الجزائر | حذّر الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، ناخبي بلاده من مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقررة في العاشر من أيار المقبل، مشيراً إلى أن ذلك فشل سيفتح الباب أمام التدخل الأجنبي في شؤون البلاد. وقال، في خطاب ألقاه قبل يومين في مدينة أرزيو، وهي أهم مرافئ تصدير الغاز في البلاد لمناسبة الذكرى الواحدة والأربعين لتأميم المحروقات: «المشاركة القوية في الانتخابات ستقف سدّاً منيعاً ضدّ التدخل الأجنبي في البلاد. إن نجحتم في الانتخابات، عافاكم الله مما هو مخفي». وذهب إلى حد تشبيه يوم العاشر من أيار بيوم اندلاع ثورة التحرير الكبرى في الفاتح من تشرين الثاني 1954، قائلاً إنه «لا يبالغ حين يشبه التاريخين؛ لأنهما معاً يتعلقان باستقلال البلد وسيادته».وعاد بوتفليقة إلى تجربة الجزائر خلال ما يقارب ربع قرن من الزمن، وقال: «كنا سباقين إلى خوض تجربة ديموقراطية تعددية، ومررنا بمحن صعبة خرجنا منها منتصرين من دون عون ولا نصير. واليوم، إن أردتم الإصلاح والتغيير، فغيّروا من خلال اختيار وانتخاب من يكون جديراً بثقتكم. الشعب يقظ ومستوعب لخطورة المرحلة، وهو لن ينساق وراء مغالطات مشؤومة ومقارنات زائفة، تعود به لعهد بائد تجاوزه الجزائريون إلى الأبد»، في إشارة واضحة إلى القوى التي تدفع إلى العصيان المدني من باب أن التحول السياسي السلس غير متاح في الجزائر.
وكان بوتفليقة قد دعا الهيئات الرسمية والأحزاب المقبلة على الانتخابات إلى العمل على رفع نسبة المشاركة وتفادي السقوط الحرّ، الذي حدث في تشريعيات 2007، حين غاب عن صناديق الاقتراع 65 في المئة من المسجلّين على القوائم الانتخابية، فضلاً عن ملايين لم يسجلوا أصلاً. وانتقد برلمانيون من المعارضة الأسلوب، الذي استخدمه بوتفليقة لمخاطبة مواطنيه، وقالوا إنه استغل نقاط الضعف لدى الجزائريين، لا نقاط القوة فيهم، كما يفترض أن يفعل أي رئيس مع شعبه، حين يكون مقبلاً على استحقاق نافع. فهو استحضر سنوات الإرهاب التي خلفت نحو 200 ألف قتيل ودماراً كبيراً، ووظفها لسحب الناس للانتخاب في مخرج لمنع العودة إلى ذلك الوضع المأساوي. كذلك استغل الحساسية الكبيرة لدى الجزائريين تجاه التدخل الأجنبي، ووظفها أيضاً لتخويف الناس من وضع شبيه بما جرى في ليبيا ويجري الآن في سوريا.
لكن الأحزاب، التي قررت المشاركة في الانتخابات، قرأت الخطاب بإيجابية، على اعتبار أن بوتفليقة قدر الموقف وأعطى بعداً شمل التحديات الداخلية والخارجية تناسباً مع طبيعة هذه المرحلة. وجاء خطاب بوتفليقة تزامناً مع تكثيف ضباط منشقين عن الاستخبارات، يقيمون في أوروبا، من رسائلهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يدعون من خلالها إلى العصيان المدني، ويؤكدون أن كل طرق التحول السياسي السلمي استنفدت ولم يبق غير الثورة. رسائل استجاب لها خصوصاً أتباع جبهة الإنقاذ في البداية، عبر حشد اعتصامات وتظاهرات كسرت الحظر القانوني للتظاهر في قلب العاصمة، كما حصل بعد صلاة الجمعة حين خرج المئات في حي البدر والقبة في مسيرة للمطالبة بالإفراج عن نائب رئيس الجبهة، علي بلحاج، الذي اعتقل بسبب «خرق الممنوعات»، التي تلاحقه منذ خروجه من سجن قضى فيه 12 عاماً بين حزيران 1991 وتموز 2003.
وتجدر الإشارة إلى أن بوتفليقة كان قد التقى بوزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، في العاصمة الجزائر، وبحث معها الإصلاحات السياسية والانتخابات المقبلة والضمانات باحترام نتائجها ومساهمة الولايات المتحدة في وفود مراقبتها، فضلاً عن الوضع الأمني في منطقة المغرب العربي والساحل الأفريقي وغرب المتوسط وإحياء اتحاد المغرب العربي والتواصل مع النظام الجديد في طرابلس.