الرباط | طفت إلى سطح التطوّرات المغربية خلافات بين بعض مكوّنات حكومة عبد الاله بنكيران، ذات الغالبية الاسلامية، على خلفية ملف قديم ــ جديد في المملكة: رخص النقل، ليُطرَح السؤال باكراً: هل هي بداية التصدُّع داخل الحكومة بعد شهرين فقط من تأليفها؟ وقد انفجرت الأزمة بعد الكشف عن لائحة المستفيدين من تصاريح النقل الخاصة بالحافلات، وهي من أكثر مظاهر الريع الاقتصادي شيوعاً في المغرب. قرار نشر اللائحة رأته بعض مكوّنات الحكومة «انفرادياً» ولم يطرح على جدول أعمال الحكومة.
ونشر القائمة، التي ضمّت أسماء سياسيين ورياضيين ودُعاة دينيين معروفين في المغرب يستفيدون من مداخيل شهرية مجانية توفرها لهم الهبات الملكية، أثار جدلاً كبيراً في البلاد؛ ففيما أثار هذا التطوُّر ارتياح الغالبية العظمى من المواطنين، دعا آخرون وزارة النقل إلى الكشف عن بقية المستفيدين من سياسة اقتصاد الريع، وخصوصاً الرخص المتعلقة بسيارات الأجرة ومقالع الرمال والصيد في أعالي البحار. لكن وزير السكن نبيل بن عبد الله، عن حزب «التقدم والاشتراكية»، انتقد عدم طرح قرار الكشف عن هذه القائمة على جدول أعمال المجلس الحكومي، قائلاً إنه «لم يستشرنا أحد بخصوص نشر هذه اللائحة، كما أنّ استئصال الريع يجب أن يحصل في إطار شمولي، والاكتفاء بالنشر لا يحلّ المشكلة». ودعا عبد الله إلى ضرورة التأكد إذا كان الأشخاص المنشورة أسماؤهم يستفيدون فعلاً من تلك الرخص، في إشارة إلى إحدى قياديات حزبه، كجمولة بنت أبي. في المقابل، أشار رئيس الحكومة بنكيران، إلى أن الملك المغربي محمد السادس طلب منه «الالتزام بروح الدستور»، وأكد، في حوار مع صحيفة «المساء» المغربية، أنه سيعلَن قريباً عن باقي المستفيدين من الرخص الأخرى.
ولم يكن الكشف عن لائحة المستفيدين من الريع الاقتصادي وحده ما أثار حفيظة البعض من داخل صفوف أول حكومة مغربية بعد إقرار الدستور المعدَّل والانتخابات المبكرة، إذ خلّفت بعض تصريحات الوزراء الإسلاميين حول المهرجانات الفنية، مشاعر من عدم الرضا عند عدد من الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي. أحزاب رأت أن التحركات الإعلامية «المتسرعة والسطحية، لا تخدم الانسجام الحكومي»، مرفقين هذا الموقف بالدعوة إلى «عدم تضييع الجهد في تحركات إعلامية تكون مبعث عدم ارتياح». لكن الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بن عبد الله، سارع إلى الطمأنة إلى أنه «لا يوجد أي تصدع داخل الحكومة وكل الأمور تسير على ما يرام». لكنه، في الوقت نفسه، جزم بأنه لن يقبل بأن «تخرج الحكومة عن توجهها الذي صادقت عليه».
وتُعدّ «الكريمات»، أو مأذونيات النقل في المغرب، رخصاً يمنحها الملك لعدد من الأشخاص ممن يستفيدون بموجبها من دخل تدرّه عليهم رخصة حافلة أو سيارة أجرة يقومون بتأجيرها.
ويسود غموض كبير حول كيفية توزيع هذه المأذونيات، ومعايير اختيار المستفيدين منها، إذ أبرزت القائمة التي نشرتها وزارة التجهيز، أنّ جلّ المستفيدين منها هم أشخاص ميسورون، ممّا يعزّز الخطابات التي تتهم شخصيات نافذة في الدولة بالسمسرة والمتاجرة بالمأذونيات.