل الاطراف، مشيراً الى أن الولايات المتحدة لا تريد أن تفاجأ ولذا فإنها طلبت من اسرائيل التحلي بالصبر ودراسة كيفية تأثير العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على الجمهورية الاسلامية.