عدن | منذ تسلم الرئيس اليمني الجديد عبد ربه منصور هادي مهماته، بات يمكن ملاحظة تزايد وتيرة العنف في المحافظات الجنوبية بنحو غير مسبوق، ما أثار التساؤلات عن دوافع التطورات الأخيرة وخلفياتها، وسط مخاوف الجنوبيين من تكرار سيناريو أبين في عدن. ففي الوقت الذي كان فيه هادي يلقي خطاب تسلمه منصب الرئاسة في البرلمان وتسلمه لمهماته رسمياً في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وقع انفجار كبير في المكلا حضرموت وراح ضحيته أكثر من 25 جندياً. أما يوم الأحد، وبالتزامن مع تسلم قائد المنطقة الجنوبية، العميد صادق صالح حيد مهماته، هاجمت مجموعة من القاعدة معسكرات بالقرب من مدينة عدن. واستطاعت السيطرة على معسكرات وأخذت كل معداتها، بما فيها دبابات ومدرعات وراجمات صواريخ، واتجهت بها إلى منطقة جعار التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة منذُ منتصف العام الفائت، لتؤدي العملية إلى مقتل 103 أشخاص، بينهم قتلى من الجماعات المتشددة. كل ذلك تزامن مع تأكيد مصادر محلية في مدينة جعار، التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة، رؤية عناصر غير يمنيين دخلوا المدينة بعدد كبير، وخصوصاً من الصومال والسعودية وأفغانستان، فضلاً عن ملاحظة تزايد في النشاط الدعائي لتنظيم القاعدة. ووضعت مصادر سياسية التطورات الأمنية الأخيرة في سياق مخطط تقوده أيادٍ عسكرية لها علاقات وطيدة بالجماعات المسلحة في أبين. وأوضحت أنهم يعملون على تزويد الجماعات المسلحة بالمعلومات ويخططون لهم الدخول واقتحام المعسكرات التابعة للجيش.
وقال العقيد خالد اليافعي، وهو في أحد المعسكرات التي ترابط في منطقة دوفس القريبة من زنجبار: «إن ما يحصل في أبين هو مؤامرة ونتيجة الإهمال الذي يتعرض له الضباط والجنود العاديين». وأضاف: «هذه ليست المرة الأولى؛ فقد سبق ذلك حوادث كثير، كان أهمها يوم الانتخابات الرئاسية، حيث أُرسلنا لحماية بعض الدوائر الانتخابية، وحاصرَنا مسلحون وحاولنا الاستغاثة بالقيادة، لكن لم تعرنا أي اهتمام». وتساءل عن أسباب تسارع وتيرة التطورات الأمنية، قائلاً: «كيف نفسر انسحاب النقاط العسكرية بالكامل، وهي كانت تحمي المعسكرات القريبة من عدن؟ وكيف وصل المسلحون فجأة إلى قرب عدن وقضوا على كل المعسكرات التي بطريقهم، ومن ثم انسحبوا إلى جعار بالعتاد الذي سيطروا عليه، ولم يعترضهم أحد ولم تقصفهم الطائرات؟».
في موازاة ذلك، تبادلت القوى المؤيدة للثورة، والمحسوبة على الرئيس اليمني على عبد الله صالح، الاتهامات وسط تحميل كلٍّ منها الطرف الآخر مسؤولية الأحداث الأخيرة. ففيما رأت أحزاب اللقاء المشترك، وتحديداً حزب الإصلاح، أن القوى المرتبطة بعلي عبد الله صالح، وخاصة قائد المنطقة الجنوبية سابقاً، مهدي مقوله، الذي جرى تغييره من منصبه حديثاً، يتحمل المسؤولية كاملة واتهمته بأنه يقف خلف أحداث أبين الأخيرة، وجهت وسائل الإعلام المقربة من علي عبد الله صالح أصابع الاتهام إلى اللواء المنشق علي محسن الأحمر.
تبادل الاتهامات أثار الكثير من الشك والريبة في الجنوب وزاد من نظرية أن ما يحدث في أبين هو تصفية حسابات بين غرماء الشمال، حيث قال الناشط في الحراك الجنوبي، نزار هيثم: «ما يحصل اليوم في الجنوب لعبة واضحة ومفضوحة، والهدف منها صرف الأنظار عن مطالبنا بتقرير مصيرنا وعن النجاح الكبير الذي حققته مقاطعة الانتخابات في الجنوب، وخصوصاً بعدما أصبحت وسائل الإعلام العربية والعالمية تتناول القضية الجنوبية بشكل من التفصيل».
من جهته، رأى المهندس زيد الزهر في ما يجري رسالة للرئيس الجديد، المنحدر من الجنوب، وتحديداً أبين. ولفت إلى أن «الرئيس الجديد ستوضع أمامه المطبات والحفر حتى لا يستطيع القيام بدوره، وخصوصاً في مسألة إعادة هيكلة الجيش وحل القضية الجنوبية».