نيويورك | اعتمد مجلس الأمن الدولي، أمس، بياناً رئاسيّاً يطالب سوريا بالتطبيق الفوري لمقترح السلام الذي عرضه المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان، ويتضمن تحذيراً مبطناً باتخاذ إجراءات دولية. وبعد مفاوضات مكثفة بين القوى الكبرى، وافقت روسيا والصين على النص الذي قدمته فرنسا ويدعو الرئيس السوري بشار الأسد إلى العمل باتجاه وقف العنف وانتقال ديموقراطي.
والبيان، الذي ليس له قوة قرار رسمي، يقدم دعماً قوياً لأنان المقترح الواقع في ست نقاط عرضها خلال محادثاته مع الرئيس السوري في دمشق في وقت سابق هذا الشهر. وجاءت الموافقة على مسودة البيان الرئاسي بعد إدخال تعديلات كثيرة عليها بحيث باتت مقبولة من الوفود التي كانت تعترض عليها وعلى رأسها روسيا والصين وجنوب أفريقيا والهند وتصفها بأنها لم تكن متوازنة. وباتت الصيغة الجديدة خالية من اعتبار كوفي أنان ممثلاً للجامعة العربية، رغم الإشارة إلى أنه عيّن في هذا المنصب بعد قرارات الجمعية العامة والجامعة العربية. وبات البيان يطالب بعملية سياسية وهدنة إنسانية لمدة ساعتين يومياً، والإفراج عن الموقوفين غير المتورطين في القتال ضد القوات السورية، وإنشاء آلية مراقبة ورعاية لعملية سياسية بين الحكومة والمعارضة تحت إشراف المبعوث الأممي ترمي لإقامة ديموقراطية في سوريا. ولا يتضمن البيان مهلة سبعة أيام للتطبيق.
وكان أمام الدول الأعضاء مهلة حتى الساعة الثالثة بتوقيت بيروت لكي تقدم اعتراضاتها على النص الذي تقدمت به فرنسا، لكن لم تقم أي دولة بذلك. ويطلب النص من الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة السورية «العمل بحسن نية» مع أنان و«التطبيق الكامل والفوري» لخطة حل الأزمة المؤلفة من ست نقاط وطرحها أنان في أثناء محادثاته في دمشق.
ويعبّر مجلس الأمن، في البيان، عن دعمه التام لجهود المبعوث من أجل وضع حد فوري لكافة أشكال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان وضمان وصول المساعدات الإنسانية وتسهيل عملية انتقالية سياسية سورية لبلوغ نظام سياسية تعددي يكون فيه المواطنون متساوين بغض النظر عن انتماءاتهم وعرقيتهم ومعتقداتهم، من خلال بدء حوار سياسي شامل بين الشعب السوري وكافة أطياف المعارضة السورية.
ويمضي البيان قائلاً إنه لتحقيق هذه الغاية يدعم مجلس الأمن دعماً تاماً مقترح الست نقاط الأولية (وشطبت كلمة الخطة) الذي قدمه للسلطات السورية، وحددها المبعوث لمجلس الأمن الدولي في 16 آذار 2012 (وحذفت عبارة كجزء من مقترحه الأولي للسلطات السورية) من أجل التزام العمل مع المبعوث بأسلوب جامع في عملية سياسية تقودها جهات سورية لمعالجة التطلعات المشروعة والهواجس لدى الشعب السوري، ولهذه الغاية التزام تعيين محاور مفوّض عندما يدعى إلى عمل ذلك من قبل المبعوث. وكذلك الالتزام بوقف القتال وتحقيق وقف إطلاق نار فعال بشكل عاجل، يكون بإشراف الأمم المتحدة، للعنف المسلح بكافة أشكاله من قبل كافة الأطراف لحماية المدنيين وإعادة الاستقرار للبلاد. ولهذه الغاية، تتوقف القوات السورية فوراً عن تحريك قواتها نحو، ووقف استخدام الأسلحة الثقيلة، في المراكز السكانية والشروع في سحب التجمعات العسكرية من داخل المراكز السكانية وحولها. ويطالب البيان بتوفير مساعدات إنسانية في موعد مناسب لكافة المناطق المتأثرة بالقتال، ولهذه الغاية، وفي خطوة فورية، القبول بتطبيق لمدة ساعتين يومياً لهدنة إنسانية في كافة المناطق المتأثرة بالقتال وتنسيق الوقت المحدد وأساليب الهدنة اليومية من خلال آلية فعالة، بما في ذلك على المستوى المحلي. كذلك يطالب البيان بـ«تكثيف وتيرة وحجم إطلاق سراح المعتقلين اعتباطياً، بمن فيهم الأشخاص من الفئات الضعيفة والأشخاص الضالعون في تظاهرات سياسية سلمية، وتقديم قائمة من دون إبطاء، ومن خلال قنوات مناسبة لكل الأماكن التي يُحتجَز فيها الأشخاص، والشروع فوراً في تنظيم الوصول إلى تلك الأماكن، والرد من خلال القنوات المناسبة، فوراً على الطلبات المكتوبة للمعلومات وسبل البلوغ، أو الإفراج، المتعلقة بأولئك الأشخاص. إضافة إلى توفير حرية الحركة على امتداد البلاد للصحافيين ومنحهم تأشيرات دخول من دون تمييز، وإحترام حرية الانتماء والحق في التظاهر السلمي كحق مضمون.
ويدعو مجلس الأمن الحكومة السورية والمعارضة العمل بنيات صادقة مع المبعوث نحو تسوية سلمية للأزمة السورية وتطبيق اقتراحه الأولي ذي النقاط الست فوراً وكاملاً. كذلك يطلب من مبعوثه إحاطة المجلس بانتظام وفي وقت مناسب بشأن تطور مهمته. وفي ضوء هذه التقارير ينظر المجلس بالخطوات اللاحقة كما تدعو الحاجة.
تجدر الإشارة إلى أن مجلس الأمن وافق أيضاً على بيان صحافي اقترحته روسيا ويدين التفجيرات في دمشق وحلب في نهاية الأسبوع. وجاء في البيان الثاني أن «أعضاء مجلس الأمن يدينون بأشد التعابير الهجمات الإرهابية التي وقعت في دمشق في 17 و19 آذار وفي حلب في 18 آذار، ما أودى بعشرات القتلى والمصابين». وأضاف: «إنهم يعبّرون عن تعازيهم الحارة لعائلات ضحايا هذه الأعمال الشنيعة». وأشادت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأربعاء بالبيان، وحضت الرئيس السوري على تطبيق خطة كوفي أنان، وإلا فإنه سيواجه «المزيد من الضغوط». وقالت إن الخطوة التي اتخذها مجلس الأمن المنقسم حيال الأزمة في سوريا «إيجابية». ودعت الجيش السوري إلى التمرد ورفض تنفيذ الأوامر التي تصدرها له حكومته لمواجهة المعارضة المسلحة في سوريا، ودعت كذلك رجال الأعمال السوريين الذين لا يزالوا يدعمون النظام إلى العمل لتطبيق بيان مجلس الأمن ومهمة كوفي أنان.
ورحّب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بتبني البيان. وحثّ وزير الخارجية البريطاني السلطات السورية على «انتهاز هذه الفرصة لوقف إراقة الدماء وإظهار التزامها تنفيذ خطة أنان ذات الست نقاط، بما في ذلك سحب الجيش من داخل المراكز السكانية وحولها».