رام الله | لا يبدو أن «الاستكشاف» الذي بدأ في الأردن بين الفلسطينيين والإسرائيليين سينتهي قريباً، ذلك أنه بين الفينة والأخرى، لا بد للطرفين أن يلتقيا، وإن من أجل المواجهة وتسجيل المواقف بالنسبة لإسرائيل، أو لانتزاع بعض الحقوق الأساسية بالنسبة للفلسطينيين، وهذه المرة الوجهة بروكسل، حيث ينعقد مؤتمر المانحين الدوليين اليوم.
تحمل وثيقة السلطة المقدمة إلى لجنة تنسيق مساعدات المانحين عنوان «نحو تنمية أكثر عدالة... رغم الاحتلال»، وأكدت فيها أن «الحكومة الفلسطينية ستركز في المرحلة المقبلة على تعزيز عمليات البناء والتنمية في المناطق المصنفة «ج» (الخاضعة بموجب اتفاقيات أوسلو للسيطرة الإسرائيلية)، رغم استمرار الانتهاكات والقيود الإسرائيلية في هذه المناطق، والتي تدمر امكانية التوصل لحل الدولتين». وقد طالبت ورقة السلطة، المجتمع الدولي بدعم هذه الجهود «إن كان لا يزال معنياً بحل الدولتين». وقال رئيس الوزراء سلام فياض، في مقدمة الوثيقة، إنه «بعد تحقيق الجهوزية للاستقلال والسيادة على أراضي دولة فلسطين في حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، سنواصل التحرك لإبقاء حل الدولتين حياً، رغم استمرار هدم إسرائيل للمنازل الفلسطينية وتدميرها للبنية التحتية ومساعيها لتقويض دور ومكانة السلطة الفلسطينية». كذلك تعرض الوثيقة عراقيل الاحتلال التي تعيق تطور الاقتصاد الفلسطيني، وتعيق بشكل كبير عملية التنمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي هذا الموضوع، أشار فياض إلى أنه «بعد تقرير البنك الدولي الذي سيقدم لمؤتمر الدول المانحة، والذي شدد على أن القطاع الخاص الفلسطيني يختنق بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل، فقد وضعت السلطة الفلسطينية العديد من الخطط لتعزيز الاقتصاد الفلسطيني، وتطوير قدراته لتحقيق التنمية المستدامة والاعتماد على الذات». وأوضح أن «الشعب الفلسطيني لا يمكن أن ينتظر حتى نهاية مفاوضات السلام لكي يتم إنجاز بناء المؤسسات وتحقيق التنمية المستدامة التي يعيقها الاحتلال».
كذلك، طالبت الوثيقة الدول المانحة بدعم القطاعات الرئيسية في جميع الأراضي الفلسطينية، بما فيها المواصلات، والزراعة والسياحة التي تساهم بقوة في تنمية الاقتصاد الفلسطيني، وشددت على أن مناطق «ج» والقدس الشرقية تُعتبر من أهم المناطق الجاذبة للسياحة في الأراضي الفلسطينية، كونها مليئة بالأماكن التاريخية والثقافية والدينية، لذلك فإن «تطويرها وتنميتها سيسهمان بشكل كبير في تعزيز قدرات الاقتصاد الفلسطيني».
وفي السياق، قدّمت السلطة في وثيقتها تعهُّدات بمواصلة العمل لتعزيز مبادئ «الحكم الرشيد»، بما فيها المساءلة والشفافية، وتحسين مستوى الخدمات المقدَّمة للمواطنين، ومواصلة بناء قطاعَي العدالة وحقوق الإنسان ومكافحة الفساد، وتحقيق الاعتماد على الذات.
لكن المطالب الفلسطينية لا تعني حصول السلطة على ما تريد، خاصة مع وجود حالة من «عدم الرضى» من قبل تل أبيب التي عمدت حكومتها، عبر تقرير مقابل ستقدّمه إلى اجتماع اليوم، إلى التشكيك بالجهوزية الفلسطينية للدولة، بحجة أن «الوضع المالي الحالي يثير شكوكاً حول ما إذا كانت السلطة الفلسطينية ستكون قادرة على تقليل اعتمادها على المساعدات الخارجية في السنوات المقبلة». ورأت دولة الاحتلال أنه «في زمن عدم اليقين السياسي وعدم الاستقرار الإقليمي، فإن التباطؤ الاقتصادي العالمي يعرقل قدرة المانحين الدوليين على مساعدة السلطة الفلسطينية التي تتمتع بدعم مالي عربي محدود للغاية، وهكذا فإنه بعد ثلاث سنوات متتالية من النمو الاقتصادي المثير للإعجاب في الضفة الغربية، فإن الاستقرار المالي للسلطة الفلسطينية بات الآن موضع تحدٍّ».