إسطنبول | باتت ملاحقة التصريحات التركية التصعيدية إزاء سوريا، المجردة من أي خطوات ميدانية، مهمة يصعب فهمها بشكل كامل. وقد خرج المسؤولون الأتراك، في الأيام الماضية، بكلام كان الأوضح منذ 15 آذار الماضي، لجهة الحديث عن استعداد تركي لإقامة «منطقة عازلة» أو «آمنة» داخل الأراضي السورية بعدما وصل عدد اللاجئين السوريين، أو «الضيوف»، مثلما يسميهم حكام أنقرة، إلى نحو 16 ألفاً. كلام صدر عن الرجل التركي الأقوى، رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، ولكن كان لافتاً مسارعة «مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى» في أنقرة إلى نفي أن تكون هذه الخطوة قريبة، طالما لم يصدر قرار دولي يؤمّن الشرعية لتدخل عسكري أجنبي في سوريا.
لكنّ الجديد هذه المرة في الموقف الذي ترجمه أردوغان بالحديث عن احتمال فرض منطقة عازلة، أنّه تزامن مع أزمة الصحافيَّين التركيَّين اللذين تشير التقارير إلى أنهما معتقلان لدى السلطات السورية، وأن دمشق «تنوي الابقاء على احتجازهما بهدف مقايضتهما بضباط كبار في الجيش السوري الحرّ موجودين على الأراضي التركية». هذا إضافة إلى معلومات تركية بأنّ أعداد اللاجئين السوريين في تركيا ستزداد بشكل كبير في الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة، في شكل لن يكون بمقدور السلطات التركية تحمُّل كلفته المادية والسياسية والأمنية وحدها طويلاً.
من هنا، يرى مراقبون أتراك أن الكلام على منطقة عازلة تركية لم يعد يقتصر على كونه «كلاماً وقائياً»، بل أصبح اليوم «خطوة رادعة» ضد السلطات السورية. لكن، في المقابل، لا يزال الرأي العام التركي غير مستعدّ لتحمُّل فكرة تدخل عسكري تركي ضد سوريا، وهو ما يرى البعض أن تركيا تهيّئ له بطلبها من المواطنين الأتراك مغادرة الأراضي السورية فوراً تمهيداً لوقف كافة الخدمات القنصلية والدبلوماسية في المدن السورية، وهو ما سيبدأ في 22 آذار عندما تتوقف القنصلية التركية في دمشق عن العمل، لتبقى القنصلية في حلب عاملة. معطيات وجد فيها بعض الاعلام التركي تحضيراً للجوء إلى الخيار العسكري، تحديداً من خلال إقامة منطقة عازلة تشير المعلومات إلى أنها قد تكون قريبة من إدلب، وليس من حلب، ومن شأنها «تغيير موازين القوى لمصلحة المعارضة السورية»، على حد تعبير مصادر تركية. ولكن، حتى أردوغان، عندما أشار قبل أيام إلى استعدادات تركية لإقامة منطقة عازلة، فقد أبقى الموضوع غامضاً، إذ أشار إلى أن أنقرة تدرس «خيارات أخرى بديلة» لم يوضح طبيعتها. وتعقيباً على كلام أردوغان، لفت مسؤولون رسميون أتراك إلى أن إقامة منطقة عازلة تركية داخل سوريا من عدمها، لا تزال محكومة بعامل رئيسي: لن تقيم تركيا مثل هذه المنطقة إلا بعد استصدار قرار دولي يوزع المسؤوليات والتكاليف والتداعيات، مع التوقف عند عامل أساسي، وهو أن تركيا لن تبقى قادرة على انتظار قرار دولي كهذا إن وصل عدد اللاجئين السوريين إلى 50 ألفاً. بناءً عليه، فإنّ تركيا قد تنوي إقامة «شيء جديد»، هو «منطقة آمنة لأهداف إنسانية» داخل الأراضي السورية إذا تجاوز عدد اللاجئين الـ 45 ألفاً، بحسب مصادر صحيفة «حرييت»، لذلك فإنّ المخيمات الجديدة التي تحضّرها السلطات التركية يُتوقع أن تمتلئ تحديداً بلاجئين من مدينة حلب وريفها وفق المصادر نفسها.
وعن هذا الموضوع، يقول دبلوماسي تركي لـ «الأخبار» إنه «عندما استخدم (الرئيس الراحل) صدام حسين الأسلحة الكيماوية ضد أكراد العراق، توافد إلى الأراضي التركية نصف مليون كردي. وفي حينها، لم تكن تركيا تمتلك القدرات التي تمتلكها اليوم لاستيعاب هذه الأعداد البشرية، لكن اليوم الوضع مختلف، إذ إن الحدود السورية ــ التركية هي الأطول (أكثر من 900 كيلومتر) بالنسبة لنا، ونحن نتعاطى مع الموضوع على أنه شأن أمني داخلي». وفي السياق نفسه، شدّد مصدر دبلوماسي تركي آخر، في اتصال مع «الأخبار»، على أنّه «إذا وصل عدد اللاجئين السوريين في تركيا إلى رقم لن نبقى قادرين على تلبية احتياجاتهم، فسنستضيفهم داخل سوريا.
ولفعل ذلك، لن نبقى في انتظار صدور قرار من مجلس الأمن لأنّ هذا الموضوع مرتبط مباشرةً بأمن حدودنا وبالانتظام التركي العام». كلام شدد عليه مصدر في الخارجية التركية لـ «الأخبار»، عندما أشار إلى أنّ تركيا «أنذرت دمشق منذ البداية: قلنا لهم إننا لن نغمض أعيننا عن المجازر المرتكبة عند الطرف الآخر من حدودنا»، في إشارة إلى أنّ خيار اللجوء إلى إقامة منطقة عازلة كان دائماً حاضراً في أذهان حكام أنقرة. وقد ربط البعض بين هذا الكلام وذلك الذي أطلقه أردوغان الجمعة الماضي، ومفاده بأنّ النسخة الثانية لاجتماع «مؤتمر أصدقاء الشعب السوري» في إسطنبول في الثاني من نيسان المقبل «ستولَد عنها نتائج مستقبلية مختلفة» عما نتج عن مؤتمر تونس.
لكن في مقابل كل هذا التصعيد، فإنّ مصادر تركية رفيعة المستوى تحدثت لصحيفة «حرييت» المعارِضة، بعد دقائق من تصريحات أردوغان وتلك المشابهة التي صدرت عن نائب أردوغان للشؤون الأمنية، بشير أتالاي، جازمة بأنّ أنقرة «لن تقدم على خطوة المنطقة العازلة في جميع الأحوال، من دون قرار من مجلس الأمن الدولي». وكدليل على انعدام النية التركية، فإنّ الهلال الأحمر التركي أعلن عن استعدادات تجريها السلطات التركية لاستضافة نصف مليون لاجئ سوري محتمَل.
ولا تزال هناك معارضة تركية كبيرة لسياسة أنقرة تجاه الأحداث السورية؛ وقد ردّ رئيس أكبر احزاب المعارضة، «الشعب الجمهوري»، كمال كليتش دار أوغلو، على أردوغان، بالقول إن «على تركيا ألا تحاول إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية». ونصح أردوغان بألا يقبل بأن يحوِّل تركيا إلى «مقاوِل فرعي» للقوى الغربية تجاه الملف السوري.
وقد حجزت التحذيرات التركية بإقامة منطقة عازلة داخل سوريا، المساحة الأكبر في الاعلام التركي خلال اليومين الماضيين؛ ورأى الكاتب في صحيفة «ستار» الموالية للحكومة، منصور أكغون، أن «التلويح بمنطقة عازلة بات أكبر من احتمال، أي خطوة تركية تهدف إلى ردع النظام السوري». وتابع أن «أنقرة حساسة جداً حيال هذا الموضوع، وهي بالتأكيد ليست متحمسة لفكرة التدخل العسكري الأجنبي في سوريا، رغم أنّ بعض الدول تسعى لدفع تركيا إلى الاقدام وحدها على التدخل عسكرياً».
وأشار إلى أن بعض الدول الأجنبية تحاول إقناع تركيا بأنّ «عدم تدخلها عسكرياً في سوريا سيُفقدها فعاليتها في المنطقة». وحذّر من أنه «إذا تدخلت تركيا عسكرياً، فإنّ سوريا ستردّ وبالتالي سيموت جنود أتراك وسيقع ضحايا مدنيون وسيتضرر النمو الاقتصادي لتركيا وستذهب المداخيل لتمويل الحرب».
من جهته، جزم الكاتب في «ملييت»، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع المؤسسة العسكرية التركية، فكرت بيلا، بأنه «ليس لتركيا مصلحة في التدخل عسكرياً في سوريا نيابةً عن القوى الغربية». وخلص إلى تحذير حكام بلاده من ضرورة التنبُّه «للاستفزازات التي قد تنعكس صراعاً مذهبياً مستورداً من سوريا إلى
تركيا».



شكوى في فرنسا ضد مصطفى طلاس

رفعت جمعية لمساعدة الشعب السوري شكوى في باريس ضدّ وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس الموجود في فرنسا منذ بضعة أيام، تتهمه فيها بارتكاب جرائم حرب. وتعتبر الجمعية السورية من اجل الحرية، التي تقدم نفسها على انها منظمة غير حكومية للمساعدات الانسانية للشعب السوري، ان مصطفى طلاس الذي كان وزيراً للدفاع يتمتع بنفوذ كبير في سوريا من 1972 الى 2004 «يتحمل مسؤولية مشتركة عن جرائم حرب منها مجزرة مدينة حماه في 1982». وكتبت الجمعية في شكواها، التي رفعت الجمعة أمام المحكمة العليا في باريس، «منذ أن علمنا بوجوده في فرنسا نريد ان نستغل هذه الفرصة لرفع شكوى ومحاكمته في فرنسا». وأكدت الجمعية ان لديها «لائحة بأسماء 300 شخص مستعدون للادلاء بشهاداتهم ضد طلاس»، بينهم حوالى 15 «فرنسياً ـــــ سورياً» ما يسمح للقضاء الفرنسي بالتحرك بحسب رئيس المنظمة الهنيدي عبد الناصر.
(أ ف ب)

وصول نحو 200 لاجىء سوري الى تركيا

عبر حوالى مئتي مواطن سوري الحدود التركية السبت الماضي هرباً من اعمال العنف في بلادهم ما يرفع الى 15900 عدد اللاجئين السوريين في تركيا، كما اوردت وكالة أنباء الاناضول التركية. ويجري حاليا اقامة مخيمين جديدين يتسع احدهما لـ 13 الف شخص والاخر لـ20 ألفاً في محافظتي كيليش وشنليورفة لاستيعاب اللاجئين.
(أ ف ب)

«الاتصالات» السعودية تنسحب من رخصة النقال في سوريا

اعلنت شركة «الاتصالات» السعودية أمس انسحابها من منافسة للحصول على الرخصة الثالثة للهاتف النقال في سوريا معللة ذلك بـ «انتهاء صلاحية العرض» و«عدم تجديد مهلة اجراء المزايدة». وكانت وزارة الاتصالات السورية اعلنت منتصف تشرين الثاني 2010 ان ست شركات تتنافس للفوز برخصة ثالثة لتشغيل شبكة الهاتف النقال في سوريا.
(أ ف ب)