سبعة قتلى سقطوا للحزب السوري القومي الاجتماعي في محافظة إدلب، منذ بدء الاحتجاجات فيها في نيسان الماضي، بالترافق مع موجة «تطهير سياسي» تعرّض لها الحزب الذي أغلق مكاتبه، واضطر الكثيرون من أعضائه إلى مغادرة المحافظة، ومن بقي منهم، اضطر إلى إخفاء هويته السياسية وموقفه من الأزمة التي تعصف بالبلاد.
النشاط الحزبي توقف تماماً في المحافظة، لكن القوميين الاجتماعيين مصرون على الحفاظ على دورهم كحزب يعرّف نفسه بالمقاومة والعلمانية ورفض المخططات الأميركية، وهم مستعدون لمرحلة التحدي في نظام تعددي تكون فيه الكلمة الفصل لصناديق الاقتراع والعمل الجماهيري.
الحزب السوري القومي الاجتماعي هو آخر الأحزاب المنضوية في الائتلاف الذي يقوده حزب البعث، انضم في عام 2005 إلى الجبهة الوطنية التقدمية التي تحكم سوريا منذ أربعين عاماً، وحصل بذلك على شرعية العمل العلني وافتتح عشرات المكاتب في مراكز المحافظات، وفي مدن وبلدات كثيرة ينتشر فيها مناصروه، ومكّنه من إصدار صحيفة علنية مرخصة. الانضمام إلى الجبهة قوبل برفض قسم من القوميين الاجتماعيين (جناح الانتفاضة) الذين يقودهم اليوم علي حيدر، والمنضوين في الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير، التي تضمهم مع لجنة وحدة الشيوعيين السوريين الذين أسسوا أخيراً حزب الإرادة الوطنية.
الاعتراضات التي وجهها بعضهم إلى التحالف مع البعث هو أن صيغة الجبهة مقيدة للحزب، وغير مضمونة، ويبرهنون على صحة موقفهم اليوم بمشروع الدستور الجديد الذي أقر أخيراً، والذي لم يعد ينص على الجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها حزب البعث.
في خضم عملية أمنية تستهدف المسلحين، تجد المجموعات المسلحة في إدلب القوميين الاجتماعيين هدفاً لها، وتصنفهم حلفاء للسلطة، الأمر الذي يراه القوميون الاجتماعيون نقيضاً لثورة حرية وكرامة، واجتثاثاً لفكر المقاومة والعلمانية، وشداً للمجتمع السوري إلى الوراء، تقف خلفه قوى سياسية خارجية معادية للمقاومة، ومنابر إعلامية تابعة لها.
شهدت إدلب أخيراً وساطات عشائرية ودينية للإفراج عن كوادر للحزب السوري القومي الاجتماعي، بينهم قيادي رفيع المستوى، بعد خطف الجماعات المسلحة لهم. قيادة الحزب رفضت الحديث عن ظروف الخطف، وتحديد الجهات الخاطفة، واكتفت بالقول إن «الخطف جرى على أيدي الجماعات المسلحة التي تواجه الجيش».
مع تصاعد الاحتجاجات في ريف إدلب، أدى قياديون وناشطون في الحزب دوراً في التقريب بين المحتجين والسلطات، وسعى بعضهم إلى الإفراج عن متظاهرين اعتقلوا، وتخفيف الاحتقان، إلا أن هذا الأمر قوبل بسوء فهم من البعض، فاختُطف الكاتب محمد سعيد حمادة وعُذِّب، وهُدِّد بالتصفية، قبل أن تفاجأ معرة النعمان باغتيال مجموعة مسلحة القيادي القومي الدكتور سمير قناطري في صيدليته، وتبين لاحقاً أن القتلة هم من أبناء المعرة نفسها، كان المغدور قد ساعد في إطلاق سراح أقارب لهم، لتتوالى سلسلة الاغتيالات، وتشمل ستة آخرين، فيما يتكتم الحزب عن حصيلة المخطوفين، ومن اعتديَ عليهم، كما روى لـ«الأخبار» مصدر قيادي في الحزب رفض الكشف عن اسمه.
وجِّهتْ إلى الحزب تهمة التعامل مع الأمن، ومحاولة الالتفاف على الثورة، وإبعاد الشباب عنها، الأمر الذي يرفضه المصدر «لكون العلاقة مع السلطات في إحدى قنواتها تمر في أجهزة الأمن، وهذا معروف وعلني في بلد مثل سوريا، بل إن كثيراً من القضايا كان يطلب، محتجو وثوار اليوم، أن نعالجها لهم مع السلطات، فلماذا يتناسون؟».
ويؤكد المصدر أن حزبه «أدى دوراً مهماً في البداية، لمنع أي احتكاك بين المتظاهرين والأمن، وكان حريصاً على عدم إعطاء أي ذريعة لإثارة الناس، الأمر الذي دفع أصابع الفتنة إلى إطلاق النار من مكان معروف على تظاهرة كانت تقطع أوتوستراد حلب ـــــ دمشق، وشرفاء معرة النعمان يعرفون الحقيقة».
تصاعدت الضغوط على الحزب مع إشهار المسلحين لأنفسهم علناً في الشوارع، بعد مرحلة من العمل الخفي، وكثرت الرسائل التي تلقى على أبواب المكاتب الحزبية، ومنازل الكوادر القيادية.
ويتابع المصدر قائلاً إن الحملة على الحزب وصلت إلى ذروة مع تحريض بعض مشايخ الوهابية، ودعاتها في بعض المنابر الدينية على الحزب «الكافر والمعادي للدين والعميل للسلطة وإلى ما هنالك من تهم جاهزة لا تستحق الرد عليها».
عبود عبود، المنفذ العام للحزب في إدلب، قال لـ«الأخبار»: «حاولنا منذ بداية الاحتجاجات أن نؤدي دوراً وطنياً حوارياً، وهذا الأمر أزعج بعض الفئات التي هدفت إلى جر الحراك نحو أجندات أخرى».
التحريض على الحزب، حسب القيادي القومي، «قام به طرفان: تيار المستقبل في لبنان وفضائيات الفتنة. تيار المستقبل أشاع أن حزبنا في لبنان يعطي أسماء المتظاهرين للأمن السوري، وخطف بعضهم وتسليمهم لسوريا، وهذا عارٍ من الصحة ويدخل في باب الثأر من الحزب لدوره المدافع عن المقاومة». ويضيف: «الطرف الثاني، هو فضائيات الفتنة، وما أكثرها، التي حرضت مباشرة على أعضاء حزبنا لتقتلهم و«تطهير إدلب» منهم».
يربط عبود بين المجزرة التي يتعرض لها السوريون القوميون في إدلب ومجزرة حلبا؛ «من نفذوا مجزرة حلبا هم بالضبط من قتلوا سبعة من أعضاء الحزب بدم بارد، ومعظمهم بعد التعذيب والتنكيل، هذا نزوع استئصالي اجتثاثي».
النشاط الحزبي أصيب بالشلل تماماً، وكثيراً ما يجد السوريون القوميون تهديدات على أبواب بيوتهم أو على الشرفات، لم يعد يُرى علم الحزب وزوبعته متدليَّين من شرفة منزل في معرة النعمان، ولم يعد أحد يجرؤ على رفع العلم الوطني على منزله.
ومحافظة إدلب التي يقطنها نحو مليوني نسمة، لا يتجاوز عدد أعضاء السوري القومي فيها 400 عضو، وتخلو بعض مدنها وبلداتها من أي عضو؛ إذ لا منظمة للحزب في قرى وبلدات جبل الزاوية حيث البيئة شديدة التدين، وينظر إلى الحزب فيها على أنه «ملحد وكافر»، فيما التركيز هو في المدن التي كان للحزب فيها حضور تاريخي فيها مثل معرة النعمان وإدلب وجسر الشغور.
يشير عضو حزبي آخر إلى أن «البعض يستغرب أداء كثيرين منا الصلاة في الجوامع باعتبارنا علمانيين، وهذا الجو الذي يحيط بنا انفجر بشكل واسع أخيراً». العضو الذي هُجّر خارج إدلب قال: «نحن حزب علماني، وعلمانيتنا لم تكن موجهة إلى الدين، لكن الفكر الإقصائي التكفيري يريد اجتثاث حزبنا بكل ما يحمله من فكر مقاوم».
عضو آخر اضطر إلى مغادرة قريته قال لـ«الأخبار»: «نعم، هم يكفروننا. والأنكى أن هؤلاء كانوا لفترات طويلة أعضاء في حزب البعث الحاكم، يكفروننا ويتعاملون معنا وكأننا أعداء للدين، وهم متكسبون ومنتفعون من عضويتهم في الحزب الحاكم».
القوميون الاجتماعيون أشاروا إلى أن الكثير من أعضاء الحزب من إدلب أيام العمل السري في سوريا، حاربوا كمقاومين في صفوف جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وهذا للأسف لا يذكر كثيراً اليوم، والبعض لا يرى في الحزب إلا حليفاً لحزب الله، الذي تفتري عليه قنوات الفتنة بالتواطؤ مع جهلة وتصور اعترافات كاذبة لمخطوفين يعترفون بوجود عناصر منه يقتلون المتظاهرين، وهذا الأمر افتراء تقف وراءه دوائر معادية للمقاومة فكراً، لا لحزب الله فقط.



مجموعة عقوبات كندية

فرضت كندا عقوبات جديدة على سوريا أمس، وحظرت جميع التعاملات مع مصرف سوريا المركزي وسبعة وزراء. كذلك تحظر الإجراءات تقديم أي خدمات مالية أو خدمات أخرى ذات صلة إلى أي شخص يقيم في سوريا أو ينوب عنها أو قبول مثل هذه الخدمات منه. وهذه هي سادس مجموعة عقوبات تفرضها كندا على دمشق، وفق ما أعلن وزير الخارجية الكندي جون بيرد (الصورة).
(أ ف ب)

«آر فرانس» تلغي رحلتها إلى دمشق

قالت متحدثة باسم «إير فرانس» إن شركة الطيران الفرنسية ألغت رحلتها إلى دمشق أمس «لأسباب أمنية»، من دون أن تذكر تفاصيل. ولم تتخذ الشركة قراراً بعد بشأن الرحلات الباقية هذا الأسبوع.
(رويترز)

تركيا تتردد في دعوة فرنسا إلى «أصدقاء سوريا 2»

تتردد تركيا في توجيه دعوة إلى فرنسا للمشاركة في قمة مقبلة لأصدقاء سوريا في إسطنبول بسبب موقف باريس من مسألة الأبادة الأرمنية، كما أعلن مصدر دبلوماسي تركي. وقال هذا المصدر، رافضاً كشف هويته: «لم نوجه (بعد) أي دعوة إلى أي دولة، لكننا نتساءل عمّا إذا كنا سندعو فرنسا»، فيما ستستضيف تركيا بحلول نهاية الشهر الاجتماع الثاني لأصدقاء سوريا.
(أ ف ب)

عقوبات أميركية على «الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون»

في موقف تصعيدي جديد، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوري على القائمة السوداء للعقوبات المفروضة على سوريا. وقالت الوزارة في بيان أمس إنها «حددت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوري هدفاً للعقوبات المفروضة على الحكومة في سوريا وفقاً للأمر التنفيذي رقم 13582 الصادر في 17 آب 2011».
(أ ف ب)