الجزائر | تعاملت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مع بلدان المغرب العربي الثلاثة التي زارتها بين 24 و26 شباط كفضاء واحد ومتكامل، قالت إنه يستدعي «رعاية خاصة» من بلادها. وحثت كلينتون قادة الدول الثلاث على المضي قدماً في الاصلاحات التي أعلنوها قبل شهور، ووعدت بتقديم الدعم اللازم من بلدها لمواكبتها بما يضمن سلاسة التحولات. كذلك أطلقت رسائل للشعوب المغاربية تدعوها للتفاعل مع هذه الاصلاحات. وأعربت في أول محطة لها في تونس عن أهمية اقامة النظام الجديد على أسس الاختيار الشعبي، وركزت على أن واشنطن تتابع باهتمام بالغ انجازات «ثورة الياسمين».
وتعهدت بتقديم المساعدة المادية لضمان تجاوز الاقتصاد التونسي عثرته الحالية، إضافة إلى تكريس الحريات والنهج الديموقراطي.
وفي الجزائر والمغرب، تفاعلت كلينتون مع الاصلاحات السياسية التي شرع فيها البلدان، واستمعت من مسؤوليهما الى تقارير مفصلة تتعلق بالتعامل مع الهزات السياسية والحركات الاجتماعية التي يشهدها البلدان. ودرست كلينتون مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ملف الانتخابات المقبلة والضمانات الحكومية لحسن سيرها واحترام نتائجها.
وبعد مغادرتها الجزائر بساعات قليلة، أدلى السفير الأميركي هنري إنشر بتصريح لموقع «كل شيء عن الجزائر» واسع الانتشار، جاء فيه: «في حالة عدم مشاركة الجزائريين في عملية الإصلاح التشريعي من خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة، لن تكون لهم أي إمكانية للتأثير على القرارات السياسية التي ستتخذ على كل حال، والتي سيكون لها تأثير مباشر عليهم». وهو ما قرأه المحللون على أنه دعوة أميركية صريحة للجزائريين إلى المشاركة بقوة في الانتخابات المقررة في العاشر من أيار المقبل.
ورجّح البعض أن يكون التصريح نتاج صفقة بين الجانبين الجزائري والأميركي يحتاج تجسيدها إلى دفع الجزائريين بقوة الى صندوق الاقتراع. وتلا التصريح إعلان من مستشار وزيرة الخارجية الأميركية المكلف بالشؤون الدولية وقضايا الشباب، رونان فارو، عن تأسيس هيئة جديدة في السفارة الأميركية في الجزائر تعنى بشؤون الشباب الجزائري ومضاعفة عدد المنح الدراسية التي تمنحها الولايات المتحدة للطلاب الجزائريين في مختلف التخصصات.
وعكس جدول أعمال جولة كلينتون المغاربية اهتمام واشنطن المتزايد بالمنطقة، وتصدرت هذا البرنامج مسائل سبق لهيئات حقوق الانسان الأميركية والدولية أن أثارتها، بوصفها «مؤشرات لاضطرابات قد تعصف باستقرار البلدان المغاربية». في المحطات المغاربية الثلاث التي شملتها الزيارة، أعربت كلينتون عن رغبة بلادها في تعميق التعاون متعدد الأوجه مع الدول المغاربية، وتحدثت في كل محطاتها عن المغرب العربي بوصفه فضاءً سياسياً واقتصادياً واحداً في المنظور الأميركي. وهو ما أعطى الانطباع بوجود رغبة أميركية لإحياء «مبادرة ايزنشتات»، التي تعثرت منذ رحيل بيل كلينتون عن البيت الأبيض، مطلع العقد الماضي، وتحوّل سياسات واشنطن من «الانسياب السلس» إلى التدخل الخشن في أفغانستان والعراق.
وكانت «مبادرة ايزنستات»، التي يرجح المراقبون أن تكون جولة كلينتون المغاربية محرّكاً لإحيائها، قد أطلقها مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق ستيوارت إيزنستات، عام 1998، بعد اجتماعه في واشنطن بوزراء اقتصاد ومالية المغرب والجزائر وتونس، على هامش اجتماع القمة الذي عقده صندوق النقد الدولي. وتقرر بموجب تلك المبادرة العمل على إقامة مناطق تبادل حر بين دول المغرب العربي كفضاء موحد ومتكامل وبين الولايات المتحدة. وتقرر أيضاً أن ترعى أميركا التحولات الاقتصادية في المنطقة، بالاعتماد على تسريع الاستثمارات وتطور القطاع الخاص.