القاهرة | «نشوف الناس ونرتبط بيهم»، هي أكثر عبارة تتردد على لسان خالد علي، المحامي الحقوقي اليساري، كلما تحدث عن حملته الانتخابية لرئاسة الجمهورية، بعدما كان قد أعلن بدءها رسمياً الاثنين، وهو سياق لم يخرج عنه في دردشتة مع «الأخبار». ويستند المحامي الشاب، 42 سنة، في حملته الى شعبية لا بأس بها بين العمال، تراكمت عبر أحكام قضائية استصدرها لصالحهم عبر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي كان يرأسه قبل أن يعلن الاستقالة منه قبل أيام. ومن بين الأحكام تلك «التاريخية» من محكمة القضاء الإداري باستعادة عدد من الشركات العامة الى حوزة الدولة، وإبطال عقود خصخصتها. إلاّ أن اكثر تلك الأحكام دلالة ربما كان الحكم بإبطال خصخصة خمسين بالمئة من أسهم شركة النيل للأقطان في بورصة الاوراق المالية مؤخراً، إذ حمل الحكم إدانة ضمنية لرئيس الوزراء الحالي كمال الجنزوري بعد أيام من توليه المنصب، بما أن الجنزوري كان رئيساً للوزراء أيضاً وقت اتمام الصفقة في تسعينيات القرن المنصرم. ويركز المحامي اليساري في دعايته الانتخابية على خلفيته الطبقية المتواضعة كابن لقرية في محافظة الدقهلية في دلتا مصر. ومما يعرف عن المرشح الرئاسي أنه كان يعمل دائماً في الإجازات، حتى قبل أن يلتحق بالجامعة. فعمل خالد في أعمال مختلفة، بينها حمال للأرزّ، ثم في مصنع للبسكويت، وطوال فترة الدراسة الجامعية ولمدة عام بعد تخرجه عمل في مقهى. إلّا أن علي لم يضمن الى الآن على ما يبدو تأييداً مثالياً من اليسار، وهو ما يعترف به في حديثه لـ «الأخبار»، اذ لم يعلن أي فصيل يساري تأييده الرسمي بعد لحملته، التي تحمل عنوان «برنامج العدالة الاجتماعية». ويقول في مرارة «لا يتعلق الأمر اطلاقاً بالكرسي (المنصب). بل بأن أهلي من اليسار لا يناصرونني... يبدو الأمر أصعب عليّ حتى من مشكلة تمويل الحملة الانتخابية»، فيما يرجح أن يعلن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي موقفه من انتخابات الرئاسة السبت، بينما لم يعلن بعد الاشتراكيون الثوريون موعد إعلان موقفهم النهائي بعد.
وكان علي قد أعلن «ملامح» برنامجه الانتخابي. ورغم عدم اكتماله، الّا أن أبرز ما لفت النظر فيه تركيزه على «ضرورة إنهاء تسييس المؤسسة العسكرية، وخصوصاً تعيين القادة، وإنهاء توغلها في الحياة المدنية، ونقل تبعية الأنشطة الاقتصادية غير العسكرية للقطاع المدني من الدولة، فنحقق بذلك أهدافاً متعددة، كدعم القطاع العام بمؤسسات إنتاجية إضافية وتوفير وظائف جديدة، وترسيخ مبدأ التعيين بالدولة على أسس الكفاءة». والأهم من كل هذا أن «تتفرغ المؤسسة العسكرية لمهمتها الأساسية في تأمين البلاد»، في اشارة إلى نسبة غير معلومة من الاقتصاد المصري يستحوذ عليها نشاط الجيش الاقتصادي، الذي يقع خارج مراقبة البرلمان، إذ تمتلك وزارة الإنتاج الحربي ثمانية مصانع يذهب 40 في المئة من إنتاجها للأسواق المدنية، فيما تملك الهيئة العربية للتصنيع أحد عشر مصنعاً وشركة يذهب 70 في المئة من إنتاجها للأسواق المدنية. أما جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، فينحصر نشاطه في الإنتاج والخدمات المدنية، ومنها «إنتاج مجموعة واسعة من السلع، مثل سيارات الجيب الفخمة، وحاضنات الأطفال، وأسطوانات الغاز للمطابخ، وحتى مواد غذائية من مثل المعكرونة ومنتجات الدواجن واللحوم. ويقدم الجهاز أيضاً خدمات على غرار تنظيف المنازل وإدارة محطّات الوقود المنشرة عبر بقاع البلاد»، بحسب مقال زينب أبو المجد على موقع مؤسسة «كارنيجي للسلام الدولي».
في المقابل، لم يذكر المرشح الرئاسي شيئاً في برنامجه عما يسمى «الخروج الآمن»، أي ضمان تسليم السلطة من قبل المجلس العسكري دون محاسبته عن الفترة الانتقالية، وهو الاتجاه الذي كانت جماعة الإخوان المسلمين أبرز من دعا اليه. وشرح موقفه لـ «الأخبار» بالقول إن «المحاسبة من وجهة نظري ليست انتقاماً أو تشفياً... فلا شيء من وجهة نظري يسمى الخروج الآمن أصلاً، ومن ثم لن أرفضه». وأضاف «المنطق البديهي هو محاسبة الجميع من قبل القانون وحسب».
ومن بين القضايا الغائبة عن برنامجه، نظرته إلى اتفاقية كامب ديفيد بين مصر واسرائيل، إلّا أن علي أكد لـ «الأخبار» أنه لم يعد من المقبول إبقاء أجزاء من سيناء منزوعة السلاح بعد مضي كل تلك الفترة على آخر حرب معهم (الإسرائيليين)، فضلاً عن تأكيده فتح ملف الاسرى المصريين في حرب حزيران 1967 الذين قتلتهم اسرائيل.