مصراتة | أثار إعلان مجلس برقة أول من أمس للمنطقة الممتدة من مدينة بني جواد غرباً وحتى أمساعد نقطة الحدود الليبية المصرية (شرق لبيبا)، منطقة حكم ذاتي ضمن نظام فيدرالي، غضب الجماهير الليبية شرقاً وغرباً، فتجمّع حشد منهم منذ ليل الثلاثاء في مدينة برقة أمام مقر المجلس، ولم يغادروا المكان حتى أزال عدد منهم اللافتة الموجودة فوق مبناه، والمكتوب عليها «مقر تجمع التكتل الفيدرالي لولاية برقـة»، فيما دعا أهالي ومؤسسات المجتمع المدني في مدن الإقليم إلى تظاهرة مليونية يوم غد الجمعة، تحت شعار «لا للفيدرالية ولا للمركزية ليبيا وحدة وطنية» وانتشر صداها في كافة المدن الليبية، ما يعكس رفضاً شعبياً لمشروع الفيدرالية. أما رسمياً فكانت التهم تُكال تباعاً.
وفي مصراتة (شرقي طرابلس)، وخلال مؤتمر الميثاق الوطني، دعا رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل، مجلس برقة إلى العدول عن فكرة الفيدرالية، وقال: «نحن كمجلس وطني مستعدون للحوار، نحن لا نقصي أحداً، ولا نهمّش أحداً، ولا نخوّن أحداً»، مشدّداً على أن «ليبيا وحدة واحدة اليوم وغداً ولو بالقوة». وقال إن المعطيات التي استند إليها دعاة الفيدرالية هي موجودة على أرض الواقع، ولكنها ليست مبرراً للانفصال وليست مبرراً لتقسيم ليبيا.
بدوره، نفى رئيس المجلس الأعلى لمحافظة برقة، أحمد الزبير السنوسي، أن يكون الهدف من إنشاء الإقليم هو تقسيم البلاد، قائلاً «إن سبب الإعلان عن الإقليم هو ضعف أداء المجلس الانتقالي»، واصفاً رئيسه بالديكتاتور. وأضاف: «نحن أصحاب الحق في وحدة ليبيا واستقلالها، كما ضحّت بلادنا بعشرات الآلاف من الشهداء، ولم نخن أحداً أو ندّعِ أن وراء شخص أجندة أو غير ذلك».
يأتي هذا السجال بين رئيس المجلس الانتقالي ورئيس المجلس الأعلى لولاية برقة، في وقت أعلنت فيه 120 منظمة ومؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني في مدينة بنغازي رفضها لإعلان برقة إقليماً فيدرالياً. وأصدرت جماعة الإخوان المسلمين الليبية بياناً قالت فيه إن «الرغبة في تطبيق النظام الفيدرالي في ليبيا يمكن أن يكون خطوة في اتجاه التمزيق الكامل للتراب الليبي كما حدث في السودان أخيراً».
واتسعت دائرة الرفض لمشروع الفيدرالية، وقد اتسعت خارج ليبيا؛ فقد أعلنت مصر، على لسان وزير خارجيتها محمد كامل عمرو، «أن قوة ليبيا في وحدتها، وأن مصر حريصة على دعم وحدة ليبيا». أما نائب مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي، فقد لمّح إلى وجود أطراف خارجية وراء المطالب لتقسيم ليبيا، فيما أشار الكاتب السياسي إبراهيم قويدر إلى وجود تسريبات لمكالمات مسجلة بين أزلام النظام السابق مع بعض منظمي اللقاء المطالب بالفيدرالية، واتصالات أخرى بين هؤلاء وبعض الجهات التابعة للاستخبارات السعودية.
ويرى الكثيرون في «المركزية المقيتة» التي تعانيها الدولة الليبية شمّاعة لدعاة الفيدرالية، ويستدل البعض في قولهم هذا بأن من دعوا إلى الفيدرالية بدأوا في دعواهم في وقت كانت تدك فيه صواريخ القذافي مدن الشرق، ما يؤكد «وجود نيات لهؤلاء لتقسيم البلاد».
الناشط والإعلامي الليبي، محمود شمام، وجّه نقداً لاذعاً إلى دعاة الفيدرالية، قائلاً: «أوجه كلامي لدُعاة الفيدرالية: الفيدرالية لا يمكن أن تحميكم من التهميش، الفيدرالية طرح «ساذج»؛ لأن برقة كانت دولة منفصلة ثم قام أجدادنا بإنشاء جمعية عمر المختار وألغوا الفيدرالية». ويمضي الصحافي الليبي عاطف الأطرش إلى ما مضى إليه شمام، قائلاً: «أود تذكير البعض من دعاة الفيدرالية، ألم يحكم الشرق مسؤولون من المنطقة الشرقية. وكان التهميش من أبناء المدن نفسها التي هُمِّشَت».