الجزائر | تصافح قادة حركات «مجتمع السلم» و«النهضة» و«الإصلاح» ووحّدوا قبضتهم أمام الملأ، أول من أمس، إيذاناً بميلاد تحالف إسلامي لدخول الانتخابات البرلمانية المقبلة بقوائم موحدة. التكتل الجديد سُمي «حلف الجزائر الخضراء»، وأُعلن بدء العمل بميثاق التحالف منذ ساعة توقيعه، حيث أعطى قادة الحركات الثلاث المنضوية فيه، أبو جرة سلطاني وفاتح الربيعي وحملاوي عقوشي، توجيهات لأتباعهم من أجل «العمل على توحيد العمل على كل المستويات في كل ما يتصل بالشأن الانتخابي». الإعداد لإقامة هذا التحالف بدأ منذ أسابيع، وكان من المفترض أن يضم أحزاباً إسلامية أخرى، ليكون بمثابة «قطب إسلامي» يشمل هذه الحركات كافة، لتوحيد أصواتها من أجل «اكتساح الانتخابات، وإلحاق الجزائر بتجارب تونس والمغرب التي حصل فيها الإسلاميّون على الغالبية في البرلمان والحكومة». لكن خلافات سياسية وصراعات زعامة حالت دون تحقيق ذلك، وأدّت إلى تراجع المشاركة في التحالف إلى حدودها الدنيا، لتقتصر على الإسلاميين الموالين للنظام.
خلال حفل توقيع ميثاق الحلف، الذي حضرته شخصيات سياسية ودينية عديدة، تناوب قادة الحركات الثلاث، المتحالفة، على إلقاء خطب تجنبوا خلالها أي خطاب ديني، حيث لم يتفوه أي منهم بالشعارات الإسلامية المعتادة، مثل «الاسلام هو الحل» أو «الدولة الاسلامية»، بل اقتصر حديثهم على الشأن السياسي العام، كالإصلاح الديموقراطي، والتناوب السلمي على السلطة، وأهمية احترام الدستور وقوانين الجمهورية، وحماية الحريات.
وانتقد سلطاني «الذين يسعون إلى تخويف الشعب من الإسلاميين»، في إشارة إلى التيارات العلمانية التي شنت حملة مضادة للحلف سبقت موعد الإعلان الرسمي عن ميلاده.
من جهته، اعتبر الربيعي أن الانتخابات المقبلة ستكون «مرحلة جديدة في تاريخ العمل السياسي في الجزائر، لأن حظوظ الإسلاميين في الفوز هي الأوفر». أما عقوشي حملاوي فقال: «إن توقيع هذا الميثاق حدث تاريخي، فهذه هي المرة الأولى التي تتوصل فيها ثلاثة تشكيلات إسلامية إلى التحالف وتقوم بتجميع قواها لتوفير شروط الفوز من خلال التوافق على ميثاق سياسي وخطاب موحد وقوائم انتخابية مشتركة».
لكن إقامة هذا «التحالف الأخضر» لم تضع حداً للتساؤلات بشأن الثقل الانتخابي الفعلي الذي سيحققه. ففي انتخابات العام 2007، حصلت هذه الحركات الإسلامية الثلاث المتحالفة على 60 مقعداً برلمانياً فقط، ولم يتجاوز مخزونها الانتخابي 900 ألف صوت. ورغم اتحادها ضمن هذا التحالف، فإن المتتبعين يترقبون أن تكون قدرتها على الاستقطاب متدنية، وذلك بسبب تحالفها على مدى سنوات مع النظام الحاكم، واشتراكها في حكومة الائتلاف الرئاسي الموالي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. كما أنها تعرضت في الأشهر الماضية إلى سلسلة من الانشقاقات، حيث انشق عن «حركة مجتمع السلم» نائب رئيسها عبد المجيد مناصرة وعدد من القيادات الأخرى، وأسّسوا «حركة التغيير». أما «حركة الإصلاح»، فقد انشق عنها رئيسها السابق جمال عبد السلام، ليؤسس «جبهة الجزائر الجديدة»، ونجح في اجتذاب قطاعات واسعة من أتباع الحركة. ولم تسلم «النهضة» بدورها من الخلافات الداخلية، حيث غادرها عدد كبير من الكوادر والأتباع، لينضمّوا إلى الحزب الجديد الذي أسسه مؤسس الحركة الشيخ عبد الله جاب الله، وهو «جبهة العدالة والتنمية».
كل هذه الانشقاقات ستؤثر سلباً على أداء أحزاب «التحالف الأخضر» في انتخابات الجزائر التشريعية الشهر المقبل. لكن الخبراء برجّحون أن تتضرر أكثر من مرحلة ما قبل تعاونها مع النظام وانخراطها في الائتلاف الرئاسي. وكان لافتاً أن الشيخ عبد الله جاب الله، المرشح الأقوى لاستقطاب أصوات المعارضة الإسلامية الراديكالية، علّق على تأسيس «التحالف الأخضر» بأنه «حلف المنبطحين، الذين خدموا النظام أكثر مما خدموا الشعب والبلاد والإسلام».