مصراتة | أدى اختطاف موظف في شركة الكهرباء الليبية وقتله على أيدي رجال من قبيلة التبو، يوم الأحد الماضي، إلى سقوط 31 قتيلاً في اشتباكات تواصلت حتى وقت متأخر أمس، بين رجال تابعين للقبيلة ومسلّحي المجلس الوطني الانتقالي، فيما تصاعد الموقف أمس مع اتهام زعيم قبيلة التبو، عيسى عبد المجيد منصور، السلطات الليبية الانتقالية أمس بتدبير خطة «للتطهير العرقي» تستهدف قبيلته، ملوّحاً للمرة الأولى بالانفصال، بعد أسابيع قليلة من إعلان مجلس برقة نيّته اعتماد الحكم الذاتي.
وقال منصور في تصريح إلى وكالة «فرانس برس»: «نعلن إعادة تنشيط جبهة التبو لإنقاذ ليبيا (حركة معارضة في ظل النظام السابق) لحماية التبو من عملية تطهير عرقي. وإذا دعت الحاجة، فسنطالب بتدخل دولي، وسنسعى إلى إنشاء دولة على غرار جنوب السودان». وأضاف منصور، الذي أعلن حل حركته بعد سقوط النظام في ليبيا في آب الماضي، «تبيّن أن المجلس الوطني الانتقالي (الحاكم) ونظام القذافي لا يختلفان. للمجلس الوطني الانتقالي خطة للقضاء علينا». وتابع «قلنا إن وحدة ليبيا فوق كل اعتبار. لكن الآن علينا أن نحمي أنفسنا والأقليات الأخرى». وأوضح زعيم التبو، الذين يقيمون في جنوب ليبيا وشمال تشاد والنيجر، أنه «اليوم تحوّلت المشكلة من نزاع قبلي إلى نزاع عرقي»، مؤكداً أن «الهجمات تستهدف أي شخص بشرته سوداء».
وكانت هذه القبيلة قد أدّت دوراً أساسياً في الثورة على القذافي في جنوب البلاد.
وكانت التوترات قد بدأت مساء الأحد الماضي حين خطف مسلحون من «التبو» موظفاً يعمل في شركة الكهرباء الليبية في مدينة سبها وقتلوه وسرقوا سيارته، ما دفع عناصر المجلس الانتقالي إلى تمشيط المدينة للبحث عن السيارة، ووصلوا إلى حي يعرف باسم «كبمو الطيوري» الذي يسكنه «التبو».
وأدى ذلك إلى اندلاع الاشتباكات بين الجانبين استمرت حتى يوم أمس، فيما أفاد الطبيب عبد الرحمن العريش، الذي يعمل في مستشفى المدينة التي تقع على بعد 750 كيلومتراً جنوبي طرابلس، بأنه «اليوم (الثلاثاء) بلغت الحصيلة 15 قتيلاً و63 جريحاً»، مضيفاً أن 16 شخصاً قتلوا وأصيب ستون آخرون بجروح أول من أمس.
من جهته، أكد مدير الأمن الوطني في مدينة سبها، محمد أبو سيف، عودة الهدوء نسبياً إلى المدينة، وتوقف عملية تبادل إطلاق النار، موضحاً أن هناك مساعي يبذلها حالياً وجهاء وأعيان قبائل منطقة فزان، للتوصل إلى تسوية الوضع وعودة الاستقرار إلى ما كان عليه. وقال مدير الأمن الوطني إن ما يجري في سبها ليس له أي أبعاد أو دوافع قبلية. وتابع أبو سيف أن التبو أنفسهم استنكروا ما تقوم به تلك المجموعة ويسعون بدورهم إلى الصلح ووقف إراقة الدماء بين الجانبين.
ولم يستبعد المسؤول الأمني أن تكون تلك المجموعة مموّلة من «أزلام» النظام السابق المقيمين في النيجر ومالي. وقال إن «تلك المجموعة المارقة مموّلة من قبل الذين لديهم مصلحة في عدم استقرار ليبيا وتحقيق أمنها». وشدد أبو سيف على أنه «لم نتلقّ أي دعم من الحكومة حتى هذه اللحظة، ولم يصل أي عنصر من الجيش الليبي للمساعدة في إعادة الأمن والاستقرار إلى المدينة».
غير أن عضو المجلس الوطني الانتقالي المندوب عن سبها، عبد المجيد سيف النصر، أكد من ناحيته أن المدينة تحت سيطرة المجلس العسكري وقوات الجيش الوطني، وأن الوضع الأمني في المدينة مستقر حالياً.
في غضون ذلك، قال نائب وزير الداخلية الليبي عمر الخضراوي، للتلفزيون الليبي، إن الوضع حساس وبالغ الخطورة، وإن الوزارة تتابع الوضع، فيما يعمل قائد الجيش على إرسال فريق دفاعي إلى سبها.