جوبا | أكدت الكثير من التقارير الانسانية الصادرة عن المنظمات الدولية أن جنوب السودان سيواجه أزمة إنسانية، وذلك نتيجة لشح الامطار والمواد الغذائية في البلاد. الوضع مرشح للتفاقم بعد القرار الاخير بوقف تصدير النفط عبر السودان، علماً بأن حكومة جوبا تعتمد على النفط بنسبة 98% لتأمين حاجيات البلاد من الموارد المالية.
الممثلة الخاصة للامين العام للأمم المتحدة المعنية بالطفولة المتضررة من الصراعات المسلحة، راديكا كوماراسوامي، أكدت، خلال لقائها هذا الاسبوع الرئيس سلفاكير ميارديت، أن شركاء الامم المتحدة في الشؤون الانسانية قلقون جداً حيال الشأن الانساني في البلاد، وخصوصاً ان هنالك تدفقاً في عدد العائدين من الاطفال والنساء إلى الدولة الوليدة، خلال الاسبوعين المقبلين، من السودان. وحسب راديكا، فإن هذا الوضع يتطلب التعبئة اللازمة وذلك لحماية الاطفال العائدين.
حديث راديكا ليس بعيداً عن تقارير المنظمات الدولية الاخرى ووكالات الامم المتحدة العاملة بالبلاد، إذ أعلنت منظمة الفاو في شهر شباط الماضي، في تقرير مشترك مع اللجنة الدولية للصليب الاحمر، أن هنالك نقصاً خطيراً في المواد الغذائية والرعاية الصحية.
وكشف تقرير مشترك آخر بين منظمة الاغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الغذاء العالمي أن الازمة الانسانية في جنوب السودان تستهدف 4,7 ملايين شخص في عام 2012 مقابل 3,3 ملايين في العام الماضي (2011)، وان هناك من بين هؤلاء مليون شخص عرضة لنقص حاد في الامن الغذائي، وهذا الرقم قد يتضاعف اذا استمرت المشاكل الاثنية وارتفاع اسعار الحبوب الغذائية.
ويرى الكثير من الخبراء انه لا بد من استئناف النشاط الزراعي وتربية الماشية على نحو كبير في البلاد كحرفة رئيسية لسكان المنطقة، بدلاً من الاعتماد على المواد الغذائية المستوردة من الدول المجاورة. وحسب المسح الميداني لمنظمة الاغذية والزراعة، فإن نسبة إنتاج الحبوب الغذائية تراجعت بنسبة 25 في المئة عن المعدل في السنوات الخمس الاخيرة، وقدّر عجز الحبوب الغذائية في عام 2012 بنصف الاستهلاك الاجمالي الذي تحتاج إليه الدولة لهذا العام.
حكومة جنوب السودان، من جهتها، عملت على دعم العمل الزراعي في البلاد، إلا أن الجهود لم تصل الى المناطق الزراعية، بل انحصرت في المدن الكبرى، فمثلاً أقدمت وزارة الزراعة والبنك الزراعي على التبرع بالجرارات الزراعية للمزارعين في المناطق، إلا أنها لم تجد أي اهتمام من المواطنين، فالملاحظ ان معظم سكان المدن الكبيرة لا يحترفون الزراعة مثلما كانوا في السابق قبل اتفاقية السلام الشامل في عام 2005.
إضافة الى ذلك، فقد أكدت وزيرة الزراعة والغابات في الحكومة الاتحادية، بيتي اشان اقاورو، أن الزراعة تواجه تحديات كبيرة بسبب شبكة الطرق بين الولايات، أي المناطق الزراعية والاسواق. وهنالك الكثير من المشاكل البيئية والطبيعية التي قد تسهم بنحو أكبر في الازمة الانسانية، وخصوصاً مع تصريحات نائب وزير البيئة، فليب باليت قدين، الذي قال إن هناك الكثير من التلوث البيئي عبر مياه النيل في شمال مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان.
بدوره، طالب الخبير البيئي في جامعة جوبا، البروفيسور اندرو ليكسون اتيبا، الحكومة بضرورة الوعي لمشكلة التلوث البيئي حتى لا يصبح السودانيون الجنوبيون لاجئي بيئة في المستقبل. واضاف اتيبا «لا بد للحكومة برئاسة رئيس الجمهورية الفريق اول سلفاكير ميارديت، ووزير الشؤون الانسانية ودرء الكوارث جوزيف لوال اشويل، من العمل على إنقاذ الموقف بالشراكة مع المنظمات الدولية العاملة في مجال الشؤون الانسانية، لأن الخطر المقبل أخطر من الحرب الاهلية التي امتدت لعقدين من الزمان»، مؤكداً أن الدولة الوليدة في تموز 2011 قد تواجه الكثير من المشاكل الانسانية.
وعلى الرغم من غنى البلاد بالنفط، دقّ رئيس مركز الإحصاء السكاني في جنوب السودان، ازايا شول رواي، ناقوس خطر جديد يهدد البلاد، مع تأكيده لوجود ثلاث أفقر ولايات في البلاد في مناطق إنتاج النفط في البلاد، وهي واراب وشمال بحر، والوحدة.