كشفت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» عن مضمون مقترحات وفد الخبراء الأممي الموجود في دمشق، كما عرضها على المسؤولين السوريين، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى على صلة بتركيبة طاقمه الذي ضم ستة خبراء، ثلاثة منهم قدموا إلى دمشق من مقر الأمم المتحدة في نيويورك برئاسة مسؤول في دائرة قوات حفظ السلام في الأمم المتحدة، وهو ألماني الجنسية، فيما الثلاثة الباقون يعملون في مكتب المبعوث الأممي كوفي أنان في جنيف، حيث قدموا مباشرة من هناك إلى سوريا. وبحسب المصادر عينها، فإن الوفد الأممي طرح في اجتماعاته مع المسؤولين السوريين مقترحاً يتكوّن من شقّين، الأول يحدد هدف مهمة أنان، وجاء تحت مسمّى «تصوّر أوّلي عام لآلية مراقبة وقف إطلاق نار، يصادق عليه مجلس الأمن». ويلاحظ هذا الشق أن تصويت مجلس الأمن لمصلحة هذا المقترح سيكون مضموناً إذا وافقت دمشق عليه، نظراً لكون روسيا لن تطرح بوجهه الفيتو، بعدما أعلنت موافقتها على «آلية رقابة محايدة». اما الثاني، فيتفرّع عن «التصوّر العام» ويطرح ثلاث صيغ لتطبيقه، مع ترك الخيار لدمشق لاعتماد واحد منها كآلية متفق عليها للتطبيق. الصيغة الأولى تنص على أن تتم المراقبة عن طريق 150 مراقباً عسكرياً تابعاً للأمم المتحدة، من دون مواكبة أمنية أممية، والصيغة الثانية: 290 مراقباً عسكرياً تابعاً للأمم المتحدة مع 500 جندي أممي لمواكبتهم، والصيغة الثالثة تقترح ألف مراقب تابع للأمم المتحدة بحراسة ألف جندي أممي. وتلفت هذه المصادر إلى وجود صيغة أو خيار رابع، لا يزال الوفد يؤجل طرحه بانتظار نضوج مسار من المشاورات الدولية بشأنه، ولا يزال قائماً حتى الآن، ومفاده «توسيع صلاحية قوات الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة، لتمكينها من تأمين الحماية العسكرية للمراقبين، بدلاً من إنشاء عملية حفظ سلام جديدة مع ما يتطلّبه ذلك من إجراءات طويلة الأمد، ومن آليات عمل مجلس الأمن».
كذلك تشير إلى وجود تصوّر من ضمن رؤية أنان لتطبيق «آلية وقف النار»، هو عبارة عن «وثيقة تعهّد بوقف النار» تلتزم بها المعارضة والحكومة على السواء، علماً أن أوساط الأمم المتحدة تتكتّم على «نوعية هذا الالتزام»، وتعبّر عن شكوكها بقبول «المعارضة المسلحة به». من جهة ثانية، وفيما لم يصدر بيان رسمي عن المجلس الوطني السوري حول البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الامن أول من أمس، قال عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري، سمير نشار، إن هذا البيان «في ظل استمرار عمليات القتل التي تقوم بها قوات بشار الاسد، يعطيه فرصة اضافية للاستمرار في سياسة القمع في محاولة لانهاء ثورة الشعب السوري». ورأى نشار أن المطلوب من مجلس الامن «قرارات رادعة وحاسمة للنظام يكون جوهرها وقف عمليات القتل المستمر التي ترتكبها قوات الاسد، والمجازر التي يتعرض لها الشعب السوري». وقال «نعتقد ان على بشار ان يتنحى ليفتح الباب امام حلول سياسية تجنب سوريا كارثة الحرب الاهلية التي بدأت تلوح في الافق».
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس ان مجلس الامن بعث برسالة واضحة الى سوريا لإنهاء العنف والدعوة إلى بدء حوار بين الحكومة والمعارضة. واعتمد مجلس الامن الدولي الاربعاء بياناً رئاسياً يطالب بأن تطبق سوريا «فوراً» الخطة التي عرضها المبعوث الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان لحل الازمة ويتضمن تحذيراً مبطنا باتخاذ اجراءات دولية. ويقدم البيان الذي ليس له قوة قرار صادر عن مجلس الامن دعماً قويا لأنان والخطة الواقعة في ست نقاط التي عرضها خلال محادثاته مع الرئيس السوري في دمشق في وقت سابق هذا الشهر. وينص على ان مجلس الامن «سينظر في خطوات اضافية اذا لم يلتزم الاسد بتطبيق خطة انان». وتدعو خطة انان الى وقف القتال وسحب القوات الحكومية والاسلحة الثقيلة من المدن التي تشهد احتجاجات، وارساء هدنة انسانية لمدة ساعتين يوميا لافساح المجال لوصول العاملين الانسانيين الى المناطق المتضررة من اعمال العنف.
في هذا الوقت، اكد وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ضرورة وضع «خطة عمل» دولية لإنهاء «المأساة الانسانية» في سوريا. وقال داود اوغلو في فيينا حيث التقى نظيره النمسوي ميكايل شبيندلغر، قبل اجتماع لوزراء الخارجية الاوروبيين في بروكسل، سيشارك فيه الوزير التركي «اضافة الى رسالة مشتركة يجب ان نضع خطة عمل جماعية». واضاف في مؤتمر صحافي «ما زلنا نعتقد ان سوريا تسعى الى كسب الوقت ويجب علينا القيام بشيء لوقف هذا العنف. وحتى تنتهي هذه المأساة الانسانية يجب ان نتحرك معاً». وفي السياق، لفت إلى أن بقاء نظام الأسد هو أمر «عكس مجرى التاريخ»، وهو بالتالي «شبه مستحيل». وتابع أن «نظاماً يقاتل ضد شعبه محاولاً الحفاظ على الوضع القائم، لا يمكن أن يبقى».
وتشارك وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في مؤتمر «اصدقاء سوريا» الذي يعقد في اسطنبول مطلع الشهر المقبل، بحسب ما افادت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فكتوريا نولاند. بدورها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أمس، أن كوفي أنان سيزور موسكو هذا الأسبوع. ونقلت وسائل إعلام روسية عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، قوله إن أنان سيزور موسكو هذا الأسبوع على أن يتوجه بعدها إلى بكين، وربما الى بعض العواصم الأخرى. وأضاف بوغدانوف أن وفداً من المعارضة السورية سيأتي إلى موسكو قريباً، مشيراً إلى إمكانية لقائه بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وقال «إنهم مستعدون للمجيء اليوم. هذا الوفد سيمثل هيئة التنسيق الوطنية، المعارضة في الداخل وفي الخارج، وأتوقع أن يلتقي بوزير الخارجية». بدوره، اعرب وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه امس عن امله في ان يتيح البيان الرئاسي لمجلس الامن الدولي التوصل الى وقف لاطلاق النار في سوريا، مشيراً الى «حلحلة» في الموقف الروسي من المسألة.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)



«المجلس العسكري في دمشق وريفها»

اعلن عسكريون سوريون منشقّون أمس تأسيس مجلس عسكري في دمشق وريفها لتنظيم تحركات المنشقين عن القوات النظامية في هذه المنطقة، في وقت أعلن فيه قتل 26 شخصا في اعمال عنف متفرقة في البلاد، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وتلا العقيد المنشق خالد محمد الحمود بياناً اعلن فيه «تشكيل المجلس العسكري في دمشق وريفها ليكون هذا المجلس الراعي لشؤون واعمال كتائب الجيش السوري الحر في هذه المنطقة»، بحسب ما اظهر تسجيل بث على الانترنت. وقال المتحدث باسم «مجلس قيادة الثورة» في ريف دمشق احمد الخطيب ان المجلس العسكري سيأخذ على عاتقه «تنظيم المقاتلين وتشكيل المجموعات بناءً على الخبرة التي يتمتع بها الضباط المنشقون». واضاف «ان وجود قيادة واحدة للمنشقين عن جيش الاسد يعطي ارتياحا للجهات التي ترغب بدعم الجيش السوري الحر». وكان الخطيب اوضح قبل ايام ان العناصر المنشقين في ريف دمشق يتوزعون على «7 كتائب، اكبرها كتيبة الفرقان في الغوطة الغربية (عرطوز وداريا والكسوة والمعضمية)، وكتيبة ابو عبيدة بن الجراح في الغوطة الشرقية (دوما وحرستا وسقبا وعربين)، وكتيبة سباع الجرد في القلمون (يبرود ورنكوس وعسال الورد وغيرها)».
(أ ف ب)