الخرطوم | سجّل حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم في السودان، أول رد فعل رسمي حيال تقدُّم سبعة نواب أميركيين بمشروع قانون يحمل اسم «مشروع قانون سلام وأمن ومحاسبة السودان للعام 2012»؛ فقد قال قطبي المهدي، القيادي في الحزب الحاكم، المدير الأسبق لجهاز الأمن والاستخبارات السودانية، إن «مثل هذه القرارات والمواقف الطائشة تبيّن أن الإدارة الأميركية لم تتعلم من تجربة عشرين عاماً من العداء مع السودان». وتابع إن «واشنطن لم تترك سبيلاً لمحاصرة السودان من خلال استصدار العديد من القرارات الجائرة، لكن كل ذلك لم يؤدِّ إلى شيء، ولم يزد سوى في تدهور احترام البلدان النامية للسياسات الأميركية». وكان الكونغرس الأميركي قد تلقّى رسمياً، الأسبوع الماضي، مشروع قانون تقدم به سبعة نواب يهدف إلى «مدّ إدارة الرئيس باراك أوباما بكل الأدوات القانونية التي تساعد في الوصول إلى سلام شامل في السودان، وإنهاء تجاوزات نظام الخرطوم في مجال حقوق الإنسان». وأشار النائب جيمس ماك جوفرن، أثناء إيداع مشروع القانون لدى الكونغرس، إلى أن «المواطنين في جنوب كردفان والنيل الأزرق يواجهون مجاعة، لأنهم لم يستطيعوا زراعة محاصيلهم بسبب قصفهم من قبل حكومة الرئيس عمر البشير بالطائرات العسكرية». ومن بين النواب الأميركيين الذين تقدّموا بمشروع القانون هذا، النائب فرانك وولف، الذي زار في نهاية شباط الماضي المناطق التي تسيطر عليها «الحركة الشعبية لتحرير السودان ـــــ قطاع الشمال» في مقاطعات النيل الأزرق وجنوب كردفان. وقد أثار دخول هذا النائب الأراضي السودانية من دون تأشيرة دخول من حكومة الخرطوم أزمة دبلوماسية في حينها، بعدما تقدمت وزارة الخارجية السودانية باحتجاج شديد اللهجة إلى نظيرتها الأميركية، بسبب زيارة وولف التي تشكل «انتهاكاً للسيادة الوطنية ودعماً مباشراً للمتمردين» بحسب الوزارة. ورغم أن الخرطوم عادة ما تواجه القرارات الأميركية المعادية لها بـ«التسفيه والتجاهل»، إلا أن الحكومة طلبت هذه المرة، عبر سفارتها في واشنطن، استيضاحاً رسمياً من واشنطن حول «مشروع قانون سلام وأمن ومحاسبة السودان للعام 2012». وفي السياق، أبلغ السفير السوداني في واشنطن، عماد التهامي، المبعوث الأميركي الخاص لدارفور، دان سميث، أن «مشروع القانون هذا يعتمد على معلومات خاطئة بخصوص الأوضاع في النيل الأزرق وجنوب كردفان، ما سيؤدّي حتماً إلى قرارات خاطئة». وأشار السفير السوداني إلى أن المشروع الأميركي استقى بعض بياناته من مسؤول أممي لم يعد يشغل موقعه في المنطقة حين أُعدَّ التقرير الذي صِيغ مشروع القانون بناءً عليه. ولا تزال فصول المواجهة السياسية بين الخرطوم وواشنطن متواصلة منذ عقدين، وبالتحديد منذ أن أدرجت الإدارة الأميركية السودان ضمن «قائمة الدول الراعية للإرهاب» عام 1993. أمر أدى في حينه إلى فرض عقوبات اقتصادية على السودان، تمّ تشديدها من قبل الولايات المتحدة بموجب قانون الحظر التجاري الذي فرض على هذه الدولة الأفريقية عام 1997، وتأثرت به قطاعات اقتصادية واسعة، وبالأخص في مجال النقل الجوي والبحري والاتصالات.
وفي إطار متصل، لمِ تخف الخرطوم غضبها من واشنطن، إثر إعلان وزيرة التعاون الدولي السودانية، إشراقة سيد محمود، الأحد الماضي، إرجاء انعقاد «المؤتمر الدولي للتنمية الاقتصادية في السودان»، الذي كان مقرراًَ انعقاده في إسطنبول في 23 و24 آذار الجاري. واتهمت الوزيرة السودانية واشنطن بعرقلة عقد المؤتمر بسبب وضعها شروطاً إضافية تتعلق بالوضع في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهما مقاطعتان سودانيتان تشهدان نزاعاً مسلحاً بين الحكومة من جهة، و«الحركة الشعبية لتحرير السودان ـــــ قطاع الشمال» من جهة أخرى. ولفتت الوزيرة السودانية إلى أن واشنطن لم تكتفِ بعرقلة المؤتمر فحسب، بل توعّدت بأن تسعى إلى تحريض حلفائها على عدم المشاركة، في حال الإصرار على عقده من دون التطرق إلى مسألة كردفان والنيل الأزرق.