الجزائر | أوقفت اللجنة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات البرلمانية، المقررة شهر أيار المقبل في الجزائر، نشاطها ثلاثة أيام قابلة للتجديد، متهمةً السلطات بتضخيم قوائم الناخبين بإضافة مئات الآلاف من الأسماء الجديدة في عدة ولايات، بينها عشرات الآلاف من العسكريين. ورمى رئيس اللجنة محمد صديقي بالمسؤولية الكاملة على الحكومة بخصوص تعطيل الإعداد الميداني للانتخابات. وشكك في نزاهة الإدارة والتزامها بتنظيم انتخابات نظيفة. وقال إنه طلب رسمياً من وزارة الداخلية الالتزام بالقانون وبتاريخ إغلاق قوائم الناخبين المقرر قانوناً في 22 شباط. واعتبر تسجيل عشرات الآلاف من جنود الجيش على القوائم بعد هذا التاريخ تجاوزاً وخطراً على العملية الانتخابية برمّتها. وأكد لـ«الأخبار» أن الخروق سُجّلت في عدد من الولايات، من بينها أدرار وبشار وتندوف على الحدود الجنوبية الغربية، فضلاً عن ولايات في المناطق الشمالية ذكر منها واحدة، وقال إن التحقيقات تجري في عدد آخر.
واعتبر صديقي التسجيلات التي وقعت بعد الفترة القانونية، اكتساحاً للقوائم، على اعتبار أن عشرات الآلاف من الناخبين أُضيفوا على القوائم من دون مبرر. وأعطى مثالاً على ذلك ولاية تندوف التي صار عدد الناخبين المسجلين فيها أكثر من عدد سكانها الإجمالي، بعدما ضُمّ إلى قوائمها الانتخابية أكثر من 30 ألف عسكري دفعة واحدة، سُجّلوا كلهم خارج الفترة القانونية. وربط العودة إلى النشاط بقرار الأعضاء، وهم يمثلون مختلف الأحزاب التي ستدخل هذه الانتخابات.
وأدانت كل الأحزاب السياسية، باستثناء التجمع الديموقراطي التابع للوزير الأول أحمد أويحيى وجبهة التحرير الوطني الحاكمة، «التزوير المسبق» بنفخ قوائم الناخبين. وطلب بعضها من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التدخل المباشر «لمنع المزوّرين من ممارسة هوايتهم»، على حدّ تعبير نائب من حركة حزب العمال.
ووصف رئيس حركة «مجتمع السلم» (الإخوان) ما يجري بالخطير، ودعا إلى شطب الأسماء التي أضيفت إلى القوائم حتى تكسب الانتخابات صدقيتها. في المقابل، برّر مسؤولون تسجيل هؤلاء العسكريين على القوائم متأخرين بالتزامات قاهرة، أهمها وجودهم في الميدان لفكّ العزلة عن البلدات والقرى المتضررة جرّاء تساقط كميات كبيرة من الثلوج في مختلف مناطق البلاد. وقال وزير الداخلية، دحو ولد قابلية، إن عشرات الآلاف من العسكريين والضباط شاركوا في إغاثة الناس خلال الفترة المحددة لإعادة التسجيل ما بين 12 و22 شباط، ولم يتمكنوا من الالتحاق، ومن غير الممكن تأخرهم عن الاقتراع لأنهم كانوا في مهمات وطنية، فيما قال نواب من جبهة التحرير إن الجنود الذين كانوا في مهمات إنقاذ وإغاثة «لم يكن لهم الوقت حتى للتفكير في الانتخابات».
من جهة ثانية، خرج وزير الداخلية الجزائري عن سياق هذا السجال بشأن القوائم حين دفع بتهمة جديدة ضدّ اللجنة، حيث أكد أول من أمس أن موضوع القوائم مفتعل، والخلاف الحقيقي بين الجانبين هو على تسيير الغلاف المالي للانتخابات. وقال إن القانون يمنع وضع 5 مليارات دينار (75 مليون دولار) المخصصة لتنظيم الانتخابات تحت تصرّف اللجنة.